سياسة

الإيكونوميست: أسبوع “إحراج الجيش”في مصر

 

الإيكونوميست تكتب عن سلسلة الإحراجات التي تعرض لها العسكريون في مصر الإسبوع الماضي

وتكشف أن مخترع ” العلاج الحقيقي” لفيروس سي،  مصري من يهود الإسكندرية

تزداد سخافة
تزداد سخافة

  ، عن الإيكونوميست

ترجمة زحمة

بدأ الأسبوع الماضي بصورة سيئة بالنسبة للقادة العسكريين في  مصر،  فقد تقطعت السبل بمجموعة من  المتنزهين، خلال عاصفة ثلجية  في  سيناء، فتجمدوا حتى الموت، بينما كان أقاربهم يطالبون  الجيش بإرسال طائرة هليكوبتر لإنقاذهم، وقد حاول متحدثون عسكريون شرح أن الطقس كان سيئا، وأن الطائرات لم تكن مجهزة جيدا للقيام بالمهام الجبلية،   لكن ذلك الشرح لم يمنع الغمز واللمز بخصوص اللامبالاة وعدم الكفاءة من الانتشار على ألسنة المصريين.

 لحماية صورة الجيش، شنت “إدارة الشئون المعنوية” هجوما مضادا مصحوبا بسلسلة من الفعاليات المتفائلة، تضمنت افتتاح جسر لتخفيف حركة المرور بالقاهرة وإزاحة الستار عن الكلية الطبية العسكرية الفاخرة  الجديدة ، وتوج اليوم بمؤتمر صحافي حضره كبار الضباط، والرئيس المصري المؤقت عدلي منصور المعين من قبل الجيش، للكشف عن اختراقات رائعة حققها العلماء العسكريون.

كان أبرز ما في  العرض التلفزيوني اختراعين جديدين، الأول، جهاز محمول باليد يشبه كاشف القنابل، الذي قيل إنه قادر، حتى عبر الجدران، على اكتشاف المصابين بفيروسات مثل فيروس نقص المناعة المكتسبة “إيدز” والتهاب الكبد الوبائي. أما الاختراع الآخر، فهو فلتر لتقية الدم، وصف بأنه يستخدم الترددات الكهرومغناطيسية لتدمير الالتهابات الفيروسية وأن نسبة نجاحه وصلت 100 بالمئة، وزعم الجنرال إبراهيم عبد العاطي، رئيس فريق البحث في الجيش قائلا:  ” لقد هزمت الإيدز، وقهرت التهاب سي الكبدي الوبائي  “، فتصاعد التصفيق الحاد.

 بالتأكيد ، لو صح ذلك،  فإنها ستكون خدمة عظيمة يقدمها علماء مصر للعالم، كما لشعبهم، أن مصر لديها معدل منخفض نسبيا من الإيدز، ولكن، وبسبب إساءة إدارة حملة تلقيح في الثمانينيات لمكافحة البلهارسيا وأمراض مزمنة أخرى، فإن معدل التهاب سي الكبدي الوبائي هو الأعلى بمقدار أربع أضعاف في مصر عن أي بلد آخر،  ويعتقد أن ما لا يقل عن 10 ٪ من التسعين مليون مصري يحملون هذا المرض، مع ما يقدر بنحو نصف مليون إصابة جديدة  كل عام،  وطرق العلاج الحالية مكلفة ومحفوفة بالمخاطر ،، وفعالة فقط لثلثي الحالات.

 علاوة على ذلك، قال السيد عبد العاطي، إن الاقتصاد المتداعي سوف يستفيد أيضا عندما يفتح الجيش مراكز تقديم التكنولوجيا الجديدة في 30 يونية المقبل. وإن صناعة السياحة المنكوبة في مصر ستتلقي دفعة هائلة بسبب الملايين من الأجانب الذين سيهرعون للحصول على العلاج الحصري الجديد، وأصر الجنرال ، في مقابلات لاحقة، على أن مصر سوف تحرص على حماية التكنولوجيا من جشع شركات الأدوية العالمية، بل لقد أعلن أنه هو نفسه، قد رفض عرضا قيمته 2 مليار دولار من شركة أجنبية لم يكشف عن اسمها،  بعد أن رفضت شروطه بأن يعلنوا أن  “المخترع مصري، عربي، ومسلم”  .

وقد أعلنت القصة وسط احتجاجات علماء مستقلين وأطباء قالوا أن ذلك “الجهاز” لم يختبر علنا أو يجرب أو يقارن أو يحصل على أي براءة اختراع،  المستشار العلمي الأعلى للرئيس المصري وصف القصة بأنها “فضيحة” وإنها ستمثل إحراجا محتملا للجيش المصري. التحقيقات التي أجراها الصحافيون المحليون أظهرت أن السيد عبد العاطي حصل على رتبته كلقب فخري وليس من خلال الخدمة العسكرية، بل إنه العام الماضي ظهر  كمعالج ديني، وبالإعشاب، على القنوات الفضائية الدينية،  وأشار إليه مقال في صحيفة سعودية عام 2009 وسط اتهامات بالشعوذة.

 وكما هو متوقع ، نظرا للمناخ السياسي المستقطب للغاية في مصر ، أثارت القضية الجدل في وسائل الإعلام، كثير من ذلك الجدل اتخذ شكلا ساخرا، خاصة بعدما أعلن السيد عبد العاطي متفاخرا  أنه سوف يطعم المرضى “الإيدز كالكفتة” ويعالجهم في لحظة، ولمّحت السخرية إلى سمعة أجهزة الأمن المصرية في التعذيب،  إحدى تغريدات تويتر تخيلت تقريرا يرسله عسكري إلى القيادة: تمام يا افندم. اختبرنا الجهاز والمريض قال إنه اتحسن فورا ” !

 انبرى آخرون  للدفاع عن الجيش “إن من يسخرون من هذا الاختراع ينبغي أن يحرموا من  العلاج المعجزة” أصر مذيع تلفزيوني. وفي الفيسبوك ، قال مدافع آخر أن المستشار العلمي المتشكك يجب ان يستقيل، وإن كل من ينتقدون الاختراع، على حد قوله، متواطئون في مؤامرة تديرها الشركات العملاقة متعددة الجنسيات، والصهاينة، للحفاظ على الاحتكار الغربي للمعرفة الطبية.

اكتشاف  أن “الاختراعات” الجديدة مجرد خدعة، كما يبدو مرجحا للغاية، لا ينبغي أن يصيب مرضى فيروس سي باليأس، فقد شهدت السنوات القليلة تقدما مشجعا وآمنا وفعالا للغاية، ولكن لا زال  مكلفا جدا، للعلاج، ويمكن تشجيع المصريين الوطنيين أيضا، بحقيقة أن مخترع العقار الجديد مصري أيضا.

ريمون سكينازي، الأستاذ في جامعة إيموري في أتلانتا، بولاية جورجيا، ولد في الإسكندرية لعائلة من اليهود المصريين طردت في وقت لاحق أثناء حكم جمال عبد الناصر، فاز ريمون بمنحة للدراسة في بريطانيا ثم هاجر إلى أمريكا، وكان في الثمانينات والتسعينيات رائدا للكثير من البحوث التي أنتجت الأدوية الأكثر شيوعا لمكافحة  الإيدز، ومع أكثر من 90 براءة اختراع باسمه، امتلأت جيوب اسكينازي بأكثر من 440 مليون دولار من مبيعات شركة فارماسيست للأدوية ، و تطوير العلاج الواعد لفيروس سي الكبدي الوبائي، لصالح شركة جيلياد ساينسيز، مقابل 11 مليار دولار. تمت الموافقة على الدواء الجديد من قببل السلطات الأميركية في ديسمبر الماضي، تكاليف “كورس العلاج حاليا ” مذهلة ( 84 ألف دولار)، لكن من المرجح أن ينخفض سريعا، مع تفاوض البلدان الأكثر فقرا على صفقات لإنتاج إصدارت محلية أرخص.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى