إعلامسياسة

إندبندنت: الاستهزاء بالعدالة في مصر

 ind

” الاندبندنت البريطانية تكتب عن ” أسبوع الاستهزاء بالعدالة في مصر

عن الاندبندنت – هيئة التحرير – ترجمة – ملكة بدر

كان هذا أسبوعًا مليئًا بالأحداث بالنسبة للعدالة المصرية، أو ربما كان أسبوعًا للاستهزاء الصارخ بالعدالة، فيوم الاثنين، حكمت محكمة مصرية بإعدام ما لا يقل عن 529 شخصًا من الإخوان المسلمين بتهمة قتل ضابط شرطة في أحداث العنف التي أعقبت الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في يوليو الماضي. وبالأمس، وقف 682 من أنصار الجماعة التي أصبحت محظورة الآن في نفس المحكمة، ومعهم مرشد الجماعة، محمد بديع، ولكن هذه المرة بتهم تتعلق بالهجوم على قسم شرطة، أيضًا في أحداث شغب أعقبت الانقلاب مباشرة.

هناك العديد من أوجه العبث في حكم محكمة المنيا يوم الاثنين، والصعوبة تكمن فقط في إيجاد نقطة البداية لسرد عبثيات مثل هذا الحكم. إن الأمر لا يتعلق فقط باليومين غير الكافيين لبناء قضية كهذه ضد مدعى عليه واحد، فما بالنا بأكثر من 500 مدعى عليه، منهم 120 فقط كانوا حاضرين فعلًا أثناء المحاكمة، أما الباقين فكانوا إما مفرج عنهم بكفالة أو هاربين.

ومع استحالة وجود عدة مئات من الأشخاص وإدانتهم جميعًا بجريمة قتل واحدة، يبدو الأمر كله وكأنه “عرض لمحاكمة صورية مضحكة”، بغض النظر عن التوقعات التي تقول إن الحكم غالبًا سيخفف فيما بعد.

وفي اليوم التالي، هيئت الساحة لتكرار نفس العرض السابق، ففي المحاكمة الثانية، كان هناك فقط 60 متهمًا حاضرًا في قاعة المحكمة من إجمالي أكثر من 600 متهم، وقام فريق الدفاع بمقاطعة الجلسة بسبب انتهاكات في الإجراءات، وليس هناك سببًا للاعتقاد بأن كل صرخات واحتجاجات الليبراليين المصريين أو الاعتراضات الشفهية التي يصدرها المجتمع الدولي ستجد لها صدى أو وزن.

كل هذا يضيف فقط للإحساس بأن مصر تترنح على شفا هاوية فقدان كل ما يمكن أن تكون قد جنته من الإطاحة بحسني مبارك في 2011. ولا دفاع هنا عن مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيًا، الذي أهدر سريعًا أي فرصة ليصنع أي فارق في مصر، بعد أن أظهر رغبة منذرة في أسلمة الدولة وفشل بوضوح في التعامل مع المشكلات الهيكلية التي يواجهها المواطنين المصريين العاديين وتزيد من صعوبة الحياة عليهم يوميًا (وإلقاء اللوم في ذلك على قادتهم السياسيين زيادة في الإزعاج)، ولكن حتى هذا الأداء الضعيف لا يقارن بما أعقبه، عندما أطاح الجيش بمرسي وقام بقتل أكثر من ألف شخص في أحداث عنف استمرت بعدها، وشن حملة قمع على المعارضة بلا حساب، مما أعاد ذكريات عهد مبارك للأسف، علاوة على اعتقال أكثر من 16 ألف شخص، لم يكونوا جميعًا من الإسلاميين، وإنما كان من بينهم أيضًا عددًا من النشطاء والصحفيين.

يبدو مشهد مصر مظلما ويزداد قتامة، وبينما تقترب الانتخابات الرئاسية، يتوقع للمشير عبد الفتاح السيسي، الحاكم غير الرسمي بالفعل لمصر الآن والذي لم يعلن بعد عن ترشحه، أن يكتسح ويحصل على أغلبية أصوات الناخبين، كما أن حالة عبادته المنتشرة في أرجاء مصر تعيد بشكل مزعج فكرة سياسات الرجل الواحد التي كان الكثيرون يأملون في أن تختفي بعد ثورات الربيع العربي.

ورغم كل شيء، يظل من الأفضل أن يرشح السيسي نفسه في الانتخابات، وأن يفوز حتى بها، لأن وجوده حاكمًا لمصر في الظل بهذه القوة لن يفيد البلاد، ولن تكون هناك فرصة لإجباره على تحمل مسؤولية مشكلات الاقتصاد المصري على سبيل المثال التي يمكن أن تسحب بعضًا من بريق خطابه الأمني الذي اشتهر به.

هذه الجوانب الضئيلة من الإيجابيات، يقابلها الأسبوع الذي وصفته المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بأنه أسبوع “المحاكمات الجماعية العاجلة”. ربما لم يكن من الواقعي أبدًا توقع أن تتحول مصر من الاستبداد إلى الديمقراطية في قفزة واحدة سهلة، لكن المشكلة هي أنه أصبح واضحًا الآن كم يبدو الطريق إلى تلك الديمقراطية أبعد مما كان أحد يتوقع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى