إعلامسياسة

افتتاحية نيويورك تايمز: خذ سنة جديدة واجعلها أفضل

افتتاحية نيويورك تايمز: خذ سنة جديدة واجعلها أفضل

ny

نيويورك تايمز- مجلس التحرير

ترجمة: زياد فرج

دعنا نتظاهر بأننا في عيادة معالج كونيّ ما، في جلسة استشارة مع سنة 2016،  حيث طُلب منا أن نواجه السنة ونقول شيئاً لطيفاً عنها، مجرد شيء أو أثنين.

يعجز العقل، وتشد أصابع اليد علي المنديل بينما تتدفق شلالات من الفظائع إلي الذاكرة: “لقد كنت سنة سيئة، إننا نكرهك، سنكون ممتنين جداً ألا نراك ثانية أبداً”، يدوي الصمت بينما نتجمع في انتظار الرد.

إذا نظرنا خلفنا علي الـ 12 شهراً الماضية، سنجد أن من يشعرون بالبؤس والخوف لديهم الكثير من المبررات، بالنسبة للكثيرين تمثل ذلك في انتخاب رئيس غير مؤهل للوظيفة، والذي يبدو أنه يريد أن يدير البلد كأنه مضيف مستبد لبرنامج ألعاب تلفزيوني، ولكننا لا نعلم حقيقة ما ينوي فعله، وعدم اليقين يزيد من سوء الشعور الكريه.

حدثت حتى الآن أشياء كثيرة سيئة، بداية من النوع الذي لا يخطر علي بال مروراً بالمرعب وصولاً للمجرد صادم، تداعت الأشياء من حولنا، مستبدون وإرهابيون تركوا خلفهم أثاراً من الدماء والخراب عبر الشرق الأوسط وأوروبا، لاجئون غرقوا في البحر المتوسط، ساد المشهد متطرفو اليمين وكراهية الأجانب، أطلقت الانتخابات الأمريكية الأحقاد العنصرية القديمة، أصبح الكوكب أكثر سخونة، خرج القطب الشمالي عن السيطرة، كان العالم يحترق أو يشتعل أو ينفجر أو يذوب.

الأمر كان سيئاً، ولكن لتفادي قطبية اليأس والإنكار، فمن المفيد أن نملك إطاراً من العقل، أن نملك مفهوماً ما عن طريقه ننظر إلي السنة الراحلة، ونملك معه طريقاً متزناً وفي نفس الوقت متأهباً لمقابلة الرياح المعاكسة والمآسي التي تنتظرنا في سنة  2017، والذي يمكن أن يكون عبارة عن: إدراك لقوة الوحدة والاقتراب والتعبير المباشر، كالقوة التي استخدمت للتضامن في سنة 2016، مراراً وتكراراً.

العمال ذوو الأجور المتدنية، والذين يعدون الأكثر ضعفاً بين الفاعلين الاقتصاديين، واصلوا الضغط من أجل 15 دولاراً (في الساعة) كحد أدني للأجور، نشطت المسيرات في جميع أنحاء البلاد القضية في شهر نوفمبر ، محققة نجاحاً في مواجهة فرص بعيدة الأمد، فقامت أكثر من 12 ولاية ومنطقة محلية برفع الحد الأدنى للأجور مع تحول الحركة إلي تيار.

المهاجرون واللاجئون، والذين كانوا الأهداف الأكثر شيوعاً لخطاب حملة ترامب المهين للكرامة الإنسانية، قوبلوا بالترحاب في الكثير من المجتمعات، فقامت العائلات بفتح منازلها للسوريين المعاد توطينهم، ومنحت الكنائس مأوي للمهاجرين الغير مرخص لهم، وتعهد حكام وعمد ومدرسون ومحامون وقادة دينيون وقادة طوائف بأن يقاوموا أي مجهود لتحقير ذوي الأصول الأجنبية.

هناك وفي أماكن أخرى كانت هناك أدلة علي أن القلب يستطيع الصمود، وعلي أن المنطق والتعاطف يسود.

ألقت المظاهرات الوطنية ضوءً مزعجاً علي قتل الشرطة لمواطنين سود، وألهمت هيلاري كلينتون وميشيل أوباما ملايين، فحقرت إنجازاتهما وتسامحهما الخطاب المرير الكاره للنساء الصادر عن الحملة الانتخابية لترامب، وكذلك تحدى الهنود الأمريكيون في ولاية داكوتا الشمالية بشجاعة الرصاص المطاطي ومدافع المياه ليحموا مياه شربهم من خط أنابيب نفط، كما وقعت أمم العالم المهددة كلها بارتفاع درجة حرارة الأرض علي اتفاقية باريس للتغيرات المناخية، ووجد مجتمع الصحة العالمي طريقة للسيطرة علي فيروس زيكا وإنتاج لقاح ناجح للإيبولا، وتواصل عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة الانزلاق إلي مزبلة التاريخ، وعكست بعض الولايات رأياً عاماً قوياً، فبدأت في أخذ الجدال حول الأسلحة النارية إلي اتجاه المنطق.

قوى الانقسام قوية، ولكن مهمتنا أن نجعل البلاد أقل انقساماً مما تركتها عليه الحملة الانتخابية المفتتة لدونالد ترامب، نصح القسيس الرومي الكاثوليكي جيمس مارتن في أطروحة قوية بعد الانتخابات المتنافسين أن يمنحوا بعضهم البعض ميزة الشك، بينما يظلوا مستعدين للدفاع عن هؤلاء الذين من المرجح أن يعانوا في ظل الإدارة القادمة: “المشردين والعاطلين والعمالة الناقصة وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضي”.

كلماته جعلتنا نفكر في ولاية فيرجينيا الغربية، إنها ولاية أدارت ظهرها للحزب الديمقراطي، حيث يتغذى الغضب الشعبوي علي العنصرية وإحباط الطبقة العاملة، ولكنها أيضاً موطن بليند ألفريد ريد، أسقف ميثودي وعازف كمان شعبي من الزمن الخالي والذي توفي منذ 60 عاماً، وهو مدفون بمقاطعة ميرسر، والتي أعطت السيد ترامب 75% من الأصوات، بليند ألفريد كتب أغنية رائعة، تدعي “شجعه دائماً” أبياتها العديدة تنصح بعطف ثابت تجاه غير المحبوبين وغير القابلين للحب من حولنا.

لو لم يكن له أصدقاء وكل الأشياء ضده

لو فشل في كل شيء يحاول فعله

تذكر فقط أنه الحبيب الغالي لأم ما

دائماً شجعه ولا تحبطه أبداً

هذه رسالة لهذه الأوقات، شجع هؤلاء الذين يناضلون من أجل الـ 15 دولاراً، وهؤلاء الذين يناضلون ضد وحشية وتمييز الشرطة، هؤلاء المهمشين والفقراء والضعفاء، ربما يكون هذا أكثر التطورات تشجيعاً في عام كئيب، تشير الأدلة من حولنا أننا نعرف كيف نقوم بهذا، ونستطيع بالفعل استدعاء الإرادة لذلك.

ظهرت نسخة من هذا المقال في الإصدار الورقي بتاريخ 31 ديسمبر 2016، في صفحة A22 من طبعة نيويورك تحت عنوان:

Take a Bad Year. And Make It Better.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى