سياسةمجتمع

وزير العدل يخالف الأرض والسماء

زحمة – الدساتير والشرائع والنصوص التي خالفها وزير العدل بحديثه عن “عامل النظافة”

justice

كتب- محمد الصباغ

أدلى وزير العدل المستشار محفوظ صابر بتصريحات، أمس الأحد، أثارت العديد من الانتقادات، قال فيها إن “القاضي لابد أن يأتي من وسط بيئي مناسب” في رده على سؤال حول مدى أحقية ابن عامل النظافة في التعيين بالمناصب القضائية.

وكان الوزير قد أدلى بتلك التصريحات خلال لقاء مع برنامج “البيت بيتك” على قناة “TEN” ما أثار العديد من ردود الأفعال الغاضبة. وقال وزير العدل ر دا على سؤال حول أحقية ابن عامل نظافة بالتعيين في القضاء: “مش قوي كده”، وأضاف أن القاضي يجب أن يأتي “من وسط مناسب مش فوق قوي ولا تحت قوي.. وكتر خير عامل النظافة إنه علم ابنه”.

واستكمل صابر حديثه قائلا: “ابن عامل النظافة إذا عمل بالقضاء سيتعرض لاكتئاب نفسي ولن يستمر”. وأضاف أن القاضي “له شموخه ووضعه ولابد ان يستند على وسط محترم ماديا ومعنويا”. وانهى الوزير حديثه: “أنا لا أقول أن ابن عامل النظافة سيحرم من العمل لكنه سيذهب إلى وظيفة مناسبة”.

وعقب تصريحات الوزير توالت ردود الأفعال الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي. وانتقد الدكتور محمد البرداعي، نائب رئيس الجمهورية السابق للشؤون الخارجية تلك التصريحات،و قال في تغريدة على موقع “تويتر”: “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على أنه لكل شخص بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده”، وأضاف: “عندما يغيب مفهوم العدالة عن وطن لا يتبقى شيء.

وأطلق مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج “أقيلوا_ وزير_ العدل”، مطالبين رئيس الوزراء إبراهيم محلب بإقالة الوزير عقابا على تصريحاته التى اعتبروها عنصرية ومسيئة. وقالوا إن ابن عامل النظافة هو من يدافع عن أرض مصر في سيناء.

أثارت مسألة المعايير المتبعة لاختيار الملتحقين بالسلك القضائي الكثير من الانتقادات حتى قبل ثورة 25 يناير، وكانت مجموعة الـ45 قد نظمت العديد من الوقفات الاحتجاجية امام وزارة العدل قبل ثورة 25 يناير مطالبين بحقهم بالتعيين في النيابة. والمجموعة تضم عددا من المحامين الذين تقدموا للعمل بالنيابة لكنهم رفضوا رغم توافر الشروط المطلوبة فيهم. وحصلت المجموعة على عدة أحكام قضائية من محكمة القضاء الإداري بإلغاء تعيين عدد من أبناء القضاة غير المستوفين للشروط في هيئة قضايا الدولة لكن الهيئة لم تنفذ تلك الاحكام.

كانت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، السبت، قضت بوقف تنفيذ قرار الجهة الإدارية المطعون فيه فيما تضمنه من رفض قبول قيد طالب نجل أحد الفلاحين بالمدرسة الثانوية الفنية التابعة لشركة مياه الشرب والصرف الصحي بالبحيرة لتفوقه في مجموع درجاته على طالب آخر نجل مسؤول بالشركة.

وقالت المحكمة إن المشرع الدستوري جعل التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كل أشكال التمييز.

ما خالفه وزير العدل

1- المادة 14 من الدستور المصري، وتنص على أن “الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم فى رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبى، إلا فى الأحوال التى يحددها القانون”.

 2- المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و فيها:

– لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشئون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.

– لكل شخص، بالتساوي مع الآخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده.

– إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت.

3- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

تنص المادة الخامسة على أنه لا يجب التمييز بين أي إنسان و آخر في الحقوق التالية:

– الحق في معاملة علي قدم المساواة أمام المحاكم وجميع الهيئات الأخرى التي تتولى إقامة العدل،

– الحق في الأمن علي شخصه وفي حماية الدولة له من أي عنف أو أذى بدني، يصدر سواء عن موظفين رسميين أو عن أية جماعة أو مؤسسة،

– الحقوق السياسية، ولا سيما حق الاشتراك في الانتخابات -اقتراعا وترشيحا- علي أساس الاقتراع العام المتساوي، والإسهام في الحكم وفي إدارة الشؤون العامة علي جميع المستويات، وتولي الوظائف العامة علي قدم المساواة.

4- القرآن الكريم

قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].
5- الحديث الشريف
ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: لَيَنْتَهِيّنَ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِمْ الّذينَ مَاتُوا إِنّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنّمَ. أَوْ لَيَكُونُنّ أَهْوَنَ عَلَى اللّهِ مِنَ الْجُعَلِ الّذِي يُدَهْدِهُ الْخرءَ بِأَنْفِهِ. إِنّ اللّهَ قد أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبّيّةَ الْجَاهِلِيّةِ وَفَخْرَهَا بِالاَبَاءِ. إِنّمَا هُوَ مُؤْمِنٌ تَقيّ وَفَاجِرٌ شَقيّ. النّاسُ كُلّهُمْ بَنُو آدَمَ. وآدَمُ خُلِقَ مِنَ تُرَابِ.

 6- الإنجيل

 – لا تقهر الفقير لأنه فقير، ولا تسحق المسكين في القضاء. ( أمثال سليمان 22:22)

– افتح فَمَكَ وأحكم بالعدل وأنصف البائسَ والمسكين

7- تعارض حديثه مع حكم القضاء الإداري السبت الماضي

وأضافت المحكمة أن المشرع الدستوري جعل التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كل أشكال التمييز، وعهد الدستور إلى القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض، غلقًا للباب أمام أي فساد أو استبداد ورفعًا للظلم عن الشعب الذي عانى طويلا.

وحظرت المحكمة على كبار المسؤولين المحاباة في مجال الالتحاق بالتعليم، واعتبرت أن توريث الأبناء في وظائف آبائهم وفقا للمفهوم الدستوري الحديث يعد جريمة جنائية للتمييز والحض على الكراهية وعدوان على العدالة الاجتماعية.

و كرد فعل على تصريحات الوزير، قام مركز الحقانية اليوم بتقديم بلاغ إلى النائب العام ضد وزير العدل ،محفوظ صابر. و حسب موقع المركز فتصريحات الوزير جاء فيها “اهانته وتمييزه لطائفة من طوائف الناس وتأليه لمنصب القضاء بالمخالفة لنصوص الإعلان العالمى لحقوق الانسان والدستور المصرى وقانون العقوبات.”

في أول تصريح له بعد موجة الجدل السائدة قال الوزير في تصريحات لجريدة الشروق إنه  “يكن كل احترام وتقدير لعامل النظافة ولأي شخص من آباء المتقدمين للعمل في القضاء حتى لو كان يعمل في مهنة أقل من مهنة عامل النظافة، لأنهم يؤدون دورهم في خدمة الوطن كما أنها أياد عاملة تبذل مجهودا وتستحق أن نقف لها احتراماً”. و أضاف أن “التعيين في القضاء له اشتراطات معينة، وأن الجهة التي تتولى الاختيار بين المتقدمين للالتحاق بالعمل في القضاء هي مجلس القضاء الأعلى وليس وزارة العدل”.

كما أكد أنه من شروط قبول الملتحقين للعمل بالقضاء أن يكون الشخص من أسرة متوسطة الحال على كافة المستويات الاجتماعية والمهنية والاقتصادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى