مجتمع

اسوشيتدبرس: ماما تريزا المصرية.. من الجامعة الأمريكية إلى العشوائيات

اسوشيتد برس: ماجي جبران تركت التدريس في الجامعة الأمريكية وتفرغت لخدمة أطفال العشوائيات

اسوشيتد برس – ميريت كينيدي – تصوير: ناريمان المفتي

ترجمة: محمد الصباغ

في منطقة عشوائية بالقاهرة يسكنها جامعو القمامة غير التابعين للحكومة، يتحرك الأطفال مرتدين ”صنادل“ ممزقة في أقدامهم عابرين الأزقة الموحلة والمليئة بالقمامة ليصلوا إلى مركز “ماما ماجي” الإجتماعي، حيث يتم غسل أقدامهم وعلاج جروحهم وهناك يتم تشجيعهم على التعلم واللعب.

في يوم قريب، قامت ”ماما ماجي“ بملابسها البيضاء بغسل وجه وقدمي طفلة فقدت ذراعها الأيمن في حادثة، وألبستها حذاء وأرسلتها لتلعب مع الآخرين. وتقول ماجي: ”أريد أن يعرف كل الأطفال مدى حبي واحترامي لهم”.

20150310T053555-1425958555094240200

أطقلت اسم  ”أطفال اسطفانوس“ على منظمتها في إشارة إلى أول شهيد في المسيحية، وانشأت حولي 90 مركزا مشابها، وقدمت المساعدة إلى حوالي أكثر من 30 ألف أسرة مصرية محدودة الدخل. تركز تلك المراكز على المسيحيين الأقباط، الإقلية التي طالما اشتكت من التمييز، وتقول ماجي جبران إنها تساعد الأطفال المسلمين أيضاً.

في هذه الأيام يحتاج الكثير من الناس إلى خدمات “الأم ماجي” أكثر من ذي قبل. خاصة بعد انتفاضة يناير التي أسقطت الديكتاتور حسني مبارك وأدت إلى سنوات من الإضطراب الذي بدوره أدى إلى خسائر اقتصادية كبيرة. المناطق العشوائية التي تستهدفها جبران تتوسع بشكل كبير، وهي مناطق يمد فيها السكان الفقراء بأنفسهم خطوط الكهرباء الخاصة بهم ويحفرون أيضاً خطوط المياه.

تعمل القبطية ماجي جبران، 65 عاماً، في هذه المناطق لأكثر من ثلاثة عقود وتم تشبيهها بالأم تريزا، لكنها تنتمي إلى الطبقة فوق المتوسطة. وعملت من قبل كمديرة تسويق ومدرسة علوم الكمبيوتر في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. والأم تريزا راهبة من أصول ألبانية اهتمت برعاية الأطفال والمرضى وحصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1979.

تقول جبران: ”في الجامعة الأمريكية، كانوا جيدين جداً، لكن لديهم أشخاص آخرين يخدمونهم. أما هؤلاء الناس فلا يوجد من يهتم بهم”.

20150310T053540-1425958540104237800

منطقة منشية ناصر العشوائية تعتبر مدينة لجامعي القمامة، و يديرون فيها برنامجاً كبيراً لإعادة التدوير. يتجول الأطفال بملابسهم البالية في الشوارع الموحلة بينما آبائهم يفتشون في تلال عملاقة من القمامة، والكثير من تلك القمامة وصل هنا بواسطة عربة يجرها حمار من أحياء المدينة التي تضم 18 مليون نسمة.

يطل عالم مختلف من داخل مركز ماجي. ففي الفناء يلعب مدرس مع مجموعة من الأطفال الضاحكين. ومجموعة أخرى ترسم. وفي الأعلى، يفحص طبيب قدم طفلة، ويتعلم أولاد مراهقون – لم يستمروا في التعليم – كيفية صنع أحذية جلدية.

مركز ”أطفال اسطفانوس“ يقدم برامجا تعليمية مبكرة للأطفال، وكما تقول ماجي جبران فذلك البرنامج ضروري لكسر عجلة الفقر لأجيال، لكن بعد سن السابعة يجب على الأطفال أن يعتمدوا على الدولة.

في المدارس المصرية العامة البائسة، يعتمد المدرسون الفقراء على الدروس الخصوصية وتضطرالعائلات أن تدفع من أجل أن يحصل أطفالهم على اهتمام كبير. حسب الأمم المتحدة، حوالي 2,4 مليار دولار يتم صرفها في مصر سنوياً على الدروس الخصوصية، بالإضافة لمصروفات إضافية يعتبرها المصريون ضرورية من أجل اجتياز الامتحانات.

يقول الباحث في مجال التعليم معتز عطا الله: ”يحتاج المدرسون لأجور أفضل أو سيضطرون إلى انتزاعها. والتلاميذ يحتاجون إلى منظومة أفضل وإلا سيضطرون لشرائها. هذه الأشياء تعتبر تحديات هيكلية رئيسية”.

في هذا العام، صنف المنتدى الإقتصادي العالمي مصر في المرتبة 141 من بين 144 دولة من حيث جودة التعليم. ورغم التقدم الكبير في العقود الأخيرة، مازال 30% من المصريين البالغين يعانون من الأمية بحسب الأمم المتحدة.

تقول مها فيكتور المنسقة بالمركز: ”سيعود الآباء مرة أخرى ويقولون الأطفال الآن يمتلكون أساسيات جيدة، لكننا لا نجد مدرسة جيدة لهم“، و في طريقة لحل تلك المشكلة افتتح المركز أول مدرسة خاصة به عام 2012 في منطقة الخصوص الفقيرة بشمال القاهرة.

يقول أنيس فوزي ملاك الذي يدير المدرسة: ”فكرت ماما ماجي في مدرسة الفرح بسبب مشكلة التعليم في مصر. و اختارت تلك الضاحية تحديداً لأنها أحد أكثر المناطق المليئة بالسكان وأحد أقدم المناطق العشوائية”.

وبفصولها الصغيرة ومرافقها النظيفة والتركيز على الإبداع، أصبحت مدرسة الفرح على النقيض من الفصول المزدحة وصعبة السيطرة في المدارس العامة في أنحاء مصر.

يتعلم الأطفال في سن الحضانة كتابة الحروف الإنجليزية والعربية داخل فصول مدهونة بألوان مبهجة. وفي طابور الصباح تتسلم طالبة جائزة على كتابتها لأبيات شعرية عن المسيحيين المصريين الذي اختطفوا وذبحوا في ليبيا بواسطة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية. وجائزة أخرى بسبب تفوقها الرياضي.

يقول ملاك: ”هذه المدرسة منارة وسط ضاحية الخصوص. الكثير من المدرسين يريدون الإنضمام ليكونوا جزء من فريقنا. ولدينا قائمة انتظار طويلة للأطفال”.

تأمل ماجي جبران في نشر نجاحها في كل مكان. وتقول: ”لدينا خطط حتى بعد وفاتي. وستستمر كل عام، عدد من المدارس، وعدد من المراكز، وعدد من الناس”. وتضيف: “ما نفعله لن يكفي أبدا” نظراً لحجم الفقر في مصر، لكن ”مهما لزم الأمر، نحاول أن نعطي الدعم.  والآن نتعلم منهم”.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى