وول ستريت جورنال: حظر ترامب “فخّ” لمسيحيي الشرق الأوسط
يرى زعماء مسيحيون أن رغبة ترامب في مساعدة المسيحيين الفارين من الاضطهاد، تحمل خطر إبعادهم عن جيرانهم المسلمين.
وول ستريت جورنال
ياروسلاف تروفيموف
ترجمة: فاطمة لطفي
قليل من الناس هم الأكثر قلقا بشأن أمر ترامب التنفيذي – الذي يوصي بمنع مواطني سبع دول من الشرق الأوسط والدول الإفريقية ذات أغلبية مسلمة من الدخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية- من قادة الجالية، التي قال ترامب إنه يسعى إلى مساعدتها:مسيحيو الشرق الأوسط.
أصدر ترامب الأمر التنفيذي الجمعة الماضية، الذي يهدف إلى منع وقوع هجمات إرهابية على الأراضي الأمريكية، وأوقف السفر من هذه الدول السبعة، ذات الأغلبية المسلمة من الدخول للبلاد على الأقل لتسعين يومًا. كما يوصي القرار بإعادة تجديد عملية قبول اللاجئين للولايات المتحدة بمنح الأولوية لهؤلاء من يتعرضون لاضطهاد ديني، لكن فقط إذا كان المتقدمون بالطلب يتبعون “أقلية دينية” في بلادهم.
مع ذلك، معظم أعمال العنف في الشرق الأوسط قائمة بين المسلمين الشيعة والسنة، ويتبع كلاهما نفس الدين (السنة أقلية في العراق وأغلبية في سوريا). وقال ترامب، متحدثا إلى شبكة البث المسيحية، الأسبوع الماضي، إنه تعمد تمييز المسيحيين عن غيرهم، الجالية التابعة لأضخم أقلية دينية في الشرق الأوسط، قائلًا: “لطالما تعرضوا لمعاملة مُريعة، ولذلك سنساعدهم”.
ربما كانت هذه أخبار سارة لآلاف المسيحيين في الشرق الأوسط الراغبين في الانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنها أيضًا رسالة مثيرة للقلق لما يقرب من 13 مليون آخرين لن يذهبوا لأمريكا. وبينما رفض البيت الأبيض توصيف الأمر التنفيذي لترامب بأنه “حظر للمسلمين”، إلا أنه تمت رؤيته على نطاق واسع في المنطقة، بأنه متسق مع خطاباته خلال حملته الانتخابية بشأن دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
قال باسم شهاب، العضو الوحيد البروتستانتي في البرلمان اللبناني: “يرى الجميع الأمر التنفيذي بأنه استهداف لهجرة المسلمين”. وأضاف: “عرض ترامب بمساعدتنا بمثابة “كأس السم”، وذلك لأنه جاء على حساب إبعاد مسيحيي المنطقة عن جيرانهم المسلمين”.
ويتفاوت وضع المسيحيين في الشرق الأوسط بصورة كبيرة. في لبنان، حيث نجد الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلّحة مسيحيين على حد سواء، ويمثل المسيحيون جزءًا كبيرًا من السكان ويتمتعون بأمان نسبي. بينما في مصر، تعرضت أكبر جالية مسيحية في المنطقة لسلسلة هجمات إرهابية، لكنها تظل حصن الدعم للرئيس عبدالفتاح السيسي.
لم يشمل الأمر التنفيذي الأمريكي أيا من البلدين.
ومن بين دول السبعة المشمولة بحظر ترامب، والذي يمنع دخول المسلمين والمسيحيين على حد سواء، سوريا والعراق، اللذان يوجد في كليهما جاليات مسيحية كبيرة. تعرض المسيحيون في هذين البلدين للاضطهاد والطرد من منازلهم على يد تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات السنية المتطرفة، لكنهم عادة ما يلقون معاملة أفضل قليلًا من المسلمين الشيعة، الذين يواجهون مصيرين، إما التحوّل عن الشيعية أو الموت.
وعبر الشرق الأوسط، لطالما نظر جزء كبير من الرأي العام الإسلامي للمواطنين المسيحيين بعين الريبة، وذلك بسبب صلاتهم التاريخية بالغرب. ويحذر مايكل وحيد يوحنا، خبير في المنطقة لدى مؤسسة القرن، مؤسسة بحثية ينيويورك، من أن أمر ترامب التنفيذي سيؤجج على الأرجح هذه المشاعر.
” إنه يصوّر بوضوح المسيحيين وغيرها من الأقليات الدينية بأنهم جزء من الغرب، جاليات ليس لها بالضرورة مستقبل في العالم العربي”.
وهذا أحد الأسباب وراء استنكار قادة مسيحيين في المنطقة لخطوة ترامب. يقول الأب رفعت بدر، رئيس المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن: “المسيحيون جزء من الشرق لأوسط ولا يقبلون أن تتم معاملتهم بصورة منفصلة عن شركائهم المواطنين المسلمين”.
وفي العراق، القادة المسيحيون غاضبون بشكل خاص. في الأشهر الأخيرة، طردت القوات العراقية، التي تم تشكيلها حديثًا، بمساعدة الميليشيات المسيحية والولايات المتحدة الأمريكية، تنظيم الدولة الإسلامية من معظم المناطق المسيحية التاريخية في محافظة نينوى الموجودة حول الموصل. وأذاع التليفزيون العراقي بفخر القوات وهي تسترد الصلبان فوق الكنائس القديمة.
لكن قد تسمح هذه التطورات لمئات الآلاف من الأشخاص بالعودة إلى المدن ذات الأغلبية المسيحية التي لا تزال تحت سيطرة متطرفين منذ منتصف 2014.
قال يوندام كنا، نائب مسيحي يتزعم كتلة الأقليات في البرلمان العراقي أن أمر ترامب التنفيذي سيؤدي على الأرجح إلى نتائج عكسية في مجتمع المسيحيين في بلاده.
“سيؤدي الأمر التنفيذي إلى تمييز جديد. وسينعكس بصورة سلبية على الأقليات”. وأضاف: “نقدّر مشاعر الدعم المقدمة للجاليات الضعيفة، لكن ما نريده هو مساعدتنا على البقاء، وليس الهجرة”.
واتفق لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك بابل، ورئيس الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية في العراق مع وجهة نظر يوندام بشأن أمر ترامب التنفيذي، وقال في تصريحات لوكالة أنباء “فيدس الفاتيكان” إنه “فخ” لمسيحيي الشرق الأوسط وذلك لأنه “يخلق ويغذي التوتر مع المسلمين معنا في البلد”.
وأضاف: “التمييز بين هؤلاء من يتعرضون للاضطهاد ومن يعانون على أساس دينهم ينتهي بالإضرار بمسيحيي الشرق، كما أنه يقدم حججًا لجميع الدعايات الكاذبة والتحيزات المسبقة التي تهاجم الجاليات المسيحية”.