سياسة

الإنسان بمائة دولار.. حوار مع تاجر بشر مصري

ضحية إتجار إريترية تتعافى من جراحة زرع جلد في القاھرة، مصر، بعد أن قيدھا المتجرون في سيناء من كاحليھا، ما أدى إلى عدوى حادة
ضحية إتجار إريترية تتعافى من جراحة زرع جلد في القاھرة، مصر، بعد أن قيدھا المتجرون في سيناء من كاحليھا، ما أدى إلى عدوى حادة

إعداد  ـ  منة حسام الدين، وزحمة:

تاجر بشر مصري:

“أبلغ من العمر  30 عاما وقد تزوجت مؤخرا . بدأت الإتجار بالأفارقة عام ٢٠٠٩. أشتريھم وأبيعھم بغرض الربح فقط. لا أعذبھم لأن ھذا حرام. آخر مجموعة اشتريتھا وبعتھا كانت منذ ثلاثة شھور.

 أشتري الأفارقة من القبائل حول أسوان. يقولون لي إنھم يشترونھم من ناس في السودان. أرسل الحوالة لأسدد للناس في أسوان. عندما بدأت ذلك العمل في ٢٠٠٩ دفعت ١٠٠ دولار عن كل

شخص، لكن ھذا العام أدفع ٦٠٠ عن الشخص. ھذا العام بدأت أبيعھم لبدو ھنا في سيناء مقابل

 ٥٠٠٠ دولار عن الشخص، عادة بعد احتجازھم أسبوعا أو أسبوعين.

 في 2010 و 2011 كنت أشتري نحو خمسة مهاجرين يوميا، ستة كل أيام كل أسبوع، أي حوالي 1500 في السنة، في  سبتمبر 2012 كنت أشتري ضعف هذا العدد تقريبا، يقول المهربون في السودان أن الثورة المصرية في 2011 جعلت عبور الحدود أسهل، ودون حواجز أمنية، لن يأتي الأمن لوقف الإتجار أو التعذيب، لأنهم يخشون فقدان الكثير من أفرادهم إذا أطلق المهربون عليهم النار”

من مقابلة ھيومن رايتس ووتش مع تاجر بشر مصري/بدوي  على مسافة ساعة ونصف من العريش، شمال سيناء.

 نشرت منظمة “هيومان رايتس واتش” المقابلة السابقة  في تقريرها الصادر حديثا بعنوان  ” أردت أن أرقد أرضا وأموت: تهريب وتعذيب الارتريين في مصر والسودان “، استعرضت فيه شهادة 37 ضحية من الارتريين ضحايا الإتجار بالبشر  في مصر وشرق السودان، الضحايا سردوا في التقرير ما تعرضوا له من سوء معاملة وتعذيب على  مدار أسابيع كاملة وأحياناً شهور، وذلك بالقرب من مدينة العريش المصرية شمال سيناء، أو مدينة كاسالا شرق السودان، إضافة إلى تواطؤ السلطات الأمنية، بل ورفض بعض الأطباء علاجهم.

 “عندما بلغنا الحاجز الأمني لدى الجسر الكبير [على قناة السويس]… رأيت ثلاثة تجار  يخرجون ويتحدثون إلى الشرطة. تفحصوا السيارات الأخرى لكن ليست شاحنتنا. عاد المتجرون وركبوا

وعبرنا الجسر”

ضحية إتجار إريتري متحدثا عما رآه من تحت غطاء في صندوق سيارة نصف نقل لدى الجسر المصري الوحيد  الذي يعبر قناة السويس، عند القنطرة. يوليو/تموز ٢٠١١”

واعتمدت “هيومان رايتس واتش” على  شهود عيان على تفاصيل 29 واقعة تهريب، وتعذيب واغتصاب، وحرق، وتشويه ارتكبها المهربون في مصر وفي شرق السودان ضد الاريتريين منذ العام 2010، وذلك بالإضافة إلى تصريحات وشهادات اثنين من المهربين، اعترف أحدهما بالمسؤولية عن عشرات حوادث التعذيب، واعتمد التقرير أيضا على  22 مقابلة  منفصلة مع أريتريين أجرتها منظمة حقوقية مصرية معنية بقضايا اللجوء والهجرة.

“لإجبارنا على الدفع، اغتصبوا النساء أمامنا وتركوھن عاريات. علقونا في وضع

مقلوب. ضربونا وحرقونا في جميع أنحاء أجسامنا بالسجائر، مات صديقي أمامنا

وتمنيت فقط لو أرقد وأموت “

ضحية إتجار إريتري، متحدثا عن الانتھاكات التي تعرض لھا ھو وآخرين، على يد تجار بشر مصريين

في شبه جزيرة سيناء.

 ووفقاً لعشرات المقابلات توصلت “هيومان رايتس واتش” في تقريرها إلى أن مصر والسودان  قد  فشلتا في تحديد هوية هؤلاء المهربين وكذلك من يتواطئون معهم من السلطات الأمنية لمقاضاتهم، ووضع حد لتعذيب وابتزاز الارتريين، وهو ماعتبرته المنظمة “خرقاً لالتزامات مناهضة التعذيب والاتجار بالبشر المفروضة على الدولتين”.

واتفق الضحايا الذين أدلوا بشهاداتهم لـ”هيومان رايتس واتش” على أن المهربين قاموا بتعذيبهم من أجل الحصول على مبالغ مالية تصل إلى 40 ألف دولار من أقاربهم، وأشاروا إلى أن عمليات التعذيب اشتملت على اغتصاب كل من النساء والرجال، وكذلك استخدام الصدمات الكهربائية لحرق أعضائهم التناسلية، الحرق بالحديد الساخن، والماء المغلي، والبلاستيك المنصهر، والمطاط، والسجائر، والضرب بالقضبان المعدنية والعصى، فضلاً عن شنق الضحايا من السقوف والتهديد بالقتل والحرمان من النوم لفترات طويلة، وقال  17 ارتيري من المعذبين في مصر وشرق السودان إنهم شاهدوا آخريين يموتون أمام  أعينهم من التعذيب، وقال التقرير، أن أٌقارب الارتريين المخطوفين كانوا يحاولن جمع الأموال التي يطلبها الخاطفون والمهروين بمجرد سماعهم صرخات المخطوفين واستغاثاتهم على هواتفهم النقالة.

 الشرطة لا تأخذ الناس إلى المستشفى، وبعض الأطباء يرفضون العلاج:

يقول لي بعض المحتجزين إن الشرطة ترفض نقلھم للمستشفى

ويقول البعض إنھم رأوا محتجزين آخرين يموتون في مراكز الشرطة جراء

إصاباتھم.

عندما أتعرف على شخص مصاب إصابة خطيرة، أطلب من الشرطة نقله

للمستشفى. أحيانا يرفضون. عندما أتحدث مع أطباء في مستشفى العريش، يوافقون،

وأحيانا يسألني بعضھم لماذا يتعين عليھم علاج المھاجرين الذين يحاولون الوصول إلى إسرائيل، ليتحولوا إلى مقاتلين يھاجمون مصر بعد ذلك؟”

من مقابلة ھيومن رايتس ووتش مع مصدر تم حجب ھويته. ٧ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٢.

 “هيومان رايتس” سلطت أيضاً الضوء في تقريرها على الأسباب التي كانت تدفع الأريتريين للهجرة ، فمنذ العام 2004 ويعاني حوالي 200 ألف ارتيري من القمع والعوز،  لذا قرروا الانتقال إلى المخيمات الحدودية النائية في اثيوبيا وشرق السودان، وذلك بعد مواجهات وتهرّب من قوات حرس الحدود الارتيرية التي تنجح حيناً في قتل بعض الذين يغادرون دون إذن، في حين ينجو البعض الآخر من طلقاتها ويتجه إلى المخيمات الحدودية دون وجود أي آفاق للعمل”.

وأشارت منظمة “هيومان رايتس واتش” إلى أنه في العام 2010، بدأ هؤلاء الاريتريون الفارين من بلادهم دفع الأمول للمهربين حتى يسهلوا عليهم الهرب إلى إسرائيل عن طريق سيناء، وهو الأمر الذي ألزم إسرائيل ببناء سياج بطول 240 كيلومتر لمنع دخول الاريتريين إلى أراضيها عن طريق الحدود مع سيناء، مؤكدة أن تلك الاجراءات الإسرائيلية كانت السبب في انتشار عمليات تعذيب الاريتريين على يد المهربين المصريين، الذين يحتجزن الإريتريين لطلب الفدية بعد أن يشتروهم من الخاطفين في شرق السودان”

وقال الأريتريون لـ”هيومان رايتس واتش” إن الشرطة السودانية المتواجدة في مدينة “كاسالا” النائية شرق السودان، والقريبة من أقدم مخيمات اللاجئين في إفريقيا، كانت تتعرض لهم عند الحدود، وتعتقلهم تعسفياً لتسلمهم إلى المهربين أو إلى مراكزالشرطة.

أما في الحالات التي يتمكن فيها ضحية الإتجار من دفع الفدية، ويفرج عنه المهربون، فقد يتعرض للاحتجاز من قبل الشرطة المصرية، التي تضعهم في أماكن احتجاز لأسابيع وشهور، وتوجه إليهم اتهامات تتعلق بالهجرة والإقامة غير الشرعية، زاعمة أنهم جميعا من المهاجرين غير الشرعيين، متداهلة حقيقة أنه منذ منتصف 2011 صار ضحايا الاتجار في سيناء منقولين من السودان رغما عنهم.

حمّل التقرير كاملا  من هنا ، 79 صفحة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى