ڨوكس: حرب ترامب مع الحقائق.. لا الإعلام
نزع الشرعية عن الحقائق.. استراتيجية إدارة ترامب
متحدثا في مقر وكالة الاستخبارات الأمريكية، قال الرئيس دونالد ترامب: “إنني أواجه حربا مع وسائل الإعلام.”
مثل الكثير مما قاله ترامب، هذا ليس حقيقيا. ترامب يعيش على الاهتمام الإعلامي ويكون سعيدًا بالتغطيات الصحفية. حربه هذه ضد الحقائق. واشتباكاته التكتيكية مع الإعلام بدأ معناها في الظهور، فسحب الشرعية عن وسائل الإعلام أمر مهم لترامب لأن نزع الشرعية عن الحقائق مهم له.
الأمر اليوم متعلق بحجم الحشود. حفل تنصيب ترامب كان حشده أقل مقارنة بحفل الرئيس باراك أوباما، لا نمتلك تقديرات محددة بعد، لكن الصور الملتقطة من الجو واضحة في هذه النقطة، بجانب البيانات الثانوية مثل التي تصدرها محطات المترو والقنوات التليفزيونية.
لا غموض كبير في هذا الشأن، فقد خسر ترامب التصويت الشعبي في الانتخابات الرئاسية وبفارق كبير. ومنذ الانتخابات، أظهرت إحصائية بعد أخرى عدم وجود شعبية له.
لكن ترامب أصر على أن الحضور كان عظيمًا. وفي حديثه بمقر الاستخبارات (CIA)، قال إنه “نظر إلى الميدان وبدا أن مليونا أو مليون ونصف شخص موجودون. في حين أنهم أظهروا المكان كأن لا أشخاص به.”
لنكن صادقين، الحشد ربما يبدو كبيرًا لترامب. فمكان تواجدك يلعب دورا في تقديرك لحجم الحضور.
لكن سرعان ما بدا أن هذا التعليق من الرئيس الجديد لم يكن دون تحضير، فقد طلب ترامب من مسؤوله الإعلامي، شون سبيسر، أن يخرج في بيان هام هاجم فيه الصحافة بسبب تقديرهم حجم الحشود. وأصر سبيسر: “لا يملك أحد الأرقام، لأن الحديقة الوطنية لا تضع أرقاما.” وبعد ثوان، قال: “كان ذلك أكبر حشد رأيته في حفل تنصيب، سواء هنا أو حول العالم.”
هذا الحديث مع كثير مما قاله سبيسر أيضًا ليس صحيحا. لكن هناك استراتيجية عمل هنا. إدارة ترامب تخلق خطا أساسيا بين مؤيديها بأنهم لا يمكن أن يثقوا بأي حديث يخرج من وسائل الإعلام. الجدال حول أرقام الحشود هو خلاف بمخاطر قليلة ويكاد يكون كوميديا، لكن قاعدة العمل وضعت على مدار مشاحنات متتالية حول مدى الصدق أو الكذب بشأن أمور أخرى أيضًا.
سحب الشرعية عن مؤسسات قد تظهر حقائق مزعجة أو تضر بالرئيس هو استراتيجية للإدارة التي قطعت وعودا قد تكون مستحيلة وتتجه بالحكم نحو مشهد ضبابي من المخاوف الأخلاقية والفضائح المحتملة.
كما توفر هذه الاستراتيجية كبش فداء للإدارة الجديدة لمعاناتهم المستمرة مع الرأي العام، ومعاناتهم المستقبلية مع الواقع. قال سبيسر إن هذا النوع من “عدم المصداقية من وسائل الإعلام،” يجعل من الصعب “جعل بلادنا موحدة.” ليس من الصعب أن نتخيل نشر إدارة ترامب لأرقام مستقبلية عن الوظائف، أو تزعم أن بديلهم لبرنامج الرعاية الصحية “أوباما كير” يخدم الجميع في الوقت الذي هو في الحقيقة يُخرج الملايين من نظام التأمين الصحي.
أنهى سبيسر بيانه بتحذير، فقال: “كان هناك الكثير من الحديث في وسائل الإعلام حول مسؤولية محاسبة دونالد ترامب. أنا هنا لأخبركم أن الأمر يسير في اتجاهين. إننا سنتحمل مسؤولية محاسبة وسائل الإعلام أيضا”.