سياسة

التايم: الأسباب الحقيقية وراء شراء مصر طائرات رافال الفرنسية

تايم الأمريكية: مصر تمتلك بالفعل أكبر قوة جوية في أفريقيا،  فلماذا اشترت طائرات فشلت فرنسا في بيعها لمدة 20 عاما

التايم – نوح ريمان – ترجمة: محمد الصباغ

عقب عشرين عاماً من البحث وجدت فرنسا أخيراً من يشتري مقاتلاتها من طراز رافال. وأعلن الرئيس الفرنسي أولاند يوم الخميس أن مصر ستشتري 24 طائرة مقاتلة كجزء من صفقة تقدر ب 5.2 مليار يورو، ويتوجه وزير دفاعه إلى مصر الإثنين لتوقيع الاتفاق.

بدأت فرنسا في استعمال طائرتها ”رافال“ محلية الصنع عام 2006، ووضعتها تحت الاختبار في بلاد مثل أفغانستان، وليبيا، ومالي، وهي الآن تُستخدم في غارات قوات التحالف التى تقودها أمريكا ضد تنظيم الدولة الإسلامية. ولكن تعاني شركة ”داسو“ المصنعة للطائرة في عملية بيعها خارج فرنسا. وفشلت محاولات عقد صفقات مع بلدان كالمغرب والبرازيل وليبيا وأيضاً سويسرا، فيما تجري مفاوضات مع الهند وقطر لبيعها.

وهنا ظهرت مصر، التى قال عنها رئيس الوزراء الفرنسي أولاند في بيان إنها ترغب في ”شراء طائرات حربية بسرعة، بسبب المخاطر التى تواجهها“. وأضاف: ”أعتقد أنه نظراً للوضع الراهن، من المهم أن تكون مصر قادرة على تحقيق الإستقرار و الأمن”.

مازالت مصر محدودة الميزانية تبدو كمشتر مفاجئ للطائرات الفرنسية. وتمتلك مصر بالفعل أكبر قوات جوية في إفريقيا. وبشراء الرافال، أحد أكثر المقاتلات تطورا وتعقيدا في السوق، فمن غير المحتمل أن تعزز تلك الطائرات قدرة مصر بشكل ملحوظ في القضاء على عمليات التمرد على الأرض.

ويقول خبراء إن شراء مصر لتلك الطائرات يهدف إلى تنويع مصادر تسليح قواتها. ويعد الجيش المصري من اكثر العملاء المعتمدين على التسليح الامريكي بفضل المعونة العسكرية التى تقدر بمليار دولار سنوياً وتنفق مصر أغلبها على المعدات العسكرية الأمريكية. لكن واشنطن أوقفت تلك المساعدات عقب إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي عام 2013 وشن حملات أمنية ضد مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين.

عقب عودة المساعدات توترت العلاقات. ومع بداية هذا الأسبوع استضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الروسي فلاديمير بوتين في القاهرة ووقع الطرفان على خطة مشتركة لبناء أول محطة مصرية للطاقة النووية. وبعقد الصفقة الفرنسية، يعلن السيسي مرة أخرى أن حكومته لا تعتمد فقط على الولايات المتحدة. ويقول جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية” ”مصر كانت تعتمد على الولايات المتحدة، ثم بدأت في اتخاذ ترتيبات احترازية حتى لا يتم الضغط عليها من الكونجرس لتغيير سياستها مع المعارضين.. بوضوح هى توجه رسالة (لأمريكا)”.

من المؤكد أن مصر تواجه تهديدات على جبهات متعددة. ففي شبه جزيرة سيناء المضطربة، أعلن المتمردون الإسلاميون ولائهم للدولة الإسلامية في العراق والشام، وشنوا هجمات عنيفة على الجيش والمنشآت النفطية. وفي الجانب الغربي ليبيا حيث ساهم فراغ السلطة منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011 (بفضل طائرات الرافال)، في منح موطىء قدم للجماعات الإسلامية. ولإلقاء الضوء على أسباب اعتبار السيسي أن تلك الجماعات تمثل تهديداً، فقد اختطفت مجموعة ليبية ترتبط بداعش 21 قبطياً مصرياً الشهر الماضي.

و يقول خبراء إن مصر لا تحتاج مقاتلات الرافال لمواجهة تلك التهديدات، والقوات الجوية تمتلك الكثير، حوالي 230 مقاتلة من طراز إف 16. وقال روبرت سبرينجبرج، المدرس بمعهد الدراسات السياسية بفرنسا والخبير في شئون الجيش المصري، لجريدة “لوموند” إن المشكلة ليست في عدم وجود الطائرات بل في الافتقار للطيارين المدربين بشكل كافي.

ويضيف سبرينجبرج أنه بالنسبة لسيناء تحديداً، فأمريكا قد زودت مصر بمروحيات الأباتشي التى ستكون أكثر فاعلية من المقاتلات الأخري في تلك الحالة.

و يقول ألترمان: ”هناك شئ واحد غاية في الوضوح، بناء على الأولويات القومية لا يوجد طوارئ عسكرية تستدعي شراء المزيد من الطائرات المقاتلة”.

أما بالنسبة للإقتصاد المصري فلم يستعد عافيته بعد الإضطرابات التى تبعت مظاهرات الربيع العربي التى أسقطت مبارك في 2011. ودعمت دول النفط الغنية في الخليج حكومة السيسي بما يقارب 12 مليار دولار. ويتبقى 13% من عدد السكان في مصر بلا عمل وأكثر من نصف السكان تحت 25 عاماً.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يكون معدل النمو 3.8 % في السنة المالية الجديدة وتعتبر تلك خطوة في الطريق الصحيح، لكن  يبقى أقل بنسبة 5% عما كان عليه قبل مظاهرات 2011.

كانت فرنسا قد فقدت الأمل في بيع طائرات الرافال لمدة 20 عاماً، كما يقول ألترمان. بينما أعلنت وسائل الإعلام في مصر أن الدول الخليجية ستمول الصفقات العسكرية الحديثة لمصر، اقترحت بنوك فرنسيية عروضا لتمويل ما هو أكثر من نصف سعر الشراء. ورغم أنه غير واضح بعد  قدر ما ستدفعه مصر مقابل الطائرة الواحدة، يقول ألترمان، يبدو أن فرنسا تصنع هذا التخفيض الهائل لمصر من أجل التخطيط للمفاوضات الأكبر على بيع 126 طائرة للهند.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى