سياسة

أزمة الهندوراس.. ما الذي يدفعهم إلى الفرار ولماذا يرفض ترامب دخولهم؟

الناس يفرّون من أمريكا الوسطى هربًا مِن العنف والفقر والفساد وتغيّر المُناخ

المصدر: The Week 

ترجمة: رنا ياسر

ركّز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اهتمامه على قضية واحدة فوق كل القضايا الأخرى -في ظل سعي الولايات المتحدة إلى التفوق في الانتخابات النصفية- وهي قضية المهاجرين، خاصة أولئك الذين تتجه قوافلهم نحو حدود البلاد من أمريكا الوسطى، حتى وصل أعداد هذه القوافل إلى الآلاف.

كان المشرعون الأمريكيون علموا في البداية بانطلاق قافلة يبلغ عدد أفرادها نحو 160 شخصًا، انطلقت من مدينة سان بيدرو سولا -التي تقع في الركن الشمالي الغربي من هندوراس في أمريكا الوسطى- في الساعات الأولى من يوم 13 أكتوبر لهذا العام، إذ كان يأملون في العثور على عمل وحياة أفضل في المكسيك والولايات المتحدة.

ومع اقتراب القافلة ذات العدد المتنامي من الحدود الأمريكية، تقدم ترامب بمقترحات راديكالية لوقف تقدمها، مُغردًا “بأنها غزو لأفراد عصابة”، واصفًا إياهم “بالشرق أوسطين”.

لكن الحقيقة هي أن هناك تحركا لهجرة جماعية منذ فترة طويلة من أمريكا الوسطى، ومن هندوراس على وجه الخصوص.

وتفيد التقارير بأن هناك على الأقل قافلة واحدة غادرت هندوراس، وثلاث من جمهورية السلفادور، “ولكنها تهاجر بطريقة واضحة وجلية للجميع”، حسبما يقول إدجار فاليسيوس، في شبكة سكالابريني الدولية للهجرة في مدينة المكسيك، لصحيفة “جارديان” البريطانية.

 فما الذي يجري في هندوراس؟

السبب الرئيسي وراء الهجرة الجماعية خارج هندوراس هو تفشي الجريمة العنيفة، إذ عانت البلاد من عنف العصابات وحروب عصابات المخدرات والفساد، ولديها ثاني أعلى معدل جرائم قتل في العالم، وصل إلى نحو 56.52 جريمة قتل مُتعمدة لكل 100 ألف شخص، أما السلفادور المجاورة تُسجل المزيد من جرائم القتل كل عام.

وحسبما جاء في تقرير مُنظمة أطباء بلا حدود لعام 2017، أن هندوراس، التي يزيد عدد سكانها على 9 ملايين نسمة، تعاني من مستويات “غير مسبوقة” من العنف خارج منطقة الحرب، وأن المواطنين يتعرضون للقتل بمنأى عن العقاب، فضلا عن الخطف والابتزاز يوميًا.

وبدأ ظهور “عصابات شوارع، مفرطة في العنف” في أواخر التسعينيات، عندما أدت تغييرات التشريعات الأمريكية إلى طرد العديد من أعضاء العصابات الإجرامية ومنها: (إم إس-13) والتي تُعرف باسم مارا سالفاتروتشا، وهي عصابة إجرامية دولية نشأت في لوس أنجلوس وكاليفورنيا وتنتشر في أجزاء أخرى من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وأمريكا الوسطى، وكذلك عصابة (باريو 18).

لم يقتصر الأمر عند هذا الحد، فقد انتشر الاغتصاب والعنف ضد المرأة على نطاق واسع في هندوراس، ويشير تقرير منظمة أطباء بلا حدود إلى أن “العناصر الفاعلة غير الحكومية عملت على تجنيد الأفراد قسرًا في صفوفها، واستخدمت العنف الجنسي كأداة للتخويف والتحكم”.

وفي هذا الإطار، أشارت شبكة “إي بي سي نيوز” الأمريكية، إلى أن البلاد وقعت في دائرة “قتل النساء”، إذ إنه وفقا إلى مركز هندوراس لحقوق المرأة، تُقتل امرأة واحدة كل 16 ساعة في هذا البلد المضطرب، وهو أعلى معدل في العالم.

الاضطرابات السياسية

يمكن إرجاع هذه الفوضى المتفشية إلى الصراعات التاريخية في المنطقة، ونقلا عن تقرير شبكة “بي بي سي” أن “هندوراس لديها تاريخ طويل من الحكم العسكري والفساد”، الذي تفاقم بشكل كبير بسبب أزمة دستورية في عام 2009، عندما تمت الإطاحة بالرئيس -المُنتخب ديمقراطيا لهندوراس، الذي يُدعى مانويل زيلايا- من قبل الجيش ونفيه خارج البلاد.

ومن خلال ذلك، ارتفعت وتيرة الجريمة العنيفة في أعقاب الانقلاب، مع انتشار الفساد وشبكات المحسوبية.

ووصلت الاضطرابات إلى ذروتها في نوفمبر عام 2017، عندما فاز زعيم الحزب الوطني -خوان أورلاندو هرناديز، الذي أيد الانقلاب- في الانتخابات للحصول على ولاية ثانية في منصبه، وادعت منظمة “الدول الأمريكية” في ما بعد أن الانتخابات شابتها “مخالفات وأوجه قصور”.

أدى ذلك إلى نشوء احتجاجات واسعة بعد فوز هرنانديز، الذي تم الإعلان عن فوزه في الانتخابات، بعدما قُتل خلال الانتخابات عشرات الأشخاص على يد السلطات، وأعربت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أنه منذ الانتخابات زادت الهجمات على الصحفيين والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في مجال البيئة، وكذلك زادت القيود المفروضة على حرية التعبير والدين.

وفي هذا الإطار، أشارت “هيومن رايتس ووتش” إلى أنه “منذ ذلك التوقيت، أصبح الإفلات من العقاب عقب ارتكاب الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان أمرًا طبيعيًا”.

وزاد الوضع سوءا أن أكثر من 66% من السكان في هندوراس يعيشون في فقر منذ 2016، ويقول موقع المنظمة إن نحو كل واحد من خمسة هندوراس يعيشون على أقل من 1.90 دولارا في اليوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى