ثقافة و فنسياسةمجتمع

أ.ب:السوريون يخففون آلام أطفالهم في مصر بالتعليم

 أ.ب: مراكز تعليم يديرها لاجئون سوريون لمساعدة الأطفال على استكمال تعليمهم

أسوشيتد برس – سامي مجدي- ميريت كينيدي –  تصوير: ناريمان المفتي

ترجمة: محمد الصباغ

في مبنى غير مكتمل في إحدى ضواحي القاهرة، يدير أحد المُعلمين السوريين فصلا يضم مجموعة من اللاجئين الصغار، ويقدم لهم درساً في الشعر بلهجة بلادهم التي مزقتها الحرب من أجل غرس المعرفة وحس المجتمع السوري بعيداً عن وطنهم.

قال محمد باسل، 19 عاماً: ”عندما يكون مدرس سوري هو المسؤول عنك، يكون مدركاً تماماً لموقفك“. وكان باسل قد خسر عامين دراسيين بسبب الحرب وعانى ليلتحق بأحد المدارس المصرية. ويضيف: ”لقد انقطعنا عن التعليم لفترة، لذا على المدرس أن يعرف من أين يبدأ معنا. لدينا شىء مفقود ونحتاج إلى مدرس يستطيع أن يملأ تلك الفجوة“.

اللاجئون السوريون، الذين يقولون إنهم يشعرون بأنه غير مرحب بهم في مصر، قاموا بتشكيل مجتمعهم الخاص تدريجياً في مدينة السادس من أكتوبر بالقاهرة. انتقلوا إلى أحياء أصبحت ذات أغلبية سورية، وبدأوا أعمالهم، والكثير حالياً يدخلون أبنائهم في فصول تدار باللاجئين وللاجئين.

عدد اللاجئين السوريين المسجلين في مصر هو 128 ألف، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، لكن العدد الحقيقي يعتقد أنه أكبر بكثير. لا توجد معسكرات للاجئين في مصر، لذا الغالبية العظمى منهم يعيشون في المناطق الحضرية الكثيفة جنباً إلى جنب مع المصريين.

واجه السوريون في مصر عداء متزايدا منذ الإطاحة العسكرية بالرئيس الإسلامي محمد مرسي عام 2013، الذي دعم الانتفاضة السورية. فيما تصور وسائل الإعلام المصرية السوريين كمثيري مشاكل شاركوا في المظاهرات التي دعت إلى عودة مرسي. وقالت منظمات حقوقية إن مئات السوريين عرضة للاحتجاز الطويل أو الترحيل، كما أن مصر بدأت في طلب تأشيرات دخول إلى أراضيها من السوريين.

تراجعت التوترات منذ ذلك الحين، لكن حياة اللاجئين السوريين في مصر مازالت صعبة، وخاصة الأطفال الذين تأخروا في التعليم بعد ضياع أشهر وسنوات من الدراسة بسبب الصراع. المدارس الحكومية المصرية شديدة الازدحام، وفوضوية، ويتحدث المصريون بلهجة عربية مختلفة من الصعب على السوريين مجاراتها.

ويعد مركز بناة الحضارة التعليمي، الذي يدرس به باسل، أحد المراكز العديدة في السادس من أكتوبر التي انشئت من أجل تقديم بيئة تعليمية أفضل للاجئين.

قال طارق الحركي، مدرس للغة الانجليزية للمرحلة الثانوية بالمركز: ”التعليم هو أكثر الأشياء أهمية بالنسبة لسوري رحل عن بلاده، لذلك افتتاح المدارس لهم سوف يمدهم بالمعرفة، التي ستمكنهم من إعادة بنائها عندما نعود إلى بلدنا يوماً ما“. افتتح المركز هذا العام ويدرس فيه عدد من الطلاب العراقيين والليبيين والمصريين، كما يوجد فيه أيضا مدرسين مصريين.

تدوي أصوات الحفر والطرق من كل مكان بالمبنى الذي لم ينته بالكامل، ويعبر خلال القاعات عمال يتناثر الطلاء على ملابسهم.

يقود المركز حسام الجوبي، الذي عمل كمدرس بمدينة حلب السورية لأكثر من 30 عاماً قبل أن يجبر على مغادرة بلاده. وقال إن المركز الذي يدار بواسطة زملائه من اللاجئين قادر على تقديم ”الدعم النفسي والاجتماعي“ لـ500 طالب ممن يحضرون الفصول. ”قد يكون المدرسون المصريون غير قادرين على القيام بذلك“.

لا يسمح بالمناقشات السياسية. وقال الجوبي إن الطلاب ”بالفعل قد تآذوا بما رأوه من دمار وانقسام، لذلك نعمل على أن ينسوا ذلك من خلال الرياضة والأنشطة الأخرى كالفن والغناء والتمثيل والرسم“.

يدرس المركز المناهج القومية المصرية ولديه اتفاقية مع المدارس الخاصة المصرية، حيث يؤدي الطلاب امتحانات نهاية الفصل الدراسي وحيث تخرج الدرجات. تم السماح للسوريين بالتسجيل في المدارس العامة المصرية منذ 2012، وتم إدارج حوالي 35 ألف طالب. في حين يدرس 6 آلاف آخرين من خلال فرص تعليم غير رسمية مثل المركز.

قال محمد شوقي، مسؤول التعليم بوكالة اللاجئين بالأمم المتحدة، إن المراكز الخاصة ”مهمة لبعض الأطفال“، لكن التمويل أقل استدامة والشهادات أقل توثيقاً بالمقارنة بالمدارس العامة. وأضاف ”مفوضية شؤون اللاجئين دائماً ما تنصح باندماج أكثر في النظام التعليمي العام، وملكية أكثر من الحكومة – لأسباب تتعلق بالاستدامة“.

تقول أم لثلاثة أبناء يدرسون بالمركز، إن المصريين في البداية عرضوا المساعدة عندما هجرت وأسرتها دمشق منذ 4 سنوات. لكن مع الوقت أصبحوا يواجهون مضايقات، واستهدفهم مجرمون بسبب كونهم مستضعفين. تعرضت للسرقة بعد وصولها القاهرة بفترة قصيرة، وقالت إن أحد الأشخاص حاول اختطافها بـ”توكتوك“ أثناء سيرها مع ابنتها الصغرى.

وطالبت بعدم ذكر أسماء الأسرة بسبب الخوف على أقاربهم الذين مازالوا بسوريا.

تعرض ابنها، 11 عاماً، لمضايقات بمدرسة عامة مصرية، ومؤخراً تعرض لجرح في أنفه خلال شجار مع طفل مصري. وقالت: ”عانى من مضايقات كثيرة.  في المدرسة قالوا له (أنتم السوريون، أخذتم رزقنا). يقول المصريون ذلك عندما نقوم بافتتاح أعمالنا والحصول على فرص عمل“.

قامت بنقل أبنائها إلى المركز بعد توسل الابن والبنتين إليها من أجل نقلهم إلى مدرسة جديدة.

انتقلت العائلة مؤخراً إلى شارع معظم ساكنيه من السوريين حيث يركب الأطفال الدراجات بالشوارع الضيقة. وبالداخل، في غرفة المعيشة هناك طاولة قابلة للطي وكراسي، وملصق على الحائط عليه جدول الضرب.

تقول الأم: ”أنت تعرف أبناء وطنك.. عقلي في راحة هنا… المصريون لهم عقل ونحن لدينا آخر“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى