إعلام

متى نقرأ المقالات الطويلة ..جدا؟

متى نقرأ المقالات الطويلة ..جدا؟

Columbia Journalism Review – مايكل ليفن – آنا هايت – مايكل شابيرو – ترجمة: محمد الصباغ

في بدايات الإنترنت، وعندما وصلت إثارة المواد الصحفية الطويلة إلى الذروة، تم تجاهل سؤال هام: لمن ستكتب هذه القصة الخبرية، وكيف أتأكد من أن الجمهور سيقرأها؟ سؤال بدأ مؤخراً الصحفيين في الإجابة عنه.

قبل عام أو أكثر، سأل ثلاثتنا عن شئ وهو كيف نستطيع –مع إمكانيات وتحليلات قليلة للإنترنت- أن نفهم بشكل أفضل سلوك محبي قراء المواد الطويلة، وما الذي يجعل هؤلاء الأشخاص يقومون بمشاركة تلك المادة؟ هل هناك دروس أساسية يجب أن نتعلمها، بحيث تقوم بها كل مؤسسة صحفية بدون عوائق تقنية  تعطل مشاركة الأخبار؟

لذا قمنا بعمل دراسة، مولّها مركز الصحافة الرقمية بجامعة كولومبيا، وفيها تابعنا 63 شخصا يميلون لقراءة المواد الطويلة، وكيف يقرأونها ويشاركونها خلال  21 يوماً. كان المشاركون 33 رجلاً و30 امرأة وتراوحت أعمارهم بين 20 و50، وكان معظمهم في سن 32 أو أصغر.

كانت من ضمن النتائج اللافتة أن القراء أنهوا 94% من المواد الصحفية الطويلة التي بدأوها. ولإدراك أن حجم هذا الإتمام كبير جداً، لنعود إلى “بدايات الإنترنت، عندما ترسخت حكمة بأن “القراء لن يهتموا بالمواد التي تزيد عن طول شاشة الكمبيوتر.

بدلاً من ذلك، ومع وجود سرعات تحميل أكبر وظهور أجهزة التابلت و”القراءة وأنت مستلق“،  شهدت الصحافة زيادة في المواد الصحفية الطويلة، من بينها مواقع مثل (Longreads.com ) و (Longform.com)، وناشري المحتوى الأصلي مثل (Atavist – Narratively- The Big Roundtable). وبالإضافة إلى ذلك، بدأت الكثير من المؤسسات الإعلامية في نشر مواد أطول مثل مواقع (BuzzFeed- Politico) ، فيما قامت مؤسسات أخرى كنيويورك تايمز بالوقوف بمواردها وعمالتها وراء مشروعات طموحة مثل (SnowFall).

كان الأخير -(SnowFall)- إنجازاً كبيراً في القصص التفاعلية على الإنترنت، وسريعاً بدا أن كل جريدة أو مجلة تريد نسختها الخاصة. ومع موجة الحماس الناتج من تصميم القصة العظيم، تاه وسط كل ذلك السؤال عمن سيقرأ ذلك.

كان القياس الوحيد لنجاح قصة مجلة هو عدد النسخ المباعة، مما يعطي  القليل من الإشارات حول “أي مادة صحفية بداخلها كان الأكثر قراءة”؟، أما النشر الرقمي فيقدم عدة طرق لقياس نجاح قصة خبرية واحدة.

ومع ذلك، تقدم تلك التحليلات صورة غير كاملة عن سلوك القارئ، ورؤية حقيقية قليلة حول تفاعل القراء. فأشياء مثل عدد الزيارات، وعدد القراءات، ووقت التواجد على الصفحة، ومعدل التردد على الصفحة تساعد فقط بدرجة محدودة. تعطي الأدلة العملية، وتعليقات القراء، وحوارات مواقع التواصل الاجتماعي،والردود عبر البريد الإلكتروني، للصحفيين لمحة عن تفاعل الأشخاص مع موادهم الصحفية سواء بالسلب أو بالإيجاب، لكن عامة، يبقى تصور الصحافة للقارئ مشوشا.

قال ستيف جوبز عبارة شهيرة ”العملاء لا يعرفون ما يريدون.“ يمكن تطبيق نفس الشئ على القراء. لذا نستنتج: لنتوقف عن السؤال عما يريده القراء ونبدأ بالسؤال عن من هم، وكيف يتصرفون عند قراءة مواد طويلة؟

قرأ المشاركون في الدراسة 1349 قصة خبرية خلال ثلاثة أسابيع وشاركو منها 469 أي بنسبة 35%. يمكننا اعتبار أن 35% نسبة جيدة، لذا من المهم أن يبقى في حسباننا أن المشاركين في الدراسة هم من محبي المواد الطويلة، والذين قد يكونون ميالين إلى البحث والقراءة ومشاركة المواد الطويلة بنسبة أكبر من المعدل الطبيعي.

تم مشاركة المواد الخبرية ال 469 بمجموع 549 مرة في أوقات مختلفة، وأغلبها عبر البريد الإلكتروني بنسبة (43%)، و الفيسبوك (21%)، وتويتر (15%). شارك الأشخاص القصة الخبرية بنسبة 51% مع شخص ما قابلوه وجهاً لوجه، و33% عبر وسائل التواصل الإجتماعي، و6% من خلال مجموعة محددة من الأشخاص، ومثل مجموعة للكتاب مثلاً، و4% مع شخص ما لم يقابلونه شخصياً.

وفي موقعنا ((The Big Roundtable، كنا ننشر تقريباً أكثر من 40 مادة أيام الخميس والجمعة، اعتقاداً بأن عطلات نهاية الأسبوع هي أوقات لقراءة القصص الطويلة. لكن ذلك لم يكن صحيحاً بشكل ما. فوفقاً لنتائج بحثنا، قرأ المشاركون 50% من المواد خلال الأسبوع، و50% خلال عطلة نهاية الأسبوع.

بالرغم من أن الأشخاص قرأوا نفس كمية المواد الصحفية في يومي عطلة نهاية الأسبوع خلال الخمسة أيام الآخرين، إلا أنهم كانوا أقل مشاركة للمواد التي يقرأونها خلال العطلة، مقارنة ب 52% من القصص التي قرأوها خلال الأسبوع.

كانت الأوقات التي يقرأ فيها المشاركون موزعة تقريباً بشكل متساو طوال اليوم، 28% خلال المساء، و26% في فترة الظهيرة، و 24% في الصباح. ولاحظنا 90% منهم يقرأون في منتصف اليوم. وفي 66% من المرات أنهى المشاركون المقال في جلسة واحدة، وفي 28% من الأوقات بدأوا فيها ثم عادوا إليها ليكملوها مرة أخرى.

عندما يقرر القراء مشاركة القصة الخبرية، فالأداة الاكثر قوة –البريد الإلكتروني- تكون محدودة جداً: الرسائل الالكترونية الشخصية من الفرد للآخرين  هي الأقوى عند محاولة حث شخص ما على القيام بشئ ما، لكن لأن التفاعل يكون بين أشخاص قليلين جداً، من غير المحتمل أن يكون مستقبل الرسالة هو شخص لدية القوة ليجعلها واسعة الانتشار.

يكون البريد الالكتروني مصحوباً بعقد اجتماعي: إن المرسل يعرف المستقبل، يفهم ما يقد يهتم به أكثر. يبدو أيضاً أن المشاركة عبر البريد الالكتروني تشهد مخاطرة وهي بافتراض أن المرسل يعرف تحديداً اهتمامات المستقبل. بعد كل ذلك، عند مشاركة قصة طويلة، يقول المرسل للمستقبل بالأساس ”أنا أعرفك بالحد الكافي لدرجة أنني أعتقد بأنك ستقرر نصف ساعة من وقتك لهذه القصة.“ لو فقدت التوصيات بالقصة هدفها، فسيقلل ذلك من قوة مشارك الأخبار فيما بعد. والأكثر أمناً هنا هو المشاركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً الفيسبوك وتويتر، حيث تنشر القصة لجميع ”الأصدقاء“، بغض النظر عما إذا كان المرسل إليهم قد قابلهم من قبل.

كانت القصص التي يقرأها مشاركونا من خلال مواقع الإنترنت بنسبة 30% معظم الوقت. وكان اكثر المصادر استخداماً ” “other بنسبة 19%، ثم عبر البريد الالكتروني 18%، وتويتر 15%. وكانت الإجابات الأكثر شيوعاً تحت التصنيف ” “otherهم: المجلات(الاشتراكات المطبوعة)، المجلات(تطبيقات الجرائد)، الخدمات الثقافية، ومحركات البحث.

يبدو أن الاسم الموثوق به يصاحبه شعور بالجودة، فالقراء يفضلون استثمار وقتهم في مادة خبرية من خلال نافذة إعلامية يعرفونها أكثر من التي لا يعرفونها. هنا يؤكد ذلك على أن الصياغة والتدقيق في القصة الطويلة هو عامل هام لجعلها مقروئة.

يبدأ الناشرون في رؤية أن العناوين الغامضة لقرائهم، من أجل معرفهم من هم وما هي نوعية القصص التي تجعلهم يضغطون على اللينك لقراءة المادة.

فلماذا تنتشر بعض المواد بينما لا تنتشر أخرى بالرغم من نفس الجودة؟

الإجابة هنا أيضاً ترتبط بالثقة، وفي هذه الحالة يكون في البداية المصدر الذي قام بمشاركة القصة. نفهم أن القراءة الطويلة لن تنافس أعداد الإعجاب على فيديو بعنوان  “Charlie Bit My Finger” الذي وصل إلى (800 مليون زيارة) أو (BuzzFeed’s listicles) ، وباستخدام تلك القياسات من النجاح الفيروسي كمعيار سيكون غير مناسب.

المواد الطويلة تحتاج إلى وقت طويل لإنتاجها، ولكتابتها وإعدادها، ووقتا  أيضا في مقابل وعد للقاريء بإنها ستمنحه شيئا لا ينتهي أثره بسهولة. .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى