أخبارترجمات

“نيويورك تايمز”: إزالة الألغام الأرضية من المكان الذي تعمّد فيه المسيح

“نيويورك تايمز”: توسع قصر اليهود سيؤدي إلى إشعال المنافسة بين ضفتي نهر الأردن

ترجمة: ماري مراد

المصدر: نيويورك تايمز

 

تحت عنوان “إزالة الألغام الأرضية من المكان الذي يُعتقد بأن المسيح تعمد فيه”، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرا عن منطقة “قصر اليهود”، الاسم الرسمي لموقع غرب نهر الأردن تزعُم الرواية الإسرائيلية أنه المغطس الذي عُمّد فيه السيد المسيح على يد يوحنا المعمدان، مشيرة إلى أن السلطات بدأت العمل على إزالة الألغام الأرضية لتوسيع المنطقة أمام الحجاج.

وفي التقرير، ذكرت الصحيفة أن الحجاج نزلوا الواحد تلو الآخر تحت مياه نهر الأردن الباردة ولونها الأصفر الذي يميل إلى البني، يسيرون فيه من الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل لإعادة تكريس إيمانهم في المكان الذي يعتقد بأن يوحنا المعمدان عمد فيه يسوع “عيسى”.

الصحيفة أشارت إلى أن النهر ضيق وهادئ تحيط به النباتات الخضراء وأشجار النخيل.

“كانت باردة للغاية” هذا ما قالته لورلا نج، 58 عاما، عضو في مجموعة دراسة الكتاب المقدس المسيحية من سنغافورة، حينما خرجت من المياه العكرة مرتدية “تيشرت” أرجواني، مضيفة: “لكن حينما غّمرت بالمياه شعرت بالتطهير في كل مكان”.

وعلى الضفة المقابلة، وقفت مجموعة أصغر من السائحين على الجانب الأردني والتقطوا صورا على هواتفهم.

في الأيام التي تسبق عيد الفصح، وصلت مجموعات سياحية من الأراضي المقدسة بواسطة الحافلة في موقع التعميد الإسرائيلي المعروف باسم قصر اليهود، ويقال إن الاسم يشير إلى مظهر شبيه بالقلعة لدير يوناني أرثوذكسي القريب وإلى الاعتقاد اليهودي بأن هذا هو المكان الذي قاد فيه يشوع الإسرائيليين إلى أرض الميعاد.

بحسب التقرير، موقع المعمودية، الواقع على بعد بضعة أميال إلى الشمال من البحر الميت وشرق مدينة أريحا في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، جذب نحو 570 ألف زائر العام الماضي وفقا للسلطات الإسرائيلية، لكن المشاهد السلمية للحج اليوم تكذب تاريخ المنطقة المضطرب كمنطقة معارك.

وبقي الموقع محظورًا لعقود بعد أن استولت إسرائيل على الضفة الغربية من الأردن في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، ووقعت إسرائيل والأردن على معاهدة سلام في عام 1994، ومنذ ذلك الحين قامت إسرائيل بتجديد جزء صغير من الموقع، وفتحته أمام الجمهور في عام 2011.

لكن الصحيفة أوضحت أن الجنود المسلحين الإسرائيليين لا يزالون يقومون بدوريات هنا لضمان عدم عبور النهر من أو إلى الجانب الأردني، وللوصول إلى المياه، على الحجاج المرور في منطقة عسكرية والالتزام بمسار ضيق تحيط به الألغام.

وزرعت الكتائب العسكرية الإسرائيلية الألغام المضادة للأفراد والمضادة للدبابات بعد حرب 1967 كجزء من خط دفاعي جديد، وفي منتصف فبراير مرت سيارة عسكرية إسرائيلية على لغم أرضي مدفون في الرمال هنا: ما أسفر عن إصابة 7 جنود، ويمكن رؤية هيكل السيارة الأسود من الطريق المليء بعلامات الخطر.

وهُجرت كنائس ومجمعات لـ8 طوائف بنيت في ثلاثينيات القرن العشرين بالمنطقة منذ 5 عقود مضت، ولا تزال محظورة، ويعتقد بأن مهندسي الجيش الإسرائيلي فخخوا نوافذ وأبواب المحاريب وحجر الرهبان، التي تنتمي معظمها إلى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، لأنها كانت تستخدم كغطاء للمقاتلين الفلسطينيين الذين يتسللون من الأردن لمهاجمة الإسرائيليين.

والآن، التقرير لفت إلى أنه في محاولة إعادة تأهيل وفتح بقية الموقع، بدأت مؤسسة “هالو تراست” الخيرية البريطانية الأمريكية لإزالة الألغام، عملية إزالة الألغام بالتعاون مع الهيئة الوطنية الإسرائيلية للأعمال المتعلقة بالألغام التي تعمل تحت إشراف وزارة الدفاع الإسرائيلية، والمركز الفلسطيني لمكافحة الألغام تحت إشراف السلطة الفلسطينية.

وحتى الآن، جمعت المؤسسة الخيرية أكثر من مليون دولار للمهمة التي من المحتمل أن تستغرق عامًا على الأقل.

الصحيفة نوهت إلى أنه رغم الحرج السياسي للعمل في الأراضي المحتلة، يتشارك الفلسطينيون والإسرائيليون في الترويج للسياحة المسيحية، وتتباهى إسرائيل والضفة الغربية بمواقع مسيحية رئيسية مثل الناصرة وبيت لحم، وتعد تجارة الحج مربحة.

ووفقًا للتقرير، يقدر الخبراء أنه يمكن أن يكون هناك ما يصل إلى 3 آلاف لغم وغيرها من الأجهزة المتفجرة في الموقع، وهي مساحة تقل عن نصف ميل مربع، إضافة إلى مخلفات الحرب الأخرى مثل الصواريخ غير المنفجرة وقذائف الهاون وقذائف المدفعية.

“الحرب طريقة لتحقيق أهداف سياسية” هذا ما قاله جيمس كوان” الرئيس التنفيذي لشركة “هالو تراست”، متابعا: “تظل الألغام الأرضية قاتلة لعقود بعد أن ينتهى هذا الغرض السياسي”.

كوان، الذي كان جنرالا عاما في الجيش البريطاني، وصف للألغام المضادة للأفراد بأنها: “في حجم جبن الكممبير” في حين أن الألغام المضادة للدبابات تكون في حجم بيتزا قطرها 12 بوصة.

“نيويورك تايمز” نوهت إلى أن هذه الفكرة ستعيد الممتلكات إلى الكنائس، بما يسمح للرهبان والحجاج بالعودة.

والعمل الذي بدأ في 11 مارس في مجمع الكنيسة الإثيوبية الجنوبية، شاق، إذ لم تترك الوحدات الإسرائيلية المختلفة أي سجل أو خرائط للأماكن التي وضعت فيها الألغام المضادة للأفراد، والقادة الذين يمكن تعقبهم لا يمكن أن يتذكروا بأي قدر من الدقة، وفي الآونة الأخيرة عمل فريق متعدد الجنسيات من الإسرائيليين والفلسطينيين والجورجيين بحذر شديد باستخدام أجهزة الكشف والمعدات الآلية المدرعة.

وقال رونين شيموني، مدير برنامج هالو تراست في الضفة الغربية، وهو يقف بجوار موقع عسكري إسرائيلي مهجور فوق تلة، إن “الكنائس ستبقى بعد رحلينا جميعا. الكنائس لديها متسع من الوقت”.

وتوقعت الصحيفة أن يؤدي توسع قصر اليهود إلى إشعال المنافسة بين ضفتي نهر الأردن، حول موقع التعميد الحقيقي، فالجانب الأردني، الذي يضم مجمعاً كنسيًا بقبة ذهبية، يُعرف باسم المغطس، وفي عام 2012 عينت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، ضفة الأردن الشرقية كموقع للتراث العالمي، معلنة أن هذا موقع معمودية يسوع.

ورغم أن العثور على بقايا كنائس قديمة وأخرى صغيرة وقلايات رهبان تعود إلى العصرين الروماني والبيزنطي على الجانب الشرقي، وفقًا للتقرير، لا يبدو أن هناك أي دليل أثري على الجانبين يعود للقرن الأول.

وفي متى 3″: 13″ وصف مجيء المسيح إلى الأردن ليعمده يوحنا من الجليل، في ما هو الآن شمال إسرائيل، وتأتي الإشارة الظاهرة إلى الضفة الشرقية في يوحنا ١: ٢٨، والتي تنص على ما يلي: “هذه الأمور تمت في بيت عنيا عبر الأردن، حيث كان يعمد يوحنا”.

لكن التقرير نوه إلى أن قصر اليهود، على الجانب الذي تسيطر عليه إسرائيل، أثبت بالفعل أنه أكثر شعبية مع الحجاج، والدخول مجاني وهو قريب من مواقع مسيحية أخرى.

وقام نيل تايلور، 63 عاما، وهو سائح من ساسكس بإنجلترا، بمسح المشهد على ضفة النهر حينما كانت تغني مجموعة حاج روسية مرتدية ملابس بيضاء، متاحة في متجر الهدايا التذكارية مقابل 9 دولارات للقطعة، ثم دخلوا الماء.

وقال تايلور إنه لم يكن منزعجًا من تحذيرات حقول الألغام، وقال: “عندما كان يوحنا المعمدان يعمد الأشخاص، اتخيل أن هناك كان شيئا من الفوضى أيضا”، مضيفا: “أن ترى شاب مسلحا أمر مقلق قليلا” في إشارة إلى حراس الحدود الإسرائيليين المنتشرين عند حافة النهر.

التقرير تحدث أيضا عن بريندا بن، 59 عاما ، وزوجها مايكل بن، 58 عاما، الكنديين، اللذين انتهزا الفرصة ليعمدا مجددا في نهر الأردن، مشيرين إلى أنهما زارا “الكثير من الأماكن المجنونة” من قبل بما في ذلك جمهورية الكنغو الديمقراطية.

وقالت بريندا “جئنا إلى هنا بسبب إماننا، من المذهل رؤية بعض الأماكن وإدراك وجود الله”، متابعة: “سنقلق عندما تنطلق صفارات الإنذار”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى