مبادرات وتبرعات زوكربيرج المثيرة للجدل
جاوكر – سام بيدل – ترجمة محمد علي الدين
في مناورة علاقات عامة ذكية، استخدم مارك زوكربيرج مولد طفلته “ماكس” للإعلان عن تبرعه بـ99% من أسهمه في “فيسبوك” (تبلغ قيمتها حوالي 45 مليار دولار) للأعمال الخيرية. يبدو هذا وكأنه تصرف ملائكي، لكن ربما سينتهي هذا الأمر بلا فائدة.
يجب علينا أن نمتدح الأغنياء عندما يتبرعون بأموالهم – وأنا آمل أن يفعل الكثير منهم ذلك تحديدا في وادي السيليكون حيث هناك الكثير من الثروات- لكن دعنا نقرأ رسالة زكوبرج الطويلة جدا التى أعلن فيها تبرعه الكبير:
“وبينما نبدأ جيلا جديدا من عائلة تشان زوكربيرج، نبدأ أيضا مبادرة تشان زوكربيرج كي ينضم إلينا الناس حول العالم من أجل فرص أفضل لبني البشر وتحقيق المساواة بين الأطفال في الجيل القادم. سنركز مبدئيا على التعليم الشخصي، ومعالجة الأمراض، وتحقيق التواصل بين الناس، وبناء مجتمعات قوية. سنعطي لذلك 99% من أسهمنا – التى تبلغ حاليا 45 مليار دولار – خلال حياتنا لتحقيق هذه المهمة.”
هذا الكلام يعني بطريقة أخرى، أن مليارات الدولارات ستذهب إلى مؤسسة زوكربيرج بدلا من مؤسسات مثل “أوكسفام الدولية” أو غيرها. ستستخدم بالتأكيد مبادرة تشان زوكبرج هذه الأموال في مساندة القضايا التى سيدعمها الزوجان خلال ما بقي من حياتهما، لكن ما هي تلك القضايا؟
“إن آمالنا لجيلكم تركز على فكرتين: تحسين فرص الناس، وتطوير فكرة المساواة”.
لكن ماذا يعني تحسين فرص الناس؟ وماذا يعني أيضا تطويرة فكرة المساواة؟.. إن تخمينك جيد مثلي، لأن زوكربيرج لم يقل فعليا، رغم النقاط الكثيرة التى ذكرها:
“تحسين فرص البشر هو توسيع نطاق الحياة الجيدة للبشر. هل تستطيع أن تتعلم وتجني الخبرة 100 مرة أكثر ما نفعله الآن؟ هل يستطيع جيلنا أن يعالج الأمراض كي تستطيع أنت أن تعيش فترة أطول وبصحة جيدة؟ هل نستطيع أن نربط كل العالم ببعضه البعض كي نتمكن من الوصول إلى مل فكرة وشخص وفرصة؟ هل يمكننا أن نوفر المزيد من الطاقة النظيفة كي تتمكن أنت من اختراع أمور لا نستطيع أن نتخيلها نحن اليوم بينما نحاول حماية البيئة؟ هل يمكننا أن ندعم مبادرات ريادة الأعمال كي تتمكن أنت من بناء أي مشروع وحل أي تحدي يواجهك في سبيلك لتحقيق السلام والرخاء؟”.
بعض هذه الأمور تبدو سيئة بوضوح، هل فعلا هناك من يريد أن يجني خبرات “أكثر 100 مرة مما نحصل عليه اليوم”، مهما كان معنى ذلك؟ هل تريد أن تكون “متصلا” بكل “فكرة” و”شخص” في هذا العالم؟
هذه أحلام خبير متخصص في التكنولوجيا وهي كابوس مزعج لأي إنسان عادي. لكن ماذا تتوقع من رجل جنى ثروته من صناعة أكبر مكان لتخزين الرسائل العنصرية وتحويل الحياة إلى سلعة تباع وتشترى؟
بل جيتس، على الأقل، كرس حياته ما بعد مايكروسوفت من اجل هدف ملموس، وهو مكافحة مرض الملاريا. لكن مارك زوكربيرج، الذى يكافح من أجل السيطرة على أسس الإنسانية، لديه مفهوم أخر عن العمل الخيري. مارك الذى بات غنيا بشكل غير مفهوم من خلال تسليع نظرياته العميقة والغريبة عن التواصل الاجتماعي.
حتى الآن نجد أن سجل زوكربيرج الفعلي سييء للغاية. ففي 2010، تبرع الرجل بـ100 مليون دولار لنظام المدارس العامة السييء في نيووارك، أملا في تحويلها لنموذج لكل المدارس الأمريكية. تحول الوضع إلى كارثة مكتملة وضاعت الـ100 مليون دولار.
عندما ننظر إلى صفحة مبادرة تشان زوكيربرج على “فيسبوك”، لا يبدو لنا أنهم تعلموا الكثير من السنوات الماضية. يوجد على الصفحة بعض التبرعات مثل التبرع بـ75 مليون دولار لشراء معدات لمستشفى سان فرانسيسكو العامة ومركز الصدمات النفسية، وتبرع بـ25 مليون دولار لمركز مكافحة الأمراض “سي دي سي” لمواجهة الإيبولا. لكن كثير من تلك التبرعات يعكس عدم وضوح ما أعلنه زوكيبرج.
“مدرسة ذات مواصفات خاصة لإعداد الطلاب للمستقبل ستبني شبكة من المدارس الأصغر التى تقدم لطلابها خبرات تعليمية خاصة بالأطفال وتتفهم احتياجات كل طفل. وتعتمد المدرسة على مدرسين بارزين وبحث متعمق ونظام تشغيل إبداعي”. استثمارانا البالغ قيمته 15 مليون دولار سيمكن هذه المدرسة من تقديم خبراتها للمزيد من الطلاب كي يحصلوا على فرص أفضل.
ويدخل “فيسبوك” في شراكة مع معلمي مجلس المدارس العامة لمساعدة الطلاب على بلوغ فرصهم من خلال أسلوب معروف بـ”خبرة التعليم الشخصية” الذى يسمح للطلاب أن يكونوا مشاركين نشطين في العملية التعليمية. وسنلحق مهندسي “فيسبوك” بفصول تلك المدارس للعمل مع المدرسين والاستثمار في مجال البنية التحتية، وبناء قاعدة للتعليم المستند على الخبرات الشخصية. والهدف ان نجعل ذلك مجانا لكل مدرسة في الولايات المتحدة.
وكجزء من التزامنا بهذا المفهوم، استثمرنا 5 ملايين دولار في “ماستري كونيكت” لدعم ملعمي الصف الـ12 كي يكتسبوا المهارات المطلوبة للتدريس في الفصول”.
“مدارس مصغرة”؟.. وضع برامج فيسبوك في المدارس العامة؟.. برمجيات وبرمجيات والمزيد من البرمجيات. إذا كنت تعاني من صداع، عليك أن تستخدم البرمجيات. وإذا كان “جيمي” لا يستطيع القراءة؟ اعطه بعض البرمجيات. هذا الغرور يجعلهم يعتقدون أن مجرد “كود” يمكنه أن يحل كل أمراضنا الاجتماعية وينقذ كل الأجناس من التقدم في العمر، والأمراض. هذه الغطرسة هي أقصى ما يملكه وادي السيكيون من هراء، وتبرع زوكيبرج قائم أساسا على هذا الغرور.
ورغم النوايا، فإن ما يحدث هو إضافة مزايا جديدة غير مستحقة إلى مزايا القطاع الخاص والسوق الحر، وتصويت بحجب الثقة عن حكومة الولايات المتحدة. علينا ان نكون متشككين تجاه الـ45 مليار دولار المخصصة لبناء هذه الرؤية العالمية، وعلينا أن نتذكر أن تلك الـ45 مليار دولار ستعود بالمكاسب على أقران زوكربيرج في عالم الأعمال ماديا. ربما علينا أن نتساءل لماذا نترك هؤلاء الأغنياء للغاية يضعون ممتلكاتهم في “أعمال خيرية” صمموها بأنفسهم، ونظل نشكرهم على ذلك، بينما يمكننا أن نأخذ ذلك من جثثهم.
إذا حصلنا 99% من الضرائب على الممتلكات، هل ستحتاج مدارسنا العامة إلى تبرعات من “لايكات” مارك زوكربيرج؟
تحديث: تأكد محرر “بازفيد” أليكس كانترويتز من العلاقات العامة لشركة “فيسبوك” أن مبادرة تشان زوكيربرج ليست حتى مؤسسة خيرية فعلية، حيث أسست باعتبارها شركة محدودة المسؤولية. وهذا يعني أنها ليست صندوقا خيريا، وبالتالي يمكنها إنفاق اموالها على ما تريد من أعمال بما فيها الأعمال الخاصة الاستثمارية والهادفة للربح.