تذكرة بثمن منزل.. هكذا تابع فقراء “ريو” حفل افتتاح الأولمبياد
أسوشيتد برس – أدريانا جوميز ليكون
ترجمة: محمد الصباغ
على التلال التي تعانق استاد ماراكانا، شاهد الكثير من البرازيليين الأضواء والعروض البراقة في حفل افتتاح الأولمبياد من على أسطح تظهر منها أسلاك ومواسير المياه، وتمتلئ شوارعها المحيطة بالقمامة وكأنها تفصلها عن الطرق السريعة وشريط القطارات.
“مانجيرا” هو واحد من بين آلاف الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو، منطقة عشوائية تنتشر فيها عصابات العنف والفقر والتي صارت وكأنها غير موجودة -مجرد شبح- في ظل أول دورة أولمبية تقام في أمريكا الجنوبية.
في الضاحية ذات المنازل المتناثرة، سيكون هناك ولمدة أسبوعين قادمين تذكير دائم للحدود التي تفصل بين من يملكون ومن لا يملكون شيئًا في المدينة.
يقول لويس ألبرتو أروخو، 30 عاما، ويعمل حارس بأحد الشواطئ لكنه يعيش في العشوائيات “لا نمتلك –الفقراء- معرفة بالأولمبياد. نحن قريبيون في المسافة، لكن بعيدون جدا.” وتابع “ما زلنا نستمتع، لكن هذا الحفل للأجانب، للأغنياء.”
شاهد أروخو الحفل من أعلى أحد الأسطح بمنزل “جيري” المطلي باللون الأخضر على أحد التلال بـ”مانجيرا”، وحدق بصمت في بعض الأحيان إلى الاستاد، حيث هلل الرياضيون والمشجعون لظهور عارضة رائعة على المسرح أثناء تأدية إحدى رقصات السامبا.
من بعيد، رأى أكثر من 40 ألف شخص في مانجيرا أن الحفل مجرد إلهاء، يريحهم لفترة قصيرة من المشاكل الاقتصادية والسياسية في البلاد.
لكنهم حذّروا: لا تخلطوا بين فرحة مؤقتة ورضا دائم.
قالت ساندرا برادو، معلمة، مشيرة إلى استاد ماراكانا “أحب أن تكون أسرتي هناك. بالطبع سيكون الوضع أفضل. لكن هذه الأسعار مستحيلة بالنسبة لنا.”
دعت برادو وعائلتها “أروخو” لمتابعة حفل الافتتاح من مسافة بعيدة. شربوا البيرة وتناولوا المقرمشات، في الوقت الذي جلس فيه الأطفال أمام شاشات التلفاز، مأخوذين بالمؤثرات الخاصة والعروض الأكروباتية.
عندما كانوا يستمعون إلى أغنية يعرفونها جميعهم تعزف داخل الاستاد، اجتمعوا جميعا حول برادوا وهي تغني: “كل ما أريده هو أن أكون سعيدة.. أتجول بحرية في فافيلا جيث ولدت.. وأكون فخورة.. وأشعر بأننا الفقراء لدينا أماكننا الخاصة.”
بالنسبة للفقراء، كانت المنافسات التي شهدوا حفل افتتاحها بعيدة المنال عنهم ماديا. تراوحت أسعار تذاكر حضور حفل الافتتاح بين 63 دولارا و1400 دولار. في حين يصل الحد الأدنى لراتب العامل البرازيلي أسبوعيا إلى 55 دولارا.
يقول برونو كارفاليو، الأستاذ بجامعة برنستون ومؤلف كتاب “التاريخ الثقافي لريو دي جانيرو”: “من المخزي أن أسعار التذاكر تتناسب فقط مع قدرات قليل من السكان ذوي الدخل المرتفع، وأغلب العوائد سوف تغادر البلاد. الأمر كما لو أن الكثير من البرازيليين اكتشفوا أنهم يستضيفون حفلا قوميا.”
ومن إحدى شرف مانجيرا، احتفلت أدريانا سانتوس، 34 عاما، بافتتاح الألعاب الأولمبية مع شقيقاتها ووالدتها. ومثل الكثير من البرازيليين الذين تظاهروا من أجل تحسين التعليم والرعاية الصحية، قالت سانتوس إن قادة البلاد يجب ان يركزوا على إصلاح الاقتصاد ومشاكله بدلا من تنظيم فعاليات رياضية عملاقة.
وتعاني البرازيل من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود. ومنذ عامين فقط استضافت الدولة اللاتينية كأس العالم 2014.
وقالت سانتوس “لسنا في حاجة لهذه الأحداث الكبرى.”
ومع ذلك، لا يستطيع البعض أن يفعلوا شيئا سوى الشعور ببعض الفخر عندما يضيء الاستاد في خلفية منازلهم بالألعاب النارية المذهلة. حاول كثيرون بهواتفهم الذكية التقاط صور “سلفي” مع ملعب ماراكانا المضيء في الخلفية، لكن أغلب الصور كانت غير واضحة وداكنة.
تقول الخادمة، ديسي ألفيس 46 عاما، إنها قد تكون سعيدة إلى الأبد لو شاهدت الاحتفال. اصطحبت ابنها وأطفال العائلة وجلسوا بغرفة المعيشة في منزل نصف أرضيته من البلاط والبقية أسمنتية أو ترابية.
وقالت “أعرف أنني لن أكون هناك. بأموال تذكرة واحدة، يمكنني أن أكمل منزلي. لكن على الأقل يمكنني مشاهدته من هنا، بهذا المشهد مع من أحبهم.”