اقتصاد

أوراق بنما: وداعا موساك ..أهلا أمريكا

علاقة فونسيكا بالنازية والمخابرات الأمريكية وولاية نيفادا

 

رامون ويورجن فونسيكا، مؤسسي مكتب موساك فونسيكا

zerohedge.com – Tyler Durden

إعداد وترجمة: محمد الصباغ

 

مع الاهتمام الإعلامي الكبير بأسماء رجال السياسة ومشاهير كرة القدم التي تم الكشف عنها في تسريبات ”أوراق بنما“، والذين اتضح أنهم عملاء لمكتب المحاماة موساك فونسيكا. فإن  الأمر لا يتعلق بأي من الأفراد شديدي الثراء الذين فعلوا كل شئ بمقدورهم فعله بشكل قانوني و غير قانوني، من أجل تجنب الضرائب، والحفاظ على هويتهم المالية غير معلومة وبشكل عام الحفاظ على ثرواتهم. في النهاية، هذا ما يفعلونه وما سيستمرون في القيام به، ولا يجب أن نتعامل معه كمفاجأة لأنهم سيفعلون ذلك بشكل دائم، وخصوصاً بعدما كشف الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين أيضاً خلال العام الماضي عن قائمة تضم 100 ألف من عملاء بنك ”اتش اس بي سي“ كانوا يتهربون من دفع الضرائب.

القصة هنا تدور حول العالم الضبابي للتهرب من دفع الضرائب عبر شركات في الخارج وفيما يسمى بالملاذات ضريبية، والتي وفقاً لبيانات من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة والبنوك المركزية، فقد أخفوا مبالغ تتراوح بين 21 و32 تريليون دولار، حيث تقوم شركات وكيلة ومؤسسات قانونية في دول الكاريبي الصغيرة (وقليل من الولايات الأمريكية الصغيرة) بغسيل الأموال وإخفاء الثروات الضخمة، وتحويلها إلى أرقام خلف شركات وهمية لا يمكن تعقبها.

حتى نعرف أكثر عن البطل الحقيقي في الرواية، مكتب المحاماة الذي يدعى موساك فونسيكا والقائم في بنما، اتجهنا إلى موقع فيوجن الذي قام بعمل رائع يدور حول تاريخ المكتب ومموليه وأهم الأحداث في تاريخه.

شمل الأمر النازيين وملوك تجارة المخدرات بالمكسيك، وبالطبع الولايات المتحدة الأمريكية. وفي البداية إليكم كيف ارتبط هذا المكتب بالنازيين وبالاستخبارات الأمريكية.

هبطت عائلة يورجن موساك هنا في الستينيات خلال الحرب الباردة، وكان والده يخدم في قوات الإس إس التابعة  للحزب النازي، وفقاً لملفات المخابرات الأمريكية التي حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين. وفي بنما، عُرِض على موساك الأب التجسس على الشيوعيين لصالح المخابرات الأمريكية. (قال موساك فونسيكا إن الشركة ”لن تجيب على أية أسئلة تتعلق بمعلومات خاصة هذه التي تتعلق بالمؤسسين المشاركين.“)

أما ما يخص الارتباط بملك تجارة المخدرات المكسيكي، رافائيل كارو كوينتيرو، وبإدارة مكافحة المخدرات الامريكية، ففي كثير من الأحيان لم يكن لموساك فونسيكا أدنى فكرة عن الشخصيات الإجرامية وما تفعله بالشركات التي خلقتها المؤسسة -حتى اكتشف يورجن عام 2005، وفقاً لرسائل إلكترونية داخلية، أنه أحد العملاء المسجلين ومدير لشركة يديرها كبير تجار المخدرات المكسيكي رافاييل كارو كوينتيرو. وسبق أن أدين كوينتيرو –مؤسس اتحاد وادي الحجارة لمنتجي المخدرات- بقتل عميل أمريكي بإدارة مكافحة المخدرات عام 1985 بالمكسيك. (وإلى الآن تتعامل الولايات المتحدة مع كوينتيرو على أنه هارباً بعد خروجه من السجن عام 2013 لأخطاء إجرائية.)

وبعد تلك الواقعة قدم شركاء رئيسيين بموساك فونسيكا لأحد الموظفين قراراً باستقالتهم من الشركة.

 

ولاية نيفادا

في عام 2013، ربط تقرير للنيابة الأرجنتينية بين  شركات وهمية في نيفادا متورطة في فضائح فساد كبيرة وموساك فونسيكا. وبعدما واجهت تلك الشركات الوهمية محاكمات فيدرالية بنيفادا، وظهرت وثائق مسربة، بدأ موظفو موساك فونسيكا في التخلص من السجلات الورقية وحذف الملفات من أجهزة الكمبيوتر والمكالمات الهاتفية بمكتب لاس فيجاس. ووصل الأمر إلى سفر أحد الموظفين من أمريكا الوسطى إلى نيفادا لاستعادة الملفات. ووفقاً لرسالة إلكترونية بتاريخ 24 سبتمبر 2014: ”عندما وصل أندرياس إلى نيفادا نظف كل شئ وأعاد كل الوثائق إلى بنما.“

ونفت موساك فونسيكا بشكل قاطع إخفاء أو تدمير وثائق في تصريحاتها لاتحاد الصحفيين الاستقصائيين: ”لنكن واضحين ليس من سياستنا إخفاء أو إتلاف الوثائق التي يمكن استخدامها في أي تحقيقات جارية أو لاحقة.“

كما أظهرت التسجيلات المسربة تناقضاً في شهادة يورجن موساك، الذي أخبر المحكمة الجزئية الفيدرالية أن شركته منفصلة عن شركة نيفادا متعددة الجنسيات، ومقرها لاس فيجاس، وأضاف أنه لا يمكنه التحكم فيها. فقال خلال شهادته في يوليو 2015: ”موساك فونسيكا لم يكن لها أي مكتب، أو مؤسسة، أو مكان للعمل في نيفادا.“

لكن وفقاً لتحقيقات الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، أظهرت وثائق داخلية العكس تماماً وأشارت إلى أن أفرع مكتب المحاماة ببنما تحكمت في الحساب البنكي لشركة نيفادا متعددة الجنسيات، وأن مؤسس الشركة ومسؤول آخر بها يمتلكون 100% من شركة نيفادا متعددة الجنسيات.

وفي تحقيق لبلومبرج، اتضح أن أهمية نيفادا ترجع إلى كون ”الولايات المتحدة هو الملاذ الضريبي الجديد المفضل حول العالم.“ وبالتحديد ولايات محددة مثل نيفادا ووايو منج وداكوتا الجنوبية.

بعد سنوات من انتقاد الدول الأخرى لمساعدتهم أغنياء أمريكا في إخفاء أموالهم بالخارج، تظهر الولايات المتحدة على الساحة كملاذ ضريبي وسري لأغنياء العالم الأجانب. بمواجهة معايير الإفصاح العالمية، تخلق الولايات المتحدة سوقاً ساخناً، ليكون وجهة لتلك الثروات الأجنبية. ويشارك في ذلك كل الأشخاص من المحاميين اللندنيين إلى شركات الإئتمان السويسرية، مساعدين بذلك أغنياء العالم في نقل حساباتهم من أماكن كالباهاما وجزر العذراء البريطانية إلى نيفادا أو وايومنج وداكوتا الجنوبية.

كتب بيتر ايه كوتورسينو، محامي بشركة أنفورد إيه جي السويسرية، في جريدة قانونية: ”ياللسخرية -لا، يا له من ضرر ستسببه الولايات المتحدة، التي تظاهرت بالورع في إدانتها للبنوك السويسرية، وأصبحت الآن وجهة للحسابات البنكية السرية. هل تستمع إلى صوت الشجب المرتفع؟ إنه صوت الأموال التي تسارع في الانتقال إلى الولايات المتحدة.“

الأموال تسرع لسبب واحد بسيط، فالأموال القذرة مرحب بها في الولايات المتحدة، لا جدال في ذلك، لتجد حماية بسرية كبيرة من الضرائب أكثر من أي مكان آخر على وجه الكوكب.

ربما يقول أحدهم إنه في تلك الأيام، الملاذات الضريبية في الولايات المتحدة هي سويسرا الجديدة، أو الباهاماس أو بنما. في الواقع، أغلب الأمريكيين لا تعنيهم الملاذات الضريبية للأموال القادمة من الخارج في شيء مع إقرار قانون فاتكا الجديد، والذي يجعل من بقاء الأموال الأمريكية سيئة السمعة بشكل ما شبه مستحيل. إذاً أين تذهب تلك الأموال بدلاً من ذلك؟ تظل داخل الولايات المتحدة.

كما ظهر آخرون على الواجهة، فقال جون جي ريان، رئيس مؤسسة سيزا ”Cisa“ للتحقق من المعلومات، إن شركة سيزا تراست ومقرها جينيف –تقدم خدمات استشارية لأثرياء أمريكا اللاتينية – قد تقدمت لافتتاح مقر لها في بيير بداكوتا الجنوبية من أجل ”خدمة احتياجات عملائنا الأجانب.“

وأيضاً نقلت شركة ترايدنت تراست جروب –إحدى أكبر الشركات الإئتمانية الخارجية- عشرات من حساباتها من سويسرا وجزر جراند كايمان بالكاريبي ومناطق أخرى إلى مدينة سايوكس فالز بداكوتا الجنوبية في ديسمبر، قبل موعد الإفصاح النهائي في الأول من يناير.

وهناك أيضاً شركة بعينها تعتبر رأس حربة للتحويلات الأمريكية إلى بنما وهي روثتشايلد. وهي مؤسسة مالية أوروبية يعود تأسيسها إلى قرون مضت، وافتتحت شركة ائتمانية في مدينة رينو بنيفادا، على بعد بنايات قليلة من كازينو إلدورادو. وتنقل حالياً ثروات عملائها من الاغنياء الأجانب من بلدان مثل بنما إلى نيفادا.

وفقاً للمستشاريين الاقتصاديين، الوضع الحالي هو ببساطة فرصة جيدة للعمل. في مسودة مشروعه بسان فرانسيسكو، كتب بيني روثتشايلد أن الولايات المتحدة ” هي الملاذ الضريبي الأكبر في العالم.“ وأضاف أن الولايات المتحدة تفتقد إلى ”الموارد لتنفيذ قوانين الضرائب على النقد الأجنبي ولديها رغبة قليلة في فعل ذلك.“

نعم، ربما تكون موساك فونسيكا مجرد تاريخ حالياً، وتم الكشف عن عدد لا يحصى من عملائها، لكن لا يوجد من هو أسعد الآن من شركة روثتشايلد التي ستكون قادرة على ملأ فراغها. في الحقيقة، ربما لو امتلك شخص تفكير تآمري، فربما يقرر أن السقوط الدرامي للشركات البنمية كانت مجرد ضربة نفذها منافس… مثل روثتشايلد.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى