إعلامترجماتمجتمع

الكاثوليك غاضبون من البابا والصحافة بعد تصريحات “عدم وجود جهنم”

تاريخ الصحفي الإيطالي مع البابا فرنسيس في إثارة الجدل يزيد الأزمة تعقيدًا

البابا فرنسيس وإيجينيو سكالفارى (الصورة عن موقع edwardpentin.co.uk)

كتبت – نهال نبيل

فجّر الصحفي الإيطالي إيجينيو سكالفارى، مؤسس صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، مفاجأته في وجه المسيحيين حول العالم وخصوصًا الكاثوليك منهم، بنشره حوارًا مع البابا فرنسيس يتضمن تصريحات مثيرة للجدل، تضمنت اعتقاد البابا بخرافية قصة آدم وحواء وصحة كل الأديان على قدم التساوي، واعتباره أن الإنجيل “كتاب جميل لكنه قديم” يحتاج إلى تطويعه مع الواقع، وأن الكنيسة تتقبل “أصحاب الميول الجنسية الغيرية ومؤيدي الإجهاض”، وأن البابا يشرفه أن يكون “ثوري الفكر”، وأخيرًا اعتقاده بعد وجود جحيم للمذنبين بعد الموت.

وكانت العبارة الأكثر جدلًا في حوار البابا، وفقًا لما نشرته “لا ريبوبليكا”، هي قوله: ” الكنيسة لم تعد تعتقد في الجحيم حيث يعاني الناس الألم. هذه العقيدة تتعارض مع الحب اللا متناهي للإله. فالله ليس قاضيًا ولكنه صديق ومحب للإنسانية. والله لا يسعى إلى الإدانة، وإنما فقط إلى الاحتضان. ونحن ننظر إلى الجحيم (جهنم) كتعبير أدبي، كما في قصة آدم وحواء. الجحيم (جهنم) هي مجرد كناية عن الروح المعزولة، والتي ستتحد في نهاية المطاف، على غرار جميع النفوس، في محبة الله”.

كما قال البابا: “الكنيسة في الماضي كانت قاسية تجاه الحقائق التي تعتبرها خاطئة من الناحية الأخلاقية أو تدخل في باب الخطيئة، أما اليوم نحن لم نعُد قضاة. نحن بمثابة الأب المحب، لا يمكن أن ندين أطفالنا. إن كنيستنا كبيرة بما يكفي لتسع ذوي الميول الجنسية الغيرية والمثليين جنسيًا، وللمؤيدين للحياة ومؤيدي الإجهاض، للمحافظين والليبراليين والشيوعيين الذين هم موضع ترحيب والذين انضموا إلينا. نحن جميعًا نحب ونعبد نفس الإله”.

الفاتيكان أنكر حدوث هكذا لقاء مع البابا من الأساس، برغم لقاء سكالفارى مع البابا بالفعل للمرة الخامسة في محل إقامته بقصر القديسة مرثا في الفاتيكان. وأكد، في الفقرة 1035 من التعليم الكاثوليكي الذي أصدره للرد على التصريحات، أن تعاليم الكاثوليكية تقول بأن أرواح المذنبين تُلقى في جهنم حيث تعاني “النار الأبدية”، على عكس ما ورد بالتصريح من القول بعدم وجود تلك النار وبأن أرواح المذنبين “تختفي” فحسب.

وبغض النظر عن اشتعال المواقع الصحفية بالبحث في تلك التصريحات، فربما تكون متابعة ردود أفعال المواقع الكاثوليكية أكثر أهمية، حيث نشر الأب المصري بشير بدر مقالة على موقع “أبونا” الصادر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام تستند إلى تقرير للموقع الكاثوليكي الشهير National Catholic Register، معتبرًا هذه الأخبار “مضللة” وآسفًا لنشرها من قِبل بعض المسيحيين.

التقرير، المنشور الخميس الماضي، كان عنيف اللهجة يصف سكالفارى بالفيلسوف التسعيني الملحد، وبرغم تأكيده أن “لا ريبوبليكا” هي الصحيفة المفضلة للبابا فقد بدا التقرير عدائيًا تجاه “الفكر اليساري” للصحيفة.

من جانبه قال الأب بدر إن هذه “الخدعة” ظهرت للمرة الأولى على مدونة باسم “تأريخ التنوع”، حيث نشرها صاحب المدونة إريك ثورسون ثم تناقلتها المواقع المختلفة. وأشار إلى أن ثورسون قال إن الكنيسة تدارست الأمور الواردة في التصريحات في “المجمع المسكوني (العالمي) الفاتيكاني الثالث”، والذي يؤكد بدر أنه لم ينعقد أبدًا وإلا لانتشرت أخباره لكونه حدثًا هامًا ونادرًا. ولفت بدر إلى أن المدونة ساخرة بالأساس وتنشر الخبر باعتباره “نكتة”، لكن المواقع الإليكترونية لم تتحرَّ الدقة في نقله.

الموقع الكاثوليكي Catholic Herald ركّز على تاريخ الصحفي الإيطالي في إثارة الجدل حول بابا الفاتيكان. ففي 2014، نشر تصريحًا منسوبًا للبابا يقول فيه إن 2% من الكهنة الكاثوليك، بما فيهم الأساقفة والكرادلة، “مولعون جنسيًا بالأطفال”، وذلك في أعقاب حوادث متكررة للتحرش بالأطفال واغتصابهم في الكنائس. وأشارت إلى أن الصحفي اعترف أن اللقاءات التي أجراها مع البابا فيما بين عامي 2013 و2016 لم تستند إلى تسجيل صوتي أو ملاحظات مدوّنة، وأنه كان يكتفي بنشرها من الذاكرة.

ونقل الموقع عن لويس باديلا، مدير مجمع الفاتيكان شبه الرسمي لجمع الأخبار، رأيه بأنه “من الواضح جدًا أن هذه التصريحات لا تنتمي للغة التي يستخدمها البابا، ولا لتدريبه الكاثوليكي، لا سيما عند الإشارة إلى كلمات المسيح”.

صحيفة “صنداي تايمز” نشرت مقالًا شديد السخرية من هذه التصريحات للكاتب الإيطالي فيليب ويليام، بدأه بقوله: “بحق الجحيم، لقد اتضح أنه لا حفرة نارية للعنة الأبدية، ولا صنوفًا من العذاب القاسي بداخلها!هذا الإبطال لتعليم الرومان الكاثوليك على مدار ألفي عام لا يمكن أن يأتي من شخص أقل من البابا”.

ونقل ويليام تصريحات لبعض الكاثوليك حول المسألة، منهم للمؤلف والكاتب الكاثوليكي أنطونيو سوكي يتهم البابا بأنه “يعظ بالبدعة”، ويؤكد أن إزالته عن منصبه واجبة. وفي تصريح آخر، مال صاحبه الذي طلب عدم ذكر اسمه إلى تصديق سكالفارى أكثر من الفاتيكان التي نفت الأمر، معتبرًا أن البابا “عالم لاهوتي غريب، ينشر الحيرة بين الكاثوليك العاديين الذين لا يعرفون ماذا عليهم أن يصدقوا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى