سياسة

الايكونوميست: بعد عام من الجرأة.. انحسار سعودي “مثير للشفقة”

الايكونوميست: بعد عام من الجرأة.. ينحسر دور السعودية

الايكونوميست
ترجمة: فاطمة لطفي

شهدت السعودية انتكاسات دبلوماسية من جميع الجبهات

في يناير من هذا العام، أعلن الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد الشاب، والذي  يدير السعودية فعليا، عن وضع حد لـ”خمول” سياسة بلاده الخارجية، وعزمه على صد إيران. وبدا آنذاك  أنه لا يمكن هزيمة المتمردين السوريين الذين يدعمهم سلمان في حلب. وتحدث قادة جيشه عن الاستيلاء على العاصمة اليمنية، صنعاء، من قبضة المتمردين الحوثيين. ومنع إيران وحزب الله من فرض خيارهم في رئاسة لبنان. كما تحدث مسئولون عن جعل إيران مفلسة من خلال إغراق السوق وإشباعه بالنفط، بصرف النظر عن رغبات شركاء أوبك. حتى أن السفير السعودي، عاد إلى بغداد لأول مرة خلال 25 عامًا.

لكن بحلول نهاية العام، وجدت السعودية  إن دورها ينحسر ويتراجع على  جميع الجبهات. أُجبر سفيرها في العراق على مغادرة بغداد، هاربًا من وابل تجاوزات السياسيين الشيعة الذين يتطلعون نحو إيران. كما سحقت قوات الحكومة السورية والقوات الروسية والإيرانية المتمردين في حلب، الذين هم على شفا الهزيمة. وخضعت السعودية، لاختيار إيران بشأن رئيس لبنان. وفي اجتماع أوبك في الثلاثين من نوفمبر، وافقت على تحمل عبء النصيب الأكبر من خفض الانتاج في محاولة لاستعادة الأسعار، بينما سُمح لإيران برفع انتاجها إلى مستويات ما قبل العقوبات.

في اليمن، بدا الحوثيون، أعداء السعودية، عازمين على رفض منح الأمير محمد “خروجا مشرفا”، وشنوا غارات متكررة عبر الحدود، وأعلنوا، الأسبوع الماضي عن حكومتهم الجديدة، بدلًا من الموافقة على تشكيل أخرى تشمل الرئيس المنفي، كما كان يريد الأمير محمد.  يقول مسئول إيراني متهكمًا:” إنه أمر مثير للشفقة لهيبة السعودية العسكرية الدبلوماسية”، مضيفًا:” إذا وافقت السعودية على مغادرة باقي أجزاء المنطقة، ستسمح لها إيران بالاحتفاظ بالبحرين، الجزيرة الصغيرة التي يربطها جسر  بالساحل الشرقي للسعودية”.

يعود تردي الحظ ذلك إلى نجاح الدعم العسكري الإيراني للقوات الشيعية في العالم العربي وحلفائها، قوات الرئيس السوري الأسد، والجيش العراقي والقوات شبه المسلحة وحزب الله في لبنان. يحتج الجنرال أحمد عسيري، الذي ينصح الأمير محمد بشأن معركة اليمن ويقول:” إنهم يحاصروننا بالميليشيات”. لكن السعودية تخسر أيضا قواها الناعمة، حيث قطعت تمويلها عن حلفائها السنة التقليديين الذين بدأوا في التطلع إلى جهات أخرى.  وافق سعد الحريري، الذي يرأس كتلة السنة في لبنان، على تولي منصب رئيس الوزراء تحت الرئيس الذي اختاره حزب الله، بعد مواجهة شركته للإنشاءات في السعودية لمصاعب بسبب قطع إمداد الحكومة السعودية.  كما يمهد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تقديم اقترحات إلى سوريا وروسيا وحتى إيران بعد تراجع السعودية عن شحنات النفط.

ومع اهتراء علاقاته في المنطقة الأوسع، يحاول الأمير محمد تعزيز العلاقات مع الدول في منطقته الأقرب. قام والده، الملك سلمان برحلة خارجية نادرة إلى أربعة من دول الخليج في أوائل ديسمبر. وهدفت القمة التي انعقدت في العاصمة البحرينية، المنامة، والتي انتهت في السابع من ديسمبر، إلى تقديم خطط لتحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد للخليج. تقول بيكا واسر، التي تراقب الخليج لصالح مؤسسة راند الفكرية الأمريكية:” هناك مخاوف كامنة من الهيمنة السعودية”.

كما أن مجئ دونالد ترامب رئيسًا لأمريكا هو سبب إضافي لضبط النفس. يقول عدنان طاباطائي، مدير مؤسسة (CARPO) غير الرسمية ومقرها بون في ألمانيا، والتي تدير محادثات بين الإيرانيين والسعوديين:” ينتظر كلا البلدين، ويؤجلان القيام بأي شئ حتى تتضح الأمور”.

يخشى كلاهما، السعودية وإيران، من سمعة ترامب المتعلقة بأفعاله الاندفاعية والمتهورة. حتى أن أميرا سعوديا بارزا، حثه على عدم إنهاء الاتفاقية  التي تقيّد برنامج إيران النووي.

يبدو كلا الجانبين، غير واثقين إذا  ما كان ترامب سيشدد العقوبات على إيران أو سيصعد قانون جاستا الجديد الذي يسمح للأميركيين بمقاضاة السعودية بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. وقبل كل شئ، ورغم تأثير المتشددين من كلا المعسكرين، لا يريد أي جانب أي شئ مثل حربا مباشرة بين إيران والسعودية.

لكن التوترات لا تخمد، بل يحدث العكس تمامًا. قطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع إيران في يناير بسبب هجوم على سفارتها بطهران  وقع عقب إعدام رجل دين شيعي يارز وثلاثة آخرين من الشيعة. كما نشرت أخبارا هذا الأسبوع بشأن الحكم بإعدام 15 أغلبهم من الشيعة في السعودية بتهم التجسس لصالح إيران.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى