ثقافة و فن

إرث المُلا عمر.. خسائر أفغانية لا تعوض

حركة طالبان أعلنت ” أختر منصور” زعيماً جديداً

واشنطن بوست – آدم تايلور – زحمة

انتخب مجلس شورى حركة طالبان ملا أختر منصور كخليفة لزعيم الحركة السابق الملا عمر. وكانت الاستخبارات الأفغانية قد أعلنت أمس أن الملا عمر قد قتل منذ عامين. لعب قائد طالبان السابق دوراً رئيسياً في التاريخ الحديث، وذلك بمنح زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن والتنظيم نفسه أرضاً آمنة عقب ترحيلهم من السودان عام 1996. استضاف الملا عمر القاعدة حيث خططوا لهجوم 11 سبتمبر عام 2001 على برجي التجارة بالولايات المتحدة.

شكل الملا عمر بطريقة ما التاريخ أو دمره. فلعب دوراً شخصياً في أحد الأفعال الصادمة لطالبان على الإطلاق وهو تدمير تماثيل بوذا باميان.

كان ذلك في مارس 2001 عندما فجرت قوات من طالبان تمثالين يعود تاريخهما إلى القرن السادس الميلادي. كان التمثالان مفخرة هندسية وفنية: بلغ طولهما 180 قدماً وتم نحتهما في الجبال وملابسهما تشكلت من الطين. وكانا من أفضل تماثيل بوذا في العالم، وبالتحديد كانا الأكبر.

منذ السيطرة على كابل عام 1996، قامت حركة طالبان بفرض قواعد صارمة على الأفغان. وعندما أمر الملا عمر في 26 فبراير 2001 بتدمير كل التماثيل في البلاد، كانت هناك آمال بممارسة ضغوط دولية لحماية تلك الأعمال الفنية. لكن الحركة كانت مصممة على فعل ذلك، وبعد فشل محاولات التدمير بالدبابات والمدفعية، طلبوا من السكان المحليين أن يزرعوا متفجرات داخل تلك التماثيل. وأخذت العملية عدة أسابيع، لكن في منتصف مارس كانت التماثيل قد دمرت. ثم قامت السلطات آنذاك بذبح 100 بقرة وتوزيع لحومها على الفقراء.

غضبت المنظمات الدولية بعد التدمير الكبير، وقال رئيس اليونسكو وقتها، كوشيرو ماتسورا في بيان: ”لقد ارتكبت طالبان جريمة ضد الثقافة، من الفظاعة أن تشاهد التدمير الحادث ببرود للممتلكات الثقافية التي تمثل حضارة الشعب الأفغاني، وكل البشرية“.

وبمرور السنين كررت مجموعات متطرفة أخرى نفس الفعل في كل من ليبيا وباكستان وتونس ومصر. وبرر تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف الذي يسيطر على مساحات كبيرة من سوريا والعراق، تدمير التماثيل التي تعود إلى عصور قديمة ما قبل الإسلام بأنها أوثان، وهو نفس المبرر في تدمير تمثالي بوذا بمنطقة باميان. وهذا التدمير دائماً لا يسبب وفيات بشرية، لكن يعد محاولة لمحو التاريخ والثقافات.

بينما جاءت بعض التعليقات حول الأمر من مسؤولين في طالبان لتؤكد أسباب أخرى لتدمير تلك التماثيل، يقول سيد رحمة الله هاشمي، الدبلوماسي من طالبان لـ”نيويورك تايمز” إن الأمر كان مرتبط بغضب اقتصادي، فالمنظمات الدولية كانت ترسل الأموال من أجل ترميم التماثيل بينما الأفغان يعيشون فقراء بائسين، كجزء من العقوبات الدولية. وأضاف: ”لو أردنا تدمير التماثيل لفعلنا قبل ذلك بثلاثة أعوام. لماذا لم نفعل؟ في ديننا، لو رأينا شيئاً ضاراً نتركه. لو ذهبت الأموال إلى التماثيل بينما الأطفال تموت من سوء التغذية، فهنا أصبحت ضارة وبالتالي دمرنا التماثيل“.

بدا ذلك كتحول في تفكير طالبان: ففي 1999، أصدر الملا عمر فتوى تقول إن تمثالي بوذا بباميان يجب أن يعاملا ”باحترام“ وأنهما قد يستخدما لجذب السياحة وإدخال عائدات. وفي 2001، اتجهت الحركة نحو أيدولوجية أكثر تحفظاً. بعض النظريات تقترح أن بن لادن قد أيد تدمير التماثيل قبل أن تفعل طالبان ذلك. ومنذ تدمير التمثالين، كانت هناك عدة محاولات لإعادة بنائهما لكن هذه الجهود قوبلت بالرفض.

والآن الكهوف المحيطة بباميان يسكنها الأفغان المشردون بفعل عقود من الحرب والفوضى في البلاد. وهو إرث يذكرنا بما تركه الملا عمر لأفغانستان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى