سياسة

بعد مغادرة بريطانيا.. أوروبا تسأل ميركل: ما العمل؟

بعد مغادرة بريطانيا.. أوروبا تسأل ميركل: ما العمل؟

رويترز- PAUL TAYLOR

ترجمة: فاطمة لطفي

عندما تزداد الأمور تعقيدا في أوروبا، تتجه أنظار الجميع إلى أنجيلا ميركل بحثًا عن حل.  لكن المستشارة الألمانية عادة لا تفعل شيئًا قبل الدقيقة الأخيرة، ثم تقوم بالحد الأدنى الضروري، لتبقي العرض قائمًا.

منذ صدمة تصويت الشهر الماضي بمغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، اتجهت أعين الجميع على برلين لإظهار طريق للخروج من الخطر الذي ستواجهه 27 دولة.

وكالعادة، ميركل، الزعيمة الأكثر قوة وخبرة في أوروبا، تنتظر بصبر الوقت المناسب وتسمح لهم ببث خلافاتهم دون الإفصاح عما تراه ملائمًا، قبل أن تغادر لعطلتها الصيفية لمدة ثلاثة أسابيع هذا الأسبوع.

وبالكاد أحصيت الأصوات في بريطانيا، هرع مستشارها السابق زيجمار جابريل، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ورئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز لوضع خطة بعشر نقاط لإعادة تأسيس أوروبا.

الامتعاض الذي انتاب الكثير من المواطنين الذين تشكّكوا في قدرة أوروبا على بناء مستقبل أفضل، طالبوا بأوروبا أكثر اتحادًا مع المفوضية الأوروبية وإلى سياسة أكثر مرونة وإلى زيادة في النمو الاقتصادي والتحوّل من التقشف إلى الاستثمار في النهضة الصناعية.

أوقف وزير المالية فولفجانج شويبله، العمل بهذه الأفكار على نحو مُتطرّف، رافضًا أي حاجة إلى إنفاق على عمليات التحفيز الاقتصادي، وأكد مجددًا على أن هدفه هو الوصول إلى ميزانية متوازنة بحلول عام 2020 في وقت فيه الكثير في أوروبا يلتمس من برلين اقتراض المال خاليًا من الفوائد والاستثمار على نحو هائل في البنية التحتية.

كما رفض تقبل أن الدول التي لديها فائض مثل ألمانيا، والتي لديها فائض حساب جاري ضخم من ثمانٍ نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، يجب أن تساعد البلدان الفقيرة التي تعاني من العجز على التكيف من خلال زيادة الإنفاق على الاستثمارات العامة وزيادة الاستهلاك.

يعرقل شويبله الخطوات القادمة في تقاسم مخاطر منطقة اليورو، عبر إنشاء نظام تأمين الودائع المصرفية الأوروبية ومساند مالي لصندوق قرار فردي لمنطقة العملة الحالية للمساعدة في تقليص البنوك المفلسة.

أشرف وزير المالية البالغ من العمر 71 عامًا أيضًا على تأجيل أي إجراء لتخفيف عبء الديون على اليونان حتى انتخابات ألمانيا المقرر قيامها في سبتمبر العام المقبل واستطاع المناورة لتأجيل الدعم العام للبنوك المتعثرة في إيطاليا قائلًا إنه لا يوجد أزمة حادة.

الأقل عرضة

حتى الرئيس الألماني لصندوق إنقاذ منطقة اليورو، كلاوس ريغلينغ، قال الأسبوع الماضي إن برلين وشركاءها بحاجة إلى فعل اللازم لجعل منطقة اليورو أقل عرضة للصدمات.

إعادة هيكلة الديون المعدومة للبنوك الإيطالية وإجبار المستثمرين بما في ذلك المدخرين بالتجزئة لتحمل الخسائر قبل حصولهم على أي مال عام في ظل قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة لانتعاش البنوك والقرارات التي من الممكن أنها أفضت حرفيا إلى ذلك النوع من صدمة ما بعد التصويت.

ودعا ريغلينغ لاستكمال الاتحاد المصرفي الأوروبي عبر إدراج نظام تأمين الودائع بعد فترة إنتقالية. كما دعا أيضًا إلى سعة لميزانية محدودة لمنطقة اليورو لتخفيف الصدمات الاقتصادية التي تضرب بعض البلاد.

كلا الاقتراحين حتى الآن لعنة، كما يراهما ريغلينغ، الذي حذّر من أن اتخاذ خطوات كهذه من شأنها أن تؤدي إلى تحويلات من الشمال إلى الجنوب داخل الاتحاد النقدي.

على الأقل يوجد جدال في ألمانيا حول إذا كان يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقوم باسترجاع “قوة ارتفاع الأسعار وانخفاضها”وتخطّي صدمة خسارة بريطانيا، ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا.

في كثير من دول الاتحاد الأوروبي، ذهب السياسيون إلى لوم بروكسل ببساطة، مع إلقاء المسؤولية على رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

من المؤكد، أن يونكر قد أسهم في الشعور بالفوضوية أولا عبر محاولته الاندفاع في اتفاقية تجارية بين الاتحاد الأوروبي وكندا عبر البرلمان الأوروبي دون إتاحة أن يكون للمشرعين الوطنيين رأي في هذا الشأن. ثم تراجع بعد ضغط من الحكومات.

النتيجة هي أن اتفاقية كندا يمكن أن تتعثر لشهور، ربما إلى أجل غير مسمى، وفرص الحصول على شراكة تجارية واستثمارية أكبر وملموسة مع الولايات المتحدة يبدو احتمالا بعيد المنال.

وعدم وجود تقدم في الاتحاد المصرفي أو النقدي، وحالة جمود التجارة،لا يترك مجالا لاستعادة الثقة في السوق العام والمالي في أوروبا.

أصدر وزيرا الخارجية الألماني والفرنسي مقترحات مشتركة أكثر اعتدالا بالنسبة للاتحاد الأوروبي للتركيز على الأمن الداخلي والخارجي، وإدارة الهجرة وتدفق اللاجئين، وتعزيز الاقتصاد وخلق فرص العمل.

المقترحات المكونة من تسع أوراق، لن تستوجب تغيير معاهدة تأسيس الاتحاد الأوروبي مع مخاطر حدوث هزائم لاستفتاءات أخرى، كما دعت إلى اتفاقية للأمن الأوروبي مع سياسات أمنية وخارجية موحدة وتكوين سلسلة مدنية وعسكرية دائمة لإدارة الأزمات.

لكن عندما تعلق الأمر باليورو، القلب الاقتصادي للمشروع الأوروبي، فإن اقتراحاتهم بوضع تدابير تعزيز الاستثمارات عبر البلاد ذات الفائض المالي والتي تملك قدرة وميزانية مالية في منطقة اليورو، واجهت نفس العقبات في وزارة المالية الألمانية.

رحبت ميركل بشكل عام بالمقترحات الفرنسية الألمانية وركزت انتباهها على ثلاثة موضوعات رئيسية، الهجرة، الأمن، وخلق فرص العمل. لكن عما إذا كانت مستعدة لفرض سيطرتها على شويبله وتحمّل المخاطر السياسية الانتخابات الاتحادية للعام المقبلفهوأمر مشكوك للغاية.

لكن دون مبادرة لتوفير هواء جديد بعد ضربة مغادرة بريطانيا للاتحاد، يبدو الاتحاد أكثر عرضة لصدمة خارجية قادمة، سواء كانت من مسلحي الدولة الإسلامية، أو البنوك الإيطالية، أو زيادة جديد أخرى في أعداد المهاجرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى