سياسة

نيويورك تايمز: مصر والإمارات قصفتا ليبيا

أكد مسؤولون أميركيون  لنيويورك تايمز أن مصر والإمارات شنتا غارات جوية ضد ميليشيات إسلامية قرب العاصمة الليبية

 26mideast-superJumbo

ديفيد كيركباتريك وإريك شميت – نيويورك تايمز

ترجمة – محمود مصطفى

شنت كل من مصر والإمارات سراً غارات جوية مرتين في الأيام السبعة الأخيرة ضد ميليشيات الإسلاميين التي تقاتل للسيطرة على طرابلس في ليبيا ، وذلك بحسب ما قال أربعة مسئولين أمركييين رفيعي المستوى، فيما يعد تصعيداً مهماً في صراع القوة الذي أشعلته ثورات الربيع العربي.

وقال المسئولون إن الولايات المتحدة فوجئت بأن مصر والإمارات وهما حليفتان مقربتان وشريكتان عسكريتان تصرفتا بدون إعلام واشنطن وهو ما وضع إدارة أوباما في موقف المتفرج.

المسئولون المصريون نفوا بوضوح للدبلوماسيين الأمريكيين أن جيشهم لعب أي دور في العملية، بحسب ما قال المسئولون الأمريكيون، فيما يبدو أنه ضربة جديدة تصيب العلاقات المتوترة سلفاً بين واشنطن والقاهرة.

الهجمات في طرابلس هي زخة طلقات أخرى في صراع القوة بين المستبدين العرب وبين الحركات الإسلامية التي تسعى لقلب الطاولة على النظام القديم.

ومنذ عزل الجيش للرئيس الإسلامي في مصر العام الماضي أطلقت الحكومة الجديدة وداعميها في السعودية والإمارات حملة في المنطقة عبر، الإعلام والدبلوماسية والسياسة وتسليح وكلاء محليين، لدحر ما يرونه تهديداً وجودياً لسلطتهم من قبل التنظيمات الإسلامية مثل الاخوان المسلمين.

ويصطف ضدهم دول منافسة تدعم الإسلاميين هي قطر وتركيا.

قال المسئولون الأمريكيون إن المصريين والإماراتيين تعاونوا في عملية ضد هدف إسلامي في ليبيا مرة على الأقل، وقال المسئولون إن في الأشهر الأخيرة قامت فرق من “القوات الخاصة” تطلق عملياتها من مصر، لكن على الأرجح معظمها مشكل من إماراتيين،  بتدمير ناجح لمعسكر للإسلاميين بالقرب من مدينة درنة شرق ليبيا وهي معقل للمتطرفين.

وقال العديد من المسئولين في الأيام الأخيرة إن دبلوماسيي الولايات المتحدة استشاطوا غضباً بسبب الغارات الجوية لاعتقادهم بأن التدخل قد يسهم في إلهاب الصراع الليبي فيما تسعى الأمم المتحدة والقوى الغربية للتوصل إلى حل سلمي.

وقال المسئولون إن حكومة قطر زودت بالفعل قوات الإسلاميين في ليبيا بالأسلحة والدعم، ولذا فإن الجديدة تمثل تحولاً من حروب الوكالة إلى التورط المباشر وقد تشعل سباق تسلح أيضاً.

أحد المسئولين الأمريكيين قال “لا نرى أن هذه الخطوة بناءة على الإطلاق.”

وأثبتت الغارات، حتى الآن، أن لها أثر عكسي حيث نجحت ميليشيات الإسلاميين التي تقاتل للسيطرة على طرابلس في الاستحواذ على المطار الرئيسي في المدينة بعد ساعات من ضربهم بالمجموعة الثانية من الغارات.

“في كل الساحات، في سوريا والعراق وغزة وليبيا وحتى ما حدث في مصر، أثبت الاستقطاب في المنطقة، حيث السعودية والإمارات في جانب وقطر وتركيا على الجانب الآخر، أنه ذو عائق هائل أمام الجهود الدولية لحل أي من هذه الأزمات” تقول ميشيل دان الباحثة بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي وإخصائية الشرق الأوسط السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية.

يقول المسئولون الأمريكيون إن دور مصر كان توفير قاعدة لاطلاق الغارات. وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومسئولون آخرون تصريحات علنية قوية ولكن موزونة ينفون فيها أي عمل مباشر للقوات المصرية في ليبيا.

وقال السيسي “لا توجد طائرة ولا أي قوات مصرية في ليبيا ولم تقم أي طائرة مصرية بأي عمل عسكري داخل الأراضي الليبية” بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية. وبعيداً عن العلن كان النفي المصري، بحسب المسئولين، أكثر وضوحاً.

وقال المسئولون إن الإمارات، التي تمتلك أحد أكثر القوات الجوية فاعلية في العالم العربي بفضل التدريب والمعدات الأمريكية، وفرت الطيارين والطائرات الحربية وطائرات تزويد الوقود، الضرورية لكي تتمكن المقاتلات من ضرب طرابلس من قواعد داخل مصر، ولم يتضح ما إذا كانت الطائرت أو الذخيرة أمريكية الصنع.

الإمارات لم تعلق مباشرة على ما حدث لكنها كانت أقرب إلى نفي أي دور لها. يوم الإثنين نشرت صحيفة إماراتية مملوكة للدولة تصريحاً من أنور قرقاش وزير الدولة للشئون الخارجية قال فيه إن أي إدعاءات حول دور إماراتي في الهجمات هو “إلهاء” عن رغبة الليبيين في “الاستقرار” ورفضهم للإسلاميين. وقال إن الإدعاءات جاءت من جماعة “أرادت أن تستخدم عباءة الدين لتحقيق أهدافها السياسية” وإن “الشعب اكتشف كذبها وإخفاقاتها.”

وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية
وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية

الإمارات كانت تعتبر مساعداً للسعودية صاحبة الثقل الإقليمي والقوة المسيطرة وسط ممالك الخليج الفارسي. حكام السعودية الذين يستمدون شرعيتهم من فهم متزمت للإسلام لطالما خشوا من تهديد من حركات سياسية دينية أخرى وخاصة الإخوان المسلمين المعروفين بتنظيمهم وانتشارهم.

لكن الدبلوماسيين الغربيين في المنطقة يقولون إن الإمارات الآن أكثر حزماً وعدوانية حتى من السعوديين في حاجتهم للقضاء على الحركات الإسلامية في المنطقة ربما لأن حكام الإمارات يلمسون خطراً محلياً أكبر.

هذا الأمر أحدث انقساماً نادراً بين الممالك العربية في الخليج لأن قطر أخذت الجانب المقابل على النقيض من جيرانها ورحبت بالإسلاميين المنفيين في عاصمتها الدوحة ودعمت فصائلهم في المنطقة ومن بينها ليبيا.

خلال الثورة ضد العقيد معمر القذافي قبل ثلاثة سنوات، لعبت كل من الإمارات وقطر دوراً فاعلاً لكن كلاهما فضل عميلاً مختلفاً من بين الثوار. ففيما دعمت قطر إسلاميين بعينهم، فضلت الإمارت دعم قبائل بعينها أو ميليشيات إقليمية من ضمنها ميليشيات من مدينة زنتان، مدينة جبلية غرب ليبيا، بحسب ما يقول فريدريك زيري وهو باحث آخر بـ”كارنيجي” متخصص في شئون ليبيا والخليج الفارسي.

ويقول ويري إن “منافسة الوكالة” بين الدولتين الخليجيتين تعود إلى عام 2011، واتسع هذا السباق الآن ليشمل دعم أطراف مختلفة فيما ينذر بأنه سيتحول لحرب أهلية بين التحالفات المتنافسة من المدن والقبائل والميليشيات الليبية.

وبالرغم من التشابهات الأيديولوجية، دعمت الإمارات عملائها في زنتان فيما أسموه معركة ضد الإسلاميين المتطرفين، فيما تتأهب في الجانب الآخر قطر ووعملائها الإسلاميين ومجموعات قبلية من مصراتة يجمعها تحالف هش ويصرون على أن معركتهم ليس لها علاقة بالإسلام السياسي ولكنها للسعي لمنع ثورة مضادة على الطريقة المصرية.

الغارات الأولى حدثت قبل الفجر منذ أسبوع وضربت مواقع في طرابلس تسيطر عليها الميليشيات التي في صف الإسلاميين، ودمرت الضربات مستودع أسلحة صغير ضمن أهداف أخرى وقالت السلطات المحلية إنها قتلت ستة أشخاص.

ووقعت مجموعة الغارات الثانية جنوب طرابلس في الساعات المبكرة من صباح السبت، حيث كانت الميليشيات الإسلامية تستعد للاستحواذ على المطار من أيدي مليشيا زنتان المتحالفة مع الإمارات والتيت سيطر على المطار منذ 2011، وربما كان الغرض من الغارات هو إبطاء تقدم ميليشيات الإسلاميين.

وضربت الطائرات، مرة أخرى قبل الفجر، مركبات عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ ومخازن تسيطر عليها الميليشيات الإسلامية وقتل على الأقل 12 شخصاً بحسب ما قالت السلطات المحلية ولكن ذلك خلال ساعات سيطرت المميليشيات الإسلامية بالرغم من ذلك على المطار.

المسئولية عن الغارات كانت لغزاً في البداية وفي الحالتين سعت القوات المضادة للإسلاميين في شرق ليبيا بقيادة الجنرال السابق المتمرد خليفة حفتر لإدعاء المسئولية. لكن الغارات التي تم تنفيذها ليلاً وجاءت من مسافات بعيدة أكبر من القدرات المعروفة لقوات الجنرال حفتر.

سارعت ميليشيات الإسلاميين المتحالفة تحت راية “فجر ليبيا” بالشك في في مصر والإمارات لكنها لم تقدم دليلاً ولا تفاصيل عن ذلك.

وقال المسئولون الأمريكيون بعد الغارات الأولى إن إن هناك علامات تشير إلى الإماراتيين لكن المسئولين وجودوا أنه من الصعب الاعتقاد بأن الإمارات ستخاطر بردة فعل إقليمية عنيفة محتملة ولم يكن واضحاً كيف وصلت المقاتلات الإماراتية إلى طرابلس بدون وجود قاعدة في المنطقة ونفت مصر أي دور لها.

ومع ذلك، قال المسئولون الأمريكيون يوم الاثنين إن المجموعة الثانية من الغارات وفرت دليلاً كافياً للانتهاء إلى أن الإمارات نفذت الغارات ووفرت حتى سبل إعادة التزود بالوقود الضرورية لوصول المقاتلات إلى طرابلس من مصر.

المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية رفض التعليق عند سؤاله بشأن نسخة مبكرة من هذا التقرير على موقع نيويورك تايمز. وقالت جين ساكي للمراسلين في وزارة الخارجية “لست في موضع يسمح لي بتوفير أي معلومات إضافية عن هذه الغارات.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى