سياسة

أوبزرفر: المصريون بين عنف داعش وقوانين السيسي

اوبزرفر: قانون الإرهاب الجديد يرهب الصحفيين

الجارديان-  اوبزرفر-  – جيرد مالسين – ترجمة: محمد الصباغ

اهتزت مبان على مسافة عدة أميال بفعل الانفجار. استيقظ المواطنون من نومهم، واتصلوا ببعضهم البعض،  ثم بدأوا في النظر إلى شاشات هواتفهم آملين في معرفة أي تفسير للإنفجار إلى أن سمعت صفارات الإنذار.  لقد انفجرت سيارة مفخخة الخميس الماضي أمام مبنى الأمن الوطني بشبرا الخيمة، المنطقة العمالية على أطراف شمال القاهرة. تناثرت أجزاء من خرسانة المبنى خارجه، وانتشرت شظايا الزجاج على الأرصفة. وتطايرت نوافذ مبنى سكني مجاور، أصبحت المساحات الخاصة للعائلات في هذا المبنى مفتوحة أمام من في الشارع.

صارت مثل تلك الحوادث شبه روتينية في القاهرة. فالحكومة المصرية في معركة مع حركات تمرد متزايدة. في يونيو الماضي قتل النائب العام المصري هشام بركات في انفجار بضاحية للنخبة بالقاهرة. وبعد أيام، بدأ المتمردون هجمات متوازية على عدة مواقع عسكرية بشمال سيناء. وفي الأسبوع الماضي، زعم تنظيم الدولة الإسلامية أنه قام بذبح كرواتياً اختطف من طريق صحراوي خارج القاهرة.

وفي رد فعل على ذلك، صاغت الحكومة قانوناً صارماً لمكافحة الإرهاب، يؤسس لمحاكم خاصة ولغرامات باهظة على الصحفيين الذين يخالفون الرواية الرسمية للحكومة حول أي هجوم. ويقول منتقدو القانون أنه يضمن سلطات واسعة للرئيس ويمكن أن يقود إلى تواصل حملة بدأت منذ عامين ضد المعارضين السياسيين.

يجد المصريين العاديون أنفسهم محاصرين بين عنف المسلحين ودولة لديها سلطات لم يسبق لها مثيل.

يقول الصحفي المصري وائل اسكندر ”أقول أن القانون هو قانون إرهاب لأنه بالفعل ليس لمكافحة الإرهاب. هو يشرع لإرهاب الدولة.“ وأضاف اسكندر ”هو استبدال لقانون الطوارئ، يطغى على الدستور وعلى حق الشعب في حرية التعبير، كما يضمن تقنين إفلات رجال الشرطة من العقاب والذين هم بالفعل شديدو الوحشية.“

وائل اسكندر

صدق الرئيس عبدالفتاح السيسي على القانون الجديد الأحد الماضي. والسيسي هو قائد الجيش السابق الذي قاد الإطاحة بالررئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي في يوليو 2013. لا يوجد برلمان حالياً في مصر، وبالتالي تقع سلطة التشريع في يد السيسي.

يأتي التشريع الجديد في سياق تشديدات أمنية منذ عامين. منذ الإطاحة بمرسي، زادت الدولة من معدل استخدام القوة القاتلة من أجل قمع المظاهرات، وأسفر ذلك عن مقتل حوالي ألف شخص في يوم واحد في أغسطس 2013. وخلال الحملات الأمنية، ألقي القبض على أكثر من 40 ألف شخص، وذلك وفقاً للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

كان إسكندر ضمن الجيل من المصريين الذي شارك في انتفاضة عام 2011 والتي أنهت ثلاثة عقود من ديكتاتورية حكم مبارك. طرد هذا الجيل مبارك وحاشيته من السلطة وفككوا أجهزتهم السياسي.

أمل الكثير من المصريين بأن الثورة قد تذهب إلى ما هو أبعد من تغيير الأشخاص وتضع حداً للحكم الاستبدادي الذي تمثل في نظام مبارك من خلال التعذيب والفساد وتزوير الانتخابات. لكن منذ استيلاء الجيش على السلطة عام 2013، عادت الكثير من تلك الممارسات بل ازدادت. يقول نشطاء إن الخوف عاد مرة أخرى إلى حياة المصريين السياسية، كنتيجة لعودة دولة عصر مبارك الأمنية مرة أخرى.

ويؤكد اسكندر ”كانت ثقافة الخوف من انتقاد الحكومة موجودة حتى في عصر مبارك، لكن الآن تبدو أكثر واقعية، حيث تعرف أنت أنهم يمكن أن يتصرفوا بناء عليها. أشعر وكأنني تحت التهديد دائماً. بعض الأشخاص الذين أعرفهم تم تهديدهم والاعتداء عليهم.“

الخوف هو نتيجة للنتائج التي قد تترتب على المشكلات مع  الأجهزة الأمنية. سجن مناصرو حقوق الإنسان والنشطاء من المصريين بعد محاكمات صورية. ومنع آخرين من السفر. ومازال بقية منهم يعانون من مصير ضبابي. فالمصورة الصحفية إسراء الطويل ،23 عاماً، واثنان من أصدقائها قبض عليهم أثناء تجولهم بكورنيش النيل في المعادي في الأول من يونيو. ولمدة أسبوعين نفت السلطات أن الثلاثة تم القبض عليهم. وبعد أسبوعين آخرينن ذكرت تقارير أن إسراء ظهرت بأحد السجون.

تعد إسراء من بين العشرات الذين ”اختفوا“ بواسطة قوات الأمن المصرية، وفقاً لمنظمات حقوقية. كانت “الحرية للجدعان“ قد ذكرت في بداية يونيو أن 163 شخصاً اختفوا لمدة أكثر من شهرين. وشملت تلك القائمة 64 شخصاً تحدد مكانهم بعد اعتقال سري لمدة 24 ساعة، و66 شخصاً مازالوا مفقودين، فيما لم يتم التحقق من بقية الحالات.

وسط الواقع الجديد من الصراع العنيف بين الدولة والمتمردين، يعاني الصحفيون من المضايقات وما هو أسوأ من ذلك على أيدي السلطات. وأصبح العمل على أخبار هجمات المسلحين شيئاً خطيراً، للعديد من الأسباب ليس أقلها هو أن الشرطة تتعامل مع من يحمل كاميرا بأنه مشتبه به. عقب الانفجار الذي دمر جزء من مبنى القنصلية الإيطالية في القاهرة، احتجزت الشرطة أربعة صحفيين بسبب وصولهم إلى موقع الانفجار ”بسرعة كبيرة“.

عند مواجهة الصحفيين مع الشرطة تكون المخاطر كبيرة، فعلى الأقل يقبع 18 صحفياً في السجون المصرية، وفقاً للجنة حماية الصحفيين في تقريرها الصادر يونيو الماضي. وفي 29 أغسطس، من المتوقع أن يصدر الحكم في إعادة محاكمة الصحفيين الثلاثة ،باهر محمد ومحمد فهمي وبيتر جريسته، الذين قضوا أكثر من 400 يوماً في السجن بسبب عملهم في شبكة الجزيرة الإنجليزية.

كما أن الصحفي محمود أبوزيد الشهير بشوكان، مازال في السجن حالياً منذ أكثر من عامين عقب محاولته توثيق مذبحة راعة العدوية بالقاهرة في أغسطس 2013. ويقول الصحفي اسكندر ”سعيهم الكامل للسلطة مبني على كذبة ويحاولون دعم تلك الكذبة، لذا من المهم جداً لهم ألا يتم تحديهم. على سبيل المثال، هم يحتاجون الاعتراف الدولي لذلك يواجهون الصحفيين الذين يعملون في مصر.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى