سياسة

الجارديان: هجمات بروكسل ..شبكة ”عبدالسلام“ مازالت “ترهب”

الإرهاب في أوروبا لم يعد ينفذه ”ذئاب منفردة“ بل مواطنون متأصلون في المجتمعات والضواحي الحدودية

الجارديان – جون بروك – ترجمة: محمد الصباغ

هجوم انتقامي؟ دليل على خلية جديدة وعدم كفاءة الأجهزة الأمنية؟ أم إشارة إلى أن شبكة “صلاح عبدالسلام”، الداعم اللوجيستي لهجمات باريس العام الماضي الذي قبض عليه في بروكسل الجمعة، مازالت تعمل؟ أم بعيداً عن كل ذلك، مع التفاصيل القليلة التي نمتلكها عن هجمات صباح اليوم؟

تشير تفجيرات بروكسل إلى نقاط متنوعة وهامة. أولهم، وبوضوح أن أي تهديد من المسلحين الإسلاميين لأوروبا قد يرتفع ويتراجع، لكن لن يختفي مع القبض على أحد الأفراد، مهما كان المحاولات. ضربة الجمعة الكبرى، تبدو أقل في التأثير.

أما النقطة الثانية فهي أن كلاً من الإرهابيين ومن يحاولون إيقافهم، يسعون للمبادرة. هذا عامل نفسي وعملي. بالنسبة لسلطات مكافحة الإرهاب، الهدف هو الحصول على المعلومات الكافية سريعاً من أجل القيام بحملات والوصول إلى المشتبه بهم قبل حتى أن يكون عندهم الوقت لاكتشاف من من بينهم قد تم تتبعه أو سرّب حديثاً، ناهيك عن التخطيط في هجمات جديدة. تسقط الشبكات سريعاً مع هذا الضغط بلا هوادة، كما ظهر في العراق في منتصف العقد الماضي.

أما بالنسبة للإرهابيين، فالهدف هو إظهار أنهم مازالوا قادرين على الإرهاب، والاستقطاب والحشد باستخدام العنف. لا يرتبط كثيراً بالانتقام، لكن ببساطة يظهر قدرة مستمرة. يقولون إنهم ربما تراجعوا لكنهم لم يخرجوا من الصورة.

من المحتمل جداً أيضا أن شبكة المتطرفين أرادت التحرك قبل قيام الأجهزة الامنية بأي فعل بناءًا على معلومات كشف عنها عبدالسلام، المعروف تراجعه عن تنفيذ هجوم انتحاري وربما اعتبر رفاقه أن ذلك سابقة تآمر ومن المحتمل أن يتعاون مع السلطات.

قال وزير الخارجية البلجيكي، ديدييه رايندرز، الأحد إن عبدالسلام قال للمحققين إنه كان يخطط لهجوم جديد في العاصمة. وأضاف: ”كان على استعداد لبدء شئ جديد في بروكسل، وربما يكون حقيقياً لأننا وجدنا كمية كبيرة من الأسلحة، أسلحة ثقيلة، في التحقيقات الأولية ووجدنا شبكة جديدة من حوله في بروكسل.“

ربما كانت تلك الشبكة قادرة على العمل قبل أن توقع بها الأجهزة الأمنية. من المحتمل أن من بينها رجلين آخرين من المشتبه بهم في تنفيذ هجمات باريس، والهاربين منذ نوفمبر.

اختفى البلجيكي من أصول مغربية، محمد أبريني، 31 عاماً، بعد مزاعم بقيامه بدور رئيسي في التخطيط والدعم اللوجيستي لهجمات نوفمبر. كان صديق الطفولة بالنسبة لعبدالسلام-كما كانت عائلتيهما جارتين في ضاحية مولينبيك في بروكسل، حيث ينتمي معظم منفذي هجمات باريس- وتم وصفه في مذكرة القبض الدولية التي صدرت منذ أربعة أشهر بأنه ”خطير وربما مسلح.“

كما تبحث الشرطة أيضاً عن مسلح اسمه المستعار، سفيان كيال. كان الرجل قد أظهر أوراق مزورة عند عبوره من الحدود النمساوية المجرية في 9 سبتمبر. كان يسافر مع عبدالسلام ومحمد بالقايد، الجزائرة صاحب 35 عاما الذي قتل الخميس خلال حملة أمنية ببروكسل. سافر الثلاثة كسياح في عطلة إلى فيينا ولم يثيروا الشبهات.

لكن الشبكة ربما تضم كثيرين آخرين. يتضح ذلك من حجم الوقت الذي قضاه عبدالسلام هارباً وكان يتكفل به العشرات وربما أكثر من ذلك. تلك حقيقة التطرف الإسلامي المعاصر في أوروبا. لا يتعلق بما يسمى الذئاب المنفردة أو العناصر الفردية، لكن مجموعة صغيرة لكن بارزة من الأشخاص الذين هم جزء لا يتجزأ من المجتمعات أو الضواحي الحدودية.

هؤلاء الأشخاص ربما تشاركوا مع المهاجمين المتطرفين في وجهات النظر، أو على الأقل جهزوا لمساعدتهم من منطلق العلاقات الأسرية أو علاقات الصداقة أو كليهما. أظهرت الدراسات أن نسبة كبيرة من المهاجمين المسلحين يتحدثون إلى غيرهم من الدوائر الاجتماعية القريبة، ويلمحون إلى خططهم.

بعضهم يذهب إلى الشرطة. ويعتقد أن تحذيراً من داخل دائرته المجتمعية أرشد السلطات الأمنية إلى عبدالسلام، وفقاً لوسائل الإعلام الفرنسية. ربما لا يفعل آخرون ذلك.

المشكلة للأجهزة الأمنية تكمن في أن هؤلاء الأفراد الذين دعموا فقط المسلحين دون التصرف بعنف بأنفسهم ربما يتحولون بسهولة إلى مفجرين أو مسلحين في حالات معينة.

عبر العقود الأخيرة، معظم الهجمات في أوروبا تورط فيها محليون وأهدافهم محلية واستخدموا أدوات وأسلحة من مصادر محلية. ومن المحتمل أن يكون الأمر كذلك في هجمات بروكسل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى