سياسة

إيران- أمريكا: وبعدين؟

واشنطن بوست: بعد  رفع العقوبات عن إيران كيف سيكون شكل العلاقة بين واشنطن وطهران

واشنطن بوست – جينيفر روبن– ترجمة: محمد الصباغ

مع رفع العقوبات الدولية وتدفق أكثر من 100 مليار دولار إلى إيران، فقد الغرب تقريباً أي نفوذ على طهران. بالفعل رأينا ذلك بدلاً من خطة عمل شاملة مشتركة،كانت إدارة أوباما أكثر من قادرة على ذلك، على سبيل المثال، التنازل عن تفتيش المنشآت العسكرية في سبيل الإبقاء على الاتفاق.

الآن، بعد تأجيل تطبيق العقوبات المقررة على إيران لانتهاكها قرارات الأمم المتحدة بشأن اختبارات الصواريخ الباليستية، خرجت علينا الإدارة الامريكية بتوجيه ضربة صغيرة على المعصم. كتبت نيويورك تايمز أن تلك العقوبات ”الجديدة، والمحدودة بشكل أكبر“ تطبق على الأفراد والشركات بشكل منفصل: ”تستهدف العقوبات الجديدة في الغالب الأفراد وبعض الشركات الصغيرة المتهمة بنقل تقنيات خطيرة إلى إيران… تركز العقوبات على هؤلاء الأفراد والشركات والتي لن يشعر بها أغلب الإيرانيين، وقدرها ضئيل نسبياً.“

فيما أشارت مجموعة AR2 المحافظة إلى أن: ”إيران مستمرة في كونها الرابح الأكبر من الاتفاق النووي، تستفيد من رفع العقوبات بينما تروج لمستودعات صواريخ جديدة. مؤخراً، استعرضت إيران مستودع صواريخ تحت الأرض يتم توجيهها بدقة، ويمكنها حمل رؤوس نووية تنتهك قرار الأمم المتحدة لعام 2012. ومع وجود ارتياب كبير لدرى حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط –من بينهم إسرائيل والسعودية- من العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، تستفيد إيران من هيبة جديدة لا يمكن تجاهلها مع انخراطها المستمر في الصراعات الإقليمية في سوريا واليمن.“

سنرى ما إذا كان ديمقراطيو مجلس الشيوخ، والأهم، هيلاري كلينتون –التي كانت تدعو إلى فرض عقوبات كرد فعل على اختبارات الصواريخ الغير مشروعة- متربصين لتلك الخطوة التى لا معنى لها أم سيكونون قلقين من مواجهة مكلفة للتجارب الصاروخية الإيرانية، ودعم الإرهاب، ومساعدة بشار الأسد والاختفاء المستمر لأمريكي آخر، روبرت ليفنسون. تؤكد كلينتون على أنها تريد تنفيذ صارم للاتفاق والسياسات لكبح العدوان الإيراني. واعترفت أن الإيرانيين ”يستمرون في زعزعة استقرار الحكومات في الشرق الأوسط، ومستمرين في دعم المنظمات الإرهابية ووكلائهم كحزب الله، ويستمرون في تهديد إسرائيل، هناك الكثير من المخاوف.“ أين عقوباتها المقترحة إذاً؟

ومن الجانب الجمهوري، تحدث كل من دونالد ترامب وحاكم اوهايو، جون كاسيتش، حول ضبط الاتفاق. لكن شروط الاتفاق (والتي تسمح لإيران بتعديل نهجها خلال عشر سنوات، ويسمح بقيامها بأبحاث متقدمة حول اجهزة الطرد المركزي ولا يتطلب إنهاء تلك الأجهزة) لا تمنع طموحات إيران النووية بشكل دائم، لكن فقط يشجعها على هذا السلوك، حسب وصف كلينتون. مع رفع العقوبات، من غير المحتمل أن يطالب الغرب بالعودة عن الانتهاكات. هنا نمتلك الأسوأ من بين كل العالم: سلوك إيران غير النووي يزداد سوءًا، اقتصادها ونفوذها أقوى، والتهديد بعقوبات مستقبلية لا طائل منه وهناك الكثير من الطرق للخداع- بالإضافة إلى الباب المفتوح لتطوير حجم صناعة برنامج الأسلحة النووية خلال عشر سنوات.

أما الآخرين ومن بينهم السيناتور ماركو روبيو، فاتخذ نهجاً مختلفاً تماماً وقال: ”كرئيس سأتراجع عن الاتفاق النووي المعيب من اليوم الأول. سأعيد العقوبات على إيران في كل القطاعات: المصرفية، وعلى صادرات النفط والطاقة، وأيضاً التأمين والسيارات والنقل والمعادن النفيسة. سأعمل مع الكونجرس لفرض عقوبات جديدة ساحقة على الحرس الثوري والقيادة الإيرانية بسبب انتهاكاتهم لحقوق الإنسان.“

وأضاف: ”أظهرت التجربة أن استجابة إيران الوحيد تكون بفعل الضغط  الشامل والمكثف. عندما أصبح رئيساً، سيكون على النظام الملالي في طهران خيار واحد: يمكنهم الإبقاء على بنيتهم التحتية النووية، أو اقتصادهم- لكن لا يمكنهم الإبقاء على الاثنين معاً.“

الكونجرس ليس عاجزاً حتى قدوم الرئيس الجديد. كان رئيس مجلس النواب بول راين قد صرّح أثناء رفع الإدارة الأمريكية للعقوبات. وكتب: ”أغلبية من الحزبين بمجلس النواب بالكونجرس صوتوا برفض الاتفاق في المقام الأول، وسنستمر في فعل كل ما هو ممكن لمنع إيران من أن تكون دولة نووية.“ إذاً ربما على مجلسي الشيوخ والنواب اختبار ولاء كلينتون والديمقراطيين في مجلس الشيوخ أيضاً.

رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بوب كوركر، ليس ببعيد عن الآخرين. فذكّر الرئيس في بيان مكتوب: ”مع تسلحها الآن بأكثر من 100 مليار دولار، إيران ستمتلك موارد جديدة واسعة تمكنها من الاستمرار في رعاية الإرهاب، وتهديد جيرانها، وتمويل برنامجها النووي الصاروخي. يجب أن تواجه الولايات المتحدة وشركائنا الاوروبيين بشكل سريع وفعال الانتهاكات أو الأفعال العدوانية الإيرانية لضمان عدم استخدام طهران للاتفاق كغطاء للتقدم في أنشطتها الخطيرة.“ وأضاف: ”لجنة العلاقات الخارجية بمجلس السيوخ بالفعل قد انخرطت في عملية رقابة مشددة وتوصي بمقترحات قانونية لضمان بقاء إيران تحت المحاسبة. سنستخدم كل الأدوات التي أمدتنا بها الاتفاقية النووية لفرض عقوبات سريعة وفورية على أي اختراق إيراني لبنود الإتفاق.“

يجدر بالكونجرس فرض المراقبة الشديدة والعقوبات القاسية مع كل وقف مثل الذي تنازل فيه الرئيس مع السلوك غير النووي من إيران، وأيضاً كرد على فشله، على سبيل المثال، كالسماح بتفتيش المنشآت العسكرية. الكونجرس ليس ملزماً بالنظام التنفيذي للرئيس ومن واجبه تمرير التشريعات التي يراها ملائمة للإجبار على شفافية أكثر. لندع الرئيس يعترض تلك الإجراءات لو رأى ذلك ملائماً، ولنرى إذا ما سيفقد النواب الديمقراطيون أعصابهم أو ستفقد الأمل في البيت الأبيض.

عبر السباق الجمهوري للرئاسة، يجب أن يتعرض المرشحين لضغط الإجابة على أسئلة بالتحديد:

ما هي العقوبات التي ستمررها؟

ما الخطوات التي تلي العقوبات وتتعهد بها للتأكد من العدوان الإيراني؟

كيف ستواجه مسالة حقوق الإنسان في إيران؟

كيف تجعل التهديد بالقوة العسكرية أمراً يمكن تصديقه؟

وإلى المرشحين الذين يرون أن بشار الأسد، حليف إيران الأقرب، كالحل البديل للدولة الإسلامية، كيف سيتصرفون لإيقاف إيران عن سعيها للهيمنة الإقليمية؟

ما الذي سيفعلونه بشأن اليمن، ولبنان والعراق- كل تلك الدول تسقط، أو سقطت، في فلك إيران؟

أراد الرئيس اتفاقاً نووياً بأي ثمن، تاركاً الفوضى لمن سيأتي من بعده. يجب أن يفسر الكونجرس والمتنافسين الرئاسيين كيف سيتخلصون من أنقاض سياستنا الإيرانية وماذا ينتون لإبقائها في موضع ملائم. ولو اعتقدت كلينتون أن ما نمتلكه الآن هو اتفاق جيد، ما الذي سيجعلها أفضل من باراك أوباما؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى