إعلاماقتصادسياسة

اسوشيتدبرس: “المؤامرة الغربية” تسيطر على الصحف المصرية

اسوشيتد برس: ألمح الإعلام المصري وأحياناً بطريقة مباشرة إلى أن حظر الرحلات إلى مصر مؤامرة لإضعافها

أسوشيتد برس – مرام مازن – ترجمة: محمد الصباغ

كان رد فعل وسائل الإعلام المصرية غاضبا مع الإشارات المتزايدة من الولايات المتحدة وبريطانيا إلى أن السبب الرئيسي لتحطم الطائرة الروسية بسيناء في 31 أكتوبر هو قنبلة، وحملت الكثير من مطبوعات اليوم نفس الرسالة: مصر تواجه مؤامرة غربية تهدف إلى إخافة السياح وتدمير اقتصاد الدولة.

انتشرت التحذيرات من مؤامرة بشكل واسع عبر صناع الرأي في الإعلام المطبوع والإلكتروني وعلى شاشات التليفزيون. في بعض الأحيان كان حديثهم مجرد تلميح، وفي أحيان أخرى كان الحديث مباشراً بأن حظر الغرب للرحلات إلى مصر ليس بسبب القلق حول سلامة مواطنيه ولكن بسبب رغبته في تقويض الدولة أو منع الرئيس عبدالفتاح السيسي من جعل مصر دولة قوية.

داعبت نظريات المؤامرة تلك، بشكل واضح عقول المصريين- كثيراً ولذلك عندما علقت روسيا كل الرحلات إلى مصر، تشككت بعض وسائل الإعلام في أن موسكو سقطت كضحية للضغط والتلاعب البريطاني.

سبق وزعمت جريدة “الجمهورية” التابعة للدولة في عنوان هذا الأسبوع ”الشعب يتحدى المؤامرة- مصر لن ترضخ للضغوط. وفي عنوان رئيسي آخر بجريدة الوطن اليومية المستقلة جاء ”مصر تتحدى إرهاب الغرب“.

يعكس هذا الخطاب في جزء منه العزوف الكبير في الصحافة عن الوصول إلى مستوى النقد الحاد أو الإشارة إلى أوجه القصور في عمل حكومة السيسي.

بشكل مستمر كان الإعلام الحكومي والمستقل يمجد السيسي ويصوره على أنه منقذ مصر، –كقائد للجيش- قاد الإطاحة العسكرية بالرئيس الإسلامي محمد مرسي عام 2013 عقب مظاهرات ضخمة ضد مرسي وسلطة الإخوان المسلمين. ومنذ انتخاب السيسي رئيساً في العالم التالي لذلك، استمرت معظم وسائل الإعلام في الإشادة به كشخص يعمل من أجل الاستقرار.

قالت هبة الله طه، المحللة المختصة بالشأن المصري بالمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ”إنكار الدولة لوجود أزمة ثم محاولة بعد ذلك الإشارة إلى وجود طرف ثالث أصبح أمر طبيعي جداً“.

تنتشر نظريات المؤامرة عادة في الشرق الأوسط لأسباب مختلفة –التعليم السيئ، والشك في الآخرين، وافتقاد الحكومة إلى الشفافية، والحد من حرية التعبير، والحقيقة التاريخية بأن القوى الداخلية والخارجية بالمنطقة عادة ما يعملون من خلف الستار للتأثير على الوقائع والصراعات. عادة، تتغذى تلك النظريات وفقاً لأمور سياسية.

وأضافت هبة الله أن هذا الخطاب هو نموذج بديل من الدولة لأن المواطنين عادة لا يخرجون بنظريات المؤامرة من تلقاء أنفسهم، ”بل من المرجح جداً أنهم يتبنون ما تقوله وسائل الإعلام الحكومية“، وفي أغلب الأوقات يشير الإعلام المصري إلى ”أياد خارجية“ خلال الأزمات.

خلال انتفاضة 2011، التي تسببت في الإطاحة بحسني مبارك، اتهمت صحف الدولة الأجانب بإثارة المظاهرات. وخلال العامين الماضيين، اتهم المذيعون الولايات المتحدة بدعم الإخوان المسلمين، والتي أعلنت كمنظمة إرهابية، وبأن أمريكا أيضاً تحاول فرض الجماعة على مصر، وذلك في أعقاب الانتقادات الغربية لإطاحة الجيش بمرسي وللقمع الذي تلى ذلك على الإسلاميين. كما اشتكوا من أن الغرب لا يساعد مصر بالدرجة الكافية في حربها ضد الإرهاب، الذي يشمل فرع الدولة الإسلامية في سيناء، والذي زعم إسقاطه للطائرة.

لكن قالت هبة الله أيضاً إن رد الفعل على تحطم الطائرة يأتي أيضاً من الخوف.

قد يدمر حادث الطائرة الروسية الانتعاش البطئ لصناعة السياحة الحيوية بالنسبة لمصر بعد خمس سنوات من الاضطراب- وخاصة بعدما أوقفت روسيا وبريطانيا الرحلات، مطالبين بإجراءات أمان أفضل بمطار شرم الشيخ الذي أقلعت منه الطائرة.

قالت السلطات المصرية إنها تبحث كل السيناريوهات المحتملة في حادث تحطم الطائرة. وأعلنت أيضا أن التكهنات يجب أن تتوقف حتى نهاية التحقيقات، التي قال السيسي إنها قد تستمر شهوراً. وأبدت السلطات انزعاجها مما أسموه بالتسرع من جانب المسؤولين الامريكيين والبريطانيين في الحكم، حيث أشارت أجهزة الاستخبارات في الدولتين إلى أن فرع تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء قد زرع قنبلة بداخل الطائرة، مما تسبب في انشطارها إلى جزئين في الهواء، ومقتل 224 شخصاً على متنها.

منذ الإطاحة بمرسي، بدأ المتشددون حركة تمرد واسعة في سيناء ونفذوا انفجارات عديدة وعمليات قتل لضباط وجنود، من بين ذلك عمليات بالقاهرة. ويحاربهم الجيش المصري في الجزء الشمالي من شبه جزيرة سيناء.

رأت وسائل الإعلام المصرية أن إيقاف الرحلات من أجل المطالبة بإجراءات سلامة أفضل، أمر غير عادل وكيدي.

كتب رئيس تحرير جريدة “المقال” والمذيع المعروف إبراهيم عيسى، أنه حتى لو كان سبب الحادث هو قنبلة فذلك لا يتطلب هذا العقاب الفوري والتشهير بمصر على نطاق واسع.

ورأى البعض أن حظر بريطانيا رحلاتها إلى مصر إهانة خاصة أن ذلك جاء بالتزامن مع بداية أول زيارة رسمية للرئيس السيسي إلى لندن، حيث قال كاميرون في مؤتمر صحفي مع السيسي إن الأمر ”أقرب ما يكون“ لقنبلة أسقطت الطائرة.

وذهب بعض المحللين إلى أبعد من ذلك، عندما ألمحوا إلى نوع من التواطؤ أو على الأقل مصالح مشتركة بين بريطانيا ومتطرفي الدولة الإسلامية. فكتب حازم منعم إن الغرب ”خائف“ من مصر.

وكتب الأحد السبت ”لماذا تصدر بريطانيا هذا البيان تزامناً مع زيارة السيسي، كما لو علموا بالحقيقة من مصدرها؟“ وقارن الأمر بالدراما التلفزيونية التي فيها ”يساهم الشر في ارتكاب جريمة ثم يقوم باتهام الجانب الخيّر.“

وبنفس الجريدة كتبت لميس جابر أن من في لندن ”سعدوا جداً“ بإعلان الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن الحادث. وأضافت ” وطالما أن الإنجليز والدواعش على وفاق سياسى وتناغم فكرى واستراتيجى، إذن ربما تكون المعلومة صحيحة.“

ومع قرار موسكو تعليق رحلاتها أيضاً تعرضت نظريات المؤامرة لشئ من الارتباك، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصّور دائماً كداعم قوي للسيسي. ففي عنوان بجريدة المصري اليوم جاء ”حتى أنت يا بوتين؟“

وفي الجريدة الحكومية الاكبر، كتب طه عبدالعليم أن تصريحات بريطانيا وأمريكا حول الطائرة جزء من الضغط ”الهادف إلى إعادة الإخوان المسلمين إلى السلطة وإذلال مصر، وتحويل الرأي العام في روسيا ضد حربهم للإرهاب في سوريا“ مشيراً إلى الحملة الروسية هناك.

كما قال أحد الممثلين المشهورين بأحد البرامج التلفزيونية إن رئيس الوزراء البريطاني من الإخوان المسلمين – وأسماه ”جون براون“-  ربما اختلط عليه الأمر بسبب أسماء رؤساء الوزراء السابقين جون ميجور وجوردون براون .

كما اتهمت جريدة الأهرام وغيرها بريطانيا بإجبار سائحيها على الرحيل من مصر.

ونشرت الجريدة صورة لسيدة تتناقش مع السفير البريطاني جون كاسون بمطار شرم الشيخ، مع تعليق أسفلها  مفداه ”نريد الاستمرار في إجازتنا ولا نريد الرحيل“. كما لو كانت هي من تقول العبارة.

وفي مقطع فيديو انتشر عبر الانترنت، كانت السائحة، كلارا دوبلن، تقول للسفير ”نريد العودة إلى بلادنا“، وهي في حالة غضب من الارتباك في ترتيبات رحلات المغادرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى