ثقافة و فنمنوعات

اكتشاف “يقلب” التطور: 5 هياكل عظمية تغيّر مفهوم نشأة البشر

اكتشاف “يقلب” التطور والمفاهيم السائدة عن نشأة البشر

اكتشاف الإنسان الأول
تم إعلان الكشف في باريس

رويترز – بي بي سي

انقلب المفهوم المتعلق بأصل الجنس البشري رأسا على عقب يوم الأربعاء بالإعلان عن كشف بقايا عظمية في منطقة جبلية مغربية يزيد عمرها على مئة ألف عام عن أي رفات أخرى معروفة للجنس البشري (هومو سابينس).

وحدد علماء أن الجماجم وعظام الأطراف والأسنان التي تخص خمسة أفراد على الأقل تعود إلى نحو 300 ألف عام مضت في كشف مدو بمجال علم الأجناس البشرية (الأنثروبولوجيا).

وعثر على البقايا العظمية في قاع كهف وتخص ثلاثة بالغين ومراهقا وطفلا يبلغ ثمانية أعوام تقريبا يعتقد بأنهم كانوا يعيشون على الصيد.

وقال أحد الباحثين إن قدم البقايا العظمية مدهش. لكن اكتشافها في شمال أفريقيا وليس الشرق أو حتى أفريقيا جنوب الصحراء يتحدى التوقعات أيضا.

وكانت الجماجم والأوجه والأسنان شبيهة بنظيراتها في الإنسان المعاصر لكن الجمجمة الممدودة أظهرت أن الدماغ احتاج مزيدا من الوقت ليتطور إلى شكله الحالي.

وقال جين-جاك هابلين الباحث في معهد ماكس بلانك الألماني للأنثروبولوجيا الذي شارك في البحث الذي نشر بدورية (نيتشر) “تعرض هذه المادة أصل جنسنا”.

وقال الباحثون إنه يبدو أن فكرة تطور الإنسان المعاصر في “مهد واحد للبشرية” في شرق أفريقيا قبل 200 ألف سنة لا يمكن الدفاع عنها بعد الآن.

فقد تم اكتشاف بقايا خمسة من البشر الأوائل في شمال أفريقيا من نوع هومو سابينس ظهروا قبل 300 ألف سنة على الأقل بما يطرح تطور الإنسان المعاصر في كل أنحاء القارة الأفريقية وليس شرقها فقط، وذلك بحسب العلماء المشاركين في الاكتشاف.

وتم نشر تفاصيل هذا الكشف في صحيفة نيتشر.

الإنسان الأول

وقبل الاكتشاف الذي تحقق بموقع يطلق عليه جبل إيغود بين مراكش وساحل المغرب على المحيط الأطلسي كانت أقدم بقايا معروفة لجنس هومو سيبيانس اكتشفت في موقع إثيوبي يعرف باسم أومو كبيش وتعود إلى 195 ألف عام.

وقال هابلين “الرسالة التي نود أن ننقلها هي أن جنسنا أقدم كثيرا مما كنا نعتقد وإنه لم ينشأ.. في مكان ما في شرق أفريقيا. إنها عملية في كل أفريقيا وسيناريو أكثر تعقيدا مما جرى تصوره حتى الآن”.

وأضاف قائلا: “إنها ليست قصة ما جرى سريعا في جنة عدن في مكان ما بأفريقيا، ووجهة نظرنا أن التطور كان منتظما وشمل كل أنحاء القارة. فلو كان هناك جنة عدن فإنها أفريقيا.”

وكان البروفيسور هوبلين يتحدث في مؤتمر صحفي في العاصمة الفرنسية باريس، حيث أظهر بكل فخر للصحفيين بقايا العظام التي استخرجها فريقه من موقع جبل إرحود في المغرب، وشملت جماجم وأسنان وعظام طويلة.

وقد عثر في وقت سابق في ستينيات القرن الماضي وفي نفس الموقع على الشكل الأفريقي لإنسان نياندرتال عمره 40 ألف سنة، وهو ابن عم للهومو سابينس.

ولكن البروفيسور هوبلين كان دائما متشككا إزاء التفسير الأولي، وبعد أكثر من 10 سنوات من انضمامه لفريق البحث يقدم الآن دليلا جديدا يروي قصة مختلفة تماما.

فقد تم تأريخ أحدث المواد بأساليب التكنولوجيا الفائقة لتشير إلى أن عمر هذه العظام يترواح بين 300 و350 ألف سنة. وشكل الجمجمة يكاد يكون متطابقا مع البشر الحاليين.

وكشفت حفريات البروفيسور هوبلين أيضا أن هؤلاء القدامى استخدموا أدوات حجرية وتعلموا كيفية إضرام النار والسيطرة عليها. لذلك، فإنهم لا يبدون فقط مثل الهومو سابينس بل تصرفوا مثلهم أيضا.

صورة تخيلية لتطور هومو سابينس

وحتى الآن، كانت أقدم الحفريات عن الجنس البشري من إثيوبيا (من موقع يعرف باسم أومو كيبيش) في شرق أفريقيا ويرجع تاريخها لحوالي 195 ألف سنة.

وقال البروفيسور هوبلين: “علينا الآن تعديل هذه الرؤية.”

فقبل تطور نوعنا كانت هناك العديد من الأنواع البشرية البدائية، التي بدت مختلفة ولها نقاط القوة والضعف الخاصة بها.

وهذه الأنواع المختلفة من البشر، تماما مثل الحيوانات الأخرى، تطورت وغيرت مظهرها تدريجيا، وعلى مدى مئات آلاف من السنين.

وعلى النقيض من ذلك، كان الرأي السائد هو أن الإنسان العاقل قد تطور فجأة من البشر الأكثر بدائية في شرق أفريقيا منذ حوالي 200 ألف سنة، ومنها انتشر في جميع أنحاء أفريقيا، وفي نهاية المطاف إلى بقية كوكب الأرض. ويبدو أن اكتشافات البروفيسور هوبلين تلغي وجهة النظر هذه.

وقالت عضوة فريق البحث الدكتورة شانون ماكفرسون: “نحن لا نحاول أن نقول إن أصل جنسنا كان في المغرب، بل إن اكتشافات جبل إرحود تظهر أننا نعرف أن هذا النوع من المواقع كان موجودا في جميع أنحاء أفريقيا قبل 300 ألف سنة.”

وقال البروفيسور كريس سترينغر، من متحف التاريخ الطبيعي في لندن والذي لم يشارك في البحث، لـبي بي سي نيوز: “هذا يدل على أن هناك أماكن متعددة في أفريقيا ظهر فيها هومو سابينس، ونحن بحاجة إلى الابتعاد عن فكرة أن هناك مهدا واحدا.”

وأضاف قائلا: “قبل 20 عاما كنت أقول إن الشيء الوحيد الذي يجب أن نطلق عليه هومو سابينس هم البشر الذين يشبهوننا، وكانت وجهة النظر أنهم ظهروا فجأة في أفريقيا في وقت ما، وكانت هذه بداية جنسنا، ولكن يبدو الآن أنني كنت مخطئا.”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى