إعلامثقافة و فن

أرشيفك ضاع! ..كيف تحتفظ بأعمالك قبل أن يلتهمها الانترنت؟

بوينتر: هناك جرائد صدرت لـ 150 عاماً ثم انتهت ومعها معظم أرشيفها

بوينتر – كريستيان هار – إعداد وترجمة: محمد الصباغ

عندما بدأ حياته كصحفي، قام كيفن فاجان بقص كل خبر له، وكتب عليه تاريخ العدد ثم وضعه في ملف. ثم تغير الأمر، فأصبح يأتي بالعدد كاملا من الجريدة ويلقيه داخل خزانة.

”كانت الأمور تسير بتلك الطريقة لفترة طويلة.“

مع مرور الوقت انتقل فاجان للعمل في جريدة روكي ماونتين، التي تمتلك أرشيفاً إليكترونياً. لا يمكنك رؤية كيف ظهرت قصتك الخبرية لكنك تستطيع قراءة النص. هنا بدأ فاجان بالاحتفاظ بالقليل والقليل. حصل على نسخ من تغطيته لإطلاق النار في كولومباين. واعتقد أن أعماله دائماً موجودة على الانترنت.

لكن مع إغلاق روكي ماونتين في عام 2009، انهار الموقع الإلكتروني أيضاً. ومعه اختفت سلسلة فاجان باسم ”المعبر“، والتي رشحت لجائزة بوليتزر. السلسلة المصورة من 34 جزء بدأت في عام 2007، ودارت حول قطار اصطدم بحافلة مدرسية وتسبب في مقتل 20 طفل في عام 1961.

وفي أغسطس، بعد 8 سنوات من نشرها لأول مرة و6 سنوات بعد اختفائها، أعاد فاجان نشر السلسلة بشكلها الأصلي على الانترنت.

منذ آلاف السنين كتبنا القصص على الأحجار.

يقول إدوارد مكين، مسؤول الصحافة الرقمية وأستاذ بمعهد دونالد رينولدز للصحافة و بقسم أرشيف الصحافة الرقمية بمكتبات جامعة ميسوري، ”كان ذلك شبه دائم. لكن تلك لم يكن الوصول إليها سهلاً.“ ويضيف: ”كان عليك إما أن تذهب إلى حيث الصخور، أو عليك أن تكون قوياً بدرجة كافية لتحملها معك.“

لكن الأمور أصبحت أسهل، في البداية مع الألواح الطينية ثم الكتابة بالحبر على الورق.

يقول مكين: ”بالطبع تقدم الوسائل الالكترونية أسهل وأرخص طريق إلى المعلومات التي لم نمتلكها قبل ذلك على الكوكب، لكن أيضاً من أسهل في فقدانها. كان لدينا دائماً هذا المفاضلة بين الاستدامة وسهولة الوصول.“

مع الطباعة، طورنا أنظمة للحفظ. ويتابع:” لكن مع الالكترونيات، تضع شيئاً ما على قرص صلب ثم تعود إليه بعد خمس سنوات.“

لو مازالت تلك الأقراص تعمل، فهل البرمجيات كذلك؟ بعد عشر سنوات أخرى، هل ستجد برامج الكترونية مازالت تعمل؟ إلا إذا قمت بخطوة استباقية للحفاظ على أعمالك الرقمية، فأنت تراهن بكل سهولة على اختفائها.

حالياً يعمل كلاً من مكين ودوروثي كارنر، مدير المكتبات الصحفية بجامعة ميسوري، على إيجاد صناعة أرشيف شخصي رقمي لمنهج الصحافة الدراسي بجامعة ميسوري.

”للأسف، أنظمة إدارة المحتوى الحالية والأنظمة الأخرى التي نستخدمها يومياً لصنع قصصنا الأخبارية وانتشارها، ليسوا مصممين لحفظ المحتوى، لذا نجد أن المحتوى الالكتروني زائل بشكل كبير.“

اطلعت على مبادرة موقع بوينتر وكاتبتها ميلودي كرامر لأعرف ما إذا كانت تمتلك أي طريقة ليحافظ الصحفيين على أعمالهم.

قالت في رسالة إلكترونية: ”لا أعرف طريقة يمكن تنفيذ الأمر بها شخصياً، لكن أعتقد أن الشخص الذي يستطيع فعل ذلك سيكون شديد الذكاء. بالطبع من المهم جداً أن يفكر الأشخاص في أرشيفهم الخاص لأنه ليس من الضروري أن تفعل المؤسسات- كما فعلت بعض المؤسسات التي أغلقت ولم تتيح أرشيفها على الانترنت.“

هناك مزايا عديدة للصحافة الرقمية، وفقاً لمكين، حتى مع عدم توصولنا إلى أنظمة تسمح بوصول دائم إلى ما وضعناه على الشبكة العنكبوتية. ”إذاً لسنا مضطرين لحمل الصخور أينما ذهبنا. لكن موادنا تضيع بسهولة، بسهولة أكبر.“

بعدما نشر فاجان سلسلته، جاءته عروض بالحديث عنها، وفي 2007، تواصل مع التقنيين في ”روكي ماونتين“ وطلب منهم طريقة يمكنه بها عرض سلسلته عن بعد. كما صنع له أحدهم إسطوانة مدمجة.

احتفظ فاجان بأربع نسخ. وعندما اغلقت الجريدة في 2009، كانوا معه. أبقى 3 في منزله وأخرى معه في ،ذا دينفر بوست“، مكان عمله الجديد، تحسباً لاحتراق منزله مثلاً.

لم يتخيل فاجان مطلقاً أن موقع أخبار روكي ماونتين نفسه سيختفي. في أحد الأسابيع لم يعمل رابط ما. وفي الأسبوع التالي، ازداد الرقم. وفي ربيع أو صيف 2009، وصله بريد الكتروني من احد الأشخاص من كانوا يحاولون الوصول إلى السلسلة التي صنعها عبر الانترنت.

في مكان عمله الجديد طلب منهم معرفة طريقة لعرض السلسلة من على الإسطوانة إلى الانترنت مرة أخرى. وبالفعل كان من الممكن فعل ذلك. ثم قضي فاجان السنوات العديدة التالية محاولاً الحصول على حق إعادة النشر. ومع نجاحه في ذلك، كان في حاجة إلى شخص آخر ليقوم بعرض محتوى الإسطوانة على الانترنت. وفي صيف 2014، كان ابن فاجان ويدعى ”سوير“ في إجازة من الجامعة. عمره كان 11 عاماً عند نشر سلسلته لأول مرة، وكان حينذاك يدرس الهندسة الالكترونية. عرف ما يرديه فاجان.

ثم وضع المحتوى على جهاز الكمبيوتر الخاص به وأخبر والده :”نستطيع القيام بذلك.“

اشترى فاجان ”URL“ وقضيا سوياً فترة الصيف يعملون على مشروعهم. واستمروا خلال إجازة الشتاء وفي صيف 2015. وفي أغسطس، كانا قد انتهيا من المشروع. وكتب أدريان لافرانس عن العملية بمجلة اتلانتيك: ”بالنسبة لسوير، معظم العمل كان متعلقاً بدمج الأكواد القديمة وتهيئتها وفقاً لطريقة عمل الانترنت حالياً. في عصر ما  قبل الآيفون عام 2007، صممت السلسلة المصورة للكمبيوتر المنزلي. واعتمدت على برنامج فلاش، والذي كان شهيراً في ذلك الحين لكنه تقريباً انتهى الآن. “

مع انتهاء المشروع، شارك فاجان الموقع مع زملائه السابقين، وكتب إلى مصادره الذين اعتمد عليه في سلسلته. ويقول:” تلقتيت ردوداً من بعضهم، كانت لطيفة لكنها كانت ك(لا أمتلك انترنت.) لذلك فبالنسبة لهم القصة تعيش على الورق.“

 

إذاً، كيف نحافظ على موادنا قبل أن تتحول إلى لا شئ على الانترنت؟ يقترح مكين بعض النقاط. رتبتهم في ست نقاط:

1 – كيف؟ احتفظ بمقالاتك بصيغة بي دي إف (PDF). لا يساعد ذلك في مواد الفيديو، لكن ”على الأقل ستمتلك النص، وستمتلك التصميم. ويقول مكين: ”لو امتلكت بي دي إف، هناك فرصة جيدة جداً لأنه من السهل برمجة تلك الصيغة واستخدامها مرة أخرى.“

2 – ماذا؟ هل يجب أن تحتفظ بكل شئ؟ مثلما فعل فاجان، اجمع المواد التي تهمك بشكل أكبر.

3 – أين؟ صنع الأرشيف يكون بغرض الحفاظ على المواد لفترات طويلة. أما النسخ الاحتياطية تكون وقتية، تعطيك القدرة على الوصول إلى شئ ما بسرعة. ويضيف مكين ان بعض خدمات الاحتفاظ بنسخ احتياطية تكون خياراً جيد.

4- متى؟ سأقوم بذلك فوراً. لا تضع الوقت. صناعتنا لا يمكن التنبؤ بها.

5 – لماذا؟ قم بترتيب ما تملكه بأي طريقة تلائمك، لكن فقط قم بالترتيب. ثم دون ملاحظاتك لتعرف ما تمتلكه وأين. ويقول مكين: ”اصنع نظاماً يناسبك.“

6 – من؟ من يمتلك حقوق اعمالك؟ يعتمد ذلك على المؤسسة التي تعمل لصالحها أو عملت. احتفظ فاجان بنسخة من مشروعه على إسطوانة مدمجة، لكن قبل إعادة نشرها على الانترنت حصل على تصريح بذلك. إغلاق المؤسسة لا يعني أن حقوق الملكية انتهت أيضاً.

فاجان الذي يعمل حلياً كصحفي تحقيقات استقصائية بقناة تلفزيونية بدنيفر، مازال يمتلك مئات الإصدارات الورقية من عدد الجريدة الذي نشرت فيها سلسلته ”المعبر.“ وكل عام يسأله شخصين تقريباً عن السلسلة التي لا يستطيع الوصول إليها. فيقوم بإرسال نسخة لهم.

يقول فاجان: ”أشعر وكأننا في عالم مؤقت جداً. جريدة روكي ماونتين كان عمرها 150 عاماً ثم انتهت. يحتاج الناس إلى التفكير دائماً، هل هذا شئ أرغب في الاحتفاظ به بتلك الطريقة؟ ولو كان، يجب ان يقوموا بتلك الخطوات الآن.“

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى