سياسة

الاسوشيتدبرس: قانون مكافحة الإرهاب خطوة نحو الحكم الاستبدادي

الوكالة: السيسي مرر عشرات القوانين خلال 14 شهرا من حكمه للبلاد

أسوشيتد برس – بيزنس إنسايدر – ترجمة: محمد الصباغ

في خطوة واضحة نحو حكم استبدادي قاسي، سنّت مصر قانوناً صارماً ضد الإرهاب، يضع مجموعة من العقوبات القاسية، ويحدد الأشخاص الذين قد يخضعون لتلك العقوبات بما فيهم الصحفيين الذين قد لا يسيرون على خطى الحكومة. كما ضم القانون الجديد مواداً تحمي قوات الأمن من الملاحقة القضائية، ويؤسس لعقوبات أكثر تشدداً بالسجن في الجرائم المتعلقة بالإرهاب، وأيضاً توقيع غرامات باهظة على مَن ينشر أخبارا كاذبة، وتخصيص دوائر قضائية خاصة بقضايا الإرهاب.

تزعم السلطات أن تلك الإجراءات ستمنع هجمات مسلحي الدولة الإسلامية وتوقف انتشار أيدولوجيتهم، لكن تلك القيود سببت مخاوف لدى جانب من المحامين، ومنظمات حقوق الإنسان، وبعض السياسيين المصريين وقضاة بارزين.

وضعت المادة 54 في القانون الذي وقعه الرئيس السيسي الإثنين تعريفاً واسعاً للإرهاب، ووصفت الإرهاب بأنه أي فعل يخل بالنظام العام بالقوة. كما أن بعض الاتهامات كقيادة جماعة إرهابية قد تؤدي إلى الحكم بالإعدام. وينص القانون أيضاً على عقوبات كبيرة بالسجن في جرائم متنوعة تشمل دعم أو تشجيع أي ”هجوم إرهابي“، وأيضاً تدمير مؤسسات الدولة أو البنية التحتية كالمباني العسكرية والحكومية وخطوط الغاز والكهرباء والمواقع الأثرية.

عاشت مصر لعقود تحت ما سمي بقانون الطوارىء، وفيه كان لرجال الشرطة سلطات واسعة، مما شجع على ثقافة التجاوزات والوحشية بين رجال الأمن، وهو الشىء الذي أشعل انتفاضة 2011 ضد الحكم الاستبدادي لحسني مبارك الذي استمر طويلاً.

يقول نور فرحات خبير القانون الدستوري، الذي ساعد في وضع مبادئ لأول تعديلات دستورية بعد رحيل مبارك، إن الحكومة تجاهلت كل النصائح بخصوص العيوب الدستورية في القانون الجديد. وأضاف فرحات على صفحته بالفيسبوك: ”ظلت حالة الطوارىء مفروضة على مصر أيام مبارك ثلاثين عاما فهل نجحت فى القضاء على الارهاب ؟ قلبي على أمة ضاع الحق بينها“.

فيما قال نشطاء حقوقيون إن قانون مكافحة الإرهاب الجديد أكثر صرامة من قوانين الطوارئ السابقة، وبدأت الشرطة بالفعل في عهد السيسي في التصرف وكأنها تضمن الإفلات من العقاب مثلما كان يحدث أثناء حكم مبارك، فعذبت المحتجزين ومنعت عنهم الخدمات العلاجية في السجون المزدحمة وزنازين الاحتجاز في أقسام الشرطة.

نفت الحكومة تلك المزاعم وأصرت على أن المذنبين لا يفلتون من العقاب، رغم أنه من النادر أن يواجه رجال الشرطة أي ملاحقة قضائية.

يقول محمد زارع، مدير برنامج مصر في معهد القاهرة لحقوق الإنسان، إن الحكومة بالفعل تتصرف بلا أي قيود في تضييقها على المعارضين. ووصف القانون الجديد بأنه ”وجه خفي لقانون الطوارىء“. وأضاف: ”الآن يمكنهم ملاحقة أي شخص. سيكون هناك تأثيراً للقانون على المناخ العام والمعارضين السلميين أكثر من الإرهابيين ومجموعات العنف، الذين لا يهتمون بأي حال بالقوانين“.

قاد السيسي حملات شديدة ضد الإسلاميين وغيرهم من المعارضين منذ 2013، عندما قاد الإطاحة العسكرية بالإسلامي محمد مرسي، أول رئيس منتخب،  عقب مظاهرات كبيرة ضد حكمه. وتبع ذلك فترة طويلة من عدم الاستقرار في شبه جزيرة سيناء، مع هجمات تستهدف الجيش وأعلنت أحد الجماعات نفسها فرعا لتنظيم الدولة الإسلامية في مصر.

وهاجمت حركة 6 إبريل، أحد القوى التي قادت الانتفاضة ضد مبارك واتهمت العام الماضي بتشويه صورة الدولة والتجسس، القانون. وجاء على حساب الحركة بتويتر بأنه يقنن ”ديكتاتورية النظام الحاكم“ ويحجب الحقيقة. وأضافت الحركة أن القانون: ”يجرم كافة أشكال التنظيم السلمي والتعبيرعن الرأي ويهدف لتكميم أفواه المصريين وإرهابهم عن قول الحق أو إبداء الرأي”.

يعفي القانون إلى حد ما رجال الشرطة من الملاحقة القضائية، وذلك بمادة تنص على أنه “لا يسأل جنائيا القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضروريا وبالقدر الكافي لدفع الخطر”.

يقول زارع: ”في الماضي، كان لقوات الأمن سلطة كبيرة مع عدم وجود مسائلة. والآن، لأول مرة لدينا قانون محدد يضمن الإفلات من العقاب“.

ونص القانون أيضاً على غرامات باهظة تتراوح من 200 ألف إلى 500 ألف جنيه كعقوبة على نشر أخبار أو تصريحات كاذبة حول الأعمال الإرهابية، أو أخبار تتنافى مع ما تذكره بيانات وزارة الدفاع. كما يعاقب القانون، بالسجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات، الدعم بشكل مباشر أو غير مباشر، لارتكاب أي أعمال إرهابية سواء بالفعل أو بالكتابة أو بأي وسيلة أخرى.

لم يتضح على الفور ما ستعتبره الحكومة أو القضاء أخباراً كاذبة، أو ما إذا كان القانون سيجرم نشر تصريحات من المجموعات المسلحة أو الحقائق التي تتعارض مع الرواية الرسمية. كانت المسودات السابقة للقانون قد نصت على أحكام بالحبس للصحفيين.

اثار القانون الجديد الانتقادات الخارجية أيضاً، فوصفت لجنة الحقوق الدولية ومقرها جينيف القانون بأنه ”خطوة جديدة وقمعية قد تضعف حكم القانون وتعصف بالضمانات القانونية الأساسية وحقوق الإنسان”.

لا يوجد نظام تشريعي منتخب في مصر منذ ثلاث سنوات، تبقى سلطة التشريع في يد السيسي الذي مرر عشرات القوانين خلال 14 شهراً في الحكم.

وعد السيسي بانتخابات برلمانية قبل نهاية هذا العام، ويتمتع حالياً بموجة دعم موجهة إعلامياً. كان مجلس الوزراء قد صدق على مسودة القانون الشهر الماضي، عقب يومين من التفجير الذي أسفر عن مقتل النائب العام هشام بركات. وفي اليوم الذي فيه تم التصديق على القانون، بدأ المسلحون الإسلاميون هجوما متعدداً محاولين السيطرة على مدينة بشمال سيناء، وقاموا بهجمات انتحارية ضد الجيش وقاتلوه لساعات.

وخلال جنازة بركات، ظهر السيسي غاضباً وطالب المحاكم بالإسراع، وتبع غضبه مطالبات من مراسلي التلفزيون والبرامج بتنفيذ سريع لأحكام الإعدام التي صدرت ضد إسلاميين، من بينهم مرسي وقيادات جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.

بدأت الحكومة في الضغط بقوة ضد الإعلام الأجنبي، واتهمه الإعلام الحكومي المؤيد للنظام بالتحيز ضد الحكومة أو المبالغة في حجم هجمات المسلحين. وحذر المتحدث العسكري وسائل الإعلام المحلية من استخدام وسائل الإعلام الأجنبية.

يعد الهجوم على مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء هو مثال على ذلك حيث كان إعلان وزارة الدفاع عن الأرقام مخالف تماماً لتقارير أخرى كثيرة. وبينما قالت إنه على الأقل 17 جندياً قتلوا في القتال، نقل صحفيون آخرون عن أفرع أخرى من الجهات الأمنية أن الهجوم أسفر عن مقتل أعداد أكثر من العدد المعلن.

كما يعطي القانون سلطات أقوى للنيابة العامة، ويأمر المحاكم بتكوين دوائر خاصة للتعامل مع قضايا الجنح والجنايات المتعلقة بالإرهاب، وهو ما ينذر بما كان يحدث من فوضى في محاكم أمن الدولة في عصر مبارك. تحت حكم مبارك، كان هناك نظام قضائي موازي تم اختيار قضاته بعناية لنظر قضايا مثل المحاكمات الجماعية لأعضاء الإخوان المسلمين وحتى محاكمة أكاديميين ينظر إلى بحاثهم باعتبارها تشوه سمعة مصر الدولية. دعم السلطات الحالي للدوائر القضائية الجديدة سوف يسرع من إجراءات التقاضي والمحاكمات.

ويتيح القانون أيضا للرئيس اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة الإرهاب منها إخلاء مناطق أو تفعيل حظر التجوال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى