حياتنامنوعات

كيف يؤثر التعرض للضوء الاصطناعي على نومنا؟

هل يتحسن نومك إذا تخليت عن الأضواء الاصطناعية؟

BBC

ترجمة وإعداد: ماري مراد

نحن نقضي ثلث حياتنا إما أن نكون نائمين أو نحاول النوم، لكن في عالم الإضاءة الحية والضوء الاصطناعي، يتعرض نومنا للتهديد بشكل متزايد.

الكثير منا لا يحصل على الساعات الموصى بها من 7 إلى 9 ساعات التي نحتاجها كل ليلة، ويكافح للنهوض في الصباح، لا سيما في أيام العمل، لكن ليست فقط كمية النوم التي تتأثر، فمنذ اكتشاف أن الضوء (لا سيما الضوء الأزرق، الذي ينبعث من أجهزة مثل الهواتف الذكية) يمكن أن يؤثر على الساعة البيولوجية، تم إثبات أن التعرض حتى لمستويات منخفضة من الضوء في المساء يحدث خللا بجودة النوم أيضا.

لذا ماذا يمكن أن يحدث إذا أطفأنا الأضواء؟ هل سيحسن ذلك نومنا أو ستكون هناك فوائد أخرى؟ وما مدى سهولة تحقيق ذلك في مدينة حديثة؟

هذا ما حاولت ليندا جيديس، مؤلفة كتاب “Chasing The Sun” أو “مطاردة الشمس” الذي سيصدر قريبا، اختباره في الشتاء، إذ صممت -بالعمل مع باحثي النوم ديرك جان ديجك وناينتارا سانثي في جامعة سري- برنامجا للانسحاب المفاجئ من الضوء الاصطناعي بعد حلول الظلام ومحاولة زيادة التعرض للضوء الطبيعي خلال النهار، كل هذا بينما تقوم بأداء وظيفتها المكتبية بجانب حياة أسرية مزدحمة في مناطق حضرية ببريستول.

وبحسب موقع شبكة “بي بي سي” البريطانية، كان النظام الذي اتبعته جيديس: التعرض خلال الأسبوع الأول إلى أقصى حد لضوء النهار عن طريق تحريك مكتبها إلى جانب النافذة، والخروج في وقت الغداء ومحاول ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، وفي الأسبوع الثاني تقليل التعرض للضوء الاصطناعي بعد الساعة 18:00، معتمدة على ضوء الشمعة أو الضوء الأحمر الباهت بدلاً من ذلك، ثم جمعت بين الاثنين.

جيديس توصلت إلى أن قضاء المزيد من الوقت في الهواء الطلق خلال النهار وتعتيم الأضواء في المساء يمكن أن يكون وصفة لتحسين النوم والصحة.

ولآلاف السنين، عاش البشر في تزامن مع الدورة الطبيعية للضوء والظلام، وهذا لا يعني أن الجميع ذهب إلى النوم بمجرد غروب الشمس، إذ تشير الدراسات التي أجريت على مجتمعات ما قبل الصناعة، مثل القبائل التي تعيش في تنزانيا أو بوليفيا اليوم، إلى أن الناس يبقون مستيقظين لساعات عدة بعد حلول الظلام، وغالبا ما يعيشون اجتماعياتهم على ضوء النار.

Members of Tanzania’s Hadza tribe experience few sleep problems

في الواقع، فإن مقدار ما يحصلون عليه من نوم يشبه تماما من يعيشون في البلدان الصناعية، لكن التوقيت أكثر انسجاما مع الدورة الطبيعية ليلا ونهارا: إذ يميل من يعيش في مجتمعات ما قبل الصناعة إلى النوم في وقت مبكر والاستيقاظ قبيل الفجر.

وتعاني مجتمعات ما قبل الصناعة مثل قبيلة “هدزا” في تنزانيا من انتشار أقل لأمراض النوم مثل الأرق. “عندما سألنا أعضاء من هدزا إذا ما كانوا يعتقدون بأن نومهم جيد، قالوا بصورة عامة تقريبا نعم، إنه جيد تماما، وهذه الدراسة الإحصائية لا تتماشى مع ما نراه في الغرب” قال ديفيد سامسون، عالم الأنثروبولوجيا بجامعة تورنتو في ميسيساوغا، الذي درسهم.

فهل عرفت السبب؟ الضوء يمكننا من الرؤية لكنه يؤثر على الكثير من أنظمة الجسم أيضا، فالضوء في النهار يُقدم ساعتنا الداخلية، لكنه ليلا يؤخرها، كما يمنع الضوء أيضا هرمونا يسمى الميلاتونين، الذي يشير إلى بقية الجسم إلى وقت الليل، بما في ذلك الأجزاء التي تنظم النوم.

“بصرف النظر عن الرؤية، فإن الضوء له تأثير قوي غير مرئي على أجسامنا وعقولنا، وهو شيء يجب أن نتذكره عندما نبقى في الداخل طوال اليوم ونشغل الأضواء في وقت متأخر من الليل” قالت سانثي، التي سبق وأثبتت أن ضوء المساء في بيوتنا يوقف الميلاتونين ويؤخر توقيت نومنا.

واقترحت دراسة واحدة في عام 2015 أن استخدام القارئ الإلكتروني قبل النوم أطال المدة التي يحتاجها الأشخاص للاستغراق في النوم، ومنع نوم حركة العين السريعة، وترك المشاركين يشعرون بالتعب أكثر في صباح اليوم التالي، مقارنة بالأشخاص الذين يقرؤون كتابا مطبوعا لنفس القدر من الوقت.

وقارنت دراسة حديثة أخرى استجابات أفراد عندما كانوا يلعبون ألعاب الكمبيوتر خلال المساء على شاشة هاتف ذكي عادية مقابل شاشة واحدة تمنع الضوء الأزرق، إذ شعر اللاعبون بمزيد من اليقظة بعد استخدام الهواتف الذكية التقليدية وأدوا بشكل أسوأ في الاختبارات المعرفية في اليوم التالي، مما يوحي بأن نومهم ربما قد تأثر.

On a cloudless summer day, outdoor light can reach 100,000 lux

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى