سياسة

نيوزويك: عن انتقام أوباما “البارد” من نتنياهو

نيوزويك: عن انتقام أوباما “البارد” من نتنياهو

نيوزويك- مارك شولمان

ترجمة: محمد الصباغ

يقولون إن الانتقام وجبة يفضل تقديمها باردة.

من الواضح أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد حظي بانتقامه من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال هذا الأسبوع. أجبر نتنياهو على الإشادة بمذكرة التفاهم الجديدة الموقعة بين واشنطن والقدس ووصفها بالانجاز التاريخي لإسرائيل.

شكليا، هي الالتزام الأكبر من حيث حجم المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة لأي دولة أخرى. وسياسيا، لا يقدر نتنياهو على الاعتراف بشيء سوى أن الاتفاق أفضل من مثالي، وكرر المتحدث باسمه بشكل مستمر كم أن الاتفاق ممتاز.

أشاد أوباما أيضا بالاتفاق، وصرح أنه “يشكل أكبر مساعدة عسكرية منفردة في تاريخ الولايات المتحدة، تعادل 38 مليار دولار على مدار 10 سنوات، وتشمل 33 مليار كتمويل من خزانة الخارجية الأمريكية بجانب 5 مليارات دولار مخصصة لبرنامج الدفاع الصاروخي. “رئيس الوزراء نتنياهو وأنا معه واثقان من أن مذكرة التفاهم الجديدة ستسهم بشكل بارز في أمن إسرائيل، وسط المنطقة التي تبقى خطيرة.”

أما منتقدو الاتفاق، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، فأشار إلى أن الأرقام مضللة. الاتفاق هو أكبر كمية مساعدات مالية فقط شكليا. وبمقارنة الأرقام مع معدل التضخم، فالاتفاق بالفعل أقل من المذكرة التي تم توقيعها منذ 10 سنوات مضت.

في حين قال منتقدون آخرون، من بينهم عاموس يلدن رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، إن نتنياهو لو لم يواجه الكونجرس ويعارضه في قضية الاتفاق النووي الإيراني، لربما كان قد تحصل على مذكرة تفاهم أمريكية بشروط أفضل. وأصروا أيضا على إن إسرائيل كانت لتحصل على أموال أكثر وبدون القيدين الموضوعين في الاتفاق، واللذين قد يثبتان ضررهما على إسرائيل.

الشرط الأول المتفق عليه يزيل الممارسة التي استمرت طويلا بالسماح لإسرائيل باستخدام 25% من المساعدات في مشتريات محلية. أما الثاني فهو التزام إسرائيل بعدم المطالبة بأي أموال تكميلية من الكونجرس. كما أرسلت إسرائيل خطابا تتعهد فيه بإعادة أي أموال إضافية لو حددها الكونجرس.

بوضع شرط في الاتفاقية بأن إسرائيل لن تضغط على الكونجرس من أجل تمويل إضافي بل ستعيده، يكون أوباما قد قوض التواجد القريب للجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك). وكانت قد قامت بخطأ كبير حينما حاربت الاتفاق النووي مع إيران في العلن.

لو أن إسرائيل لن يكون لها الحق في طلب أموال إضافية بل وستعيدها لو قررها الكونجرس، يكون ذلك هو أحد العوامل الرئيسية في التخلص من “أيباك”.   والأبعد من ذلك، فإن أحد أهم إنجازات “أيباك” في العقود الأخيرة هو منح إسرائيل القدرة على استخدام جزء من المساعدات في تمويل مشتريات محلية. وقد تم التخلص من هذا أيضا.

أوباما عاد ليؤكد أسبقية السلطة التنفيذية في صنع السياسة الخارجية. لعقود، تدخل الكونجرس في العلاقات الامريكية مع إسرائيل من خلال تخصيص أموال إضافية من خلال إدارات مختلفة. وبإجبار إسرائيل على توقيع خطاب تعهد بأنها ستعيد أي أموال إضافية، انتهى أوباما من قدرة الكونجرس على التدخل في العملية.

في النهاية، بتوقيع نتنياهو الاتفاقية، فقد أعطى أوباما ذخيرة لبعض كبار منتقدي نتنياهو. فقد سيطر إيهود باراك، رئيس الوزراء السابق، على عناوين الأخبار في إسرائيل خلال الأيام الماضية بعد نشر افتتاحية لاذعة في واشنطن بوست انتقد فيها نتنياهو لاستخدامه الاتفاق الجديد لتوجيه ضربة ضده.

أنجز أوباما كل ذلك من خلال تطويق الجوانب الأكثر تعقيدا في الاتفاقية بحزمة مساعدات قدرها 38 مليار دولار. من يمكنه انتقاد أوباما ويعتبره لا يدعم إسرائيل بعدما خصص لتوه 38 مليار دولار لدفاعاتها؟

إذا لماذا وقع نتنياهو الاتفاقية، بدلا من انتظار الرئيس القادم؟ حتى الوقت الذي سيكتب فيه مذكراته، لن يعرف بالتحديد. التفسير الأفضل هو أنه ارتعد مما قد يحدث لو تم انتخاب دونالد ترامب رئيسا.

في الوقت الذي يعتبر فيه ترامب محبوبا بين الكثير من أهل اليمين الإسرائيليين، نتنياهو لدية إدراكا أكثر خبرة للعالم الذي تعيش في إسرائيل. انتصار سيأتي بدرجة من الغموض في عالم تخشاه إسرائيل. لا يمتلك أي شخص فكرة عما قد يفعله ترامب بعدما يصبح رئيسا، وهذا أمر جديد في العلاقات الدولية.

نفس الشئ بالنسبة للمساعدات الأجنبية. كأكبر متلق للمساعدات الأمريكية، دون الحديث عن الدعم الدبلوماسي، لا شيء يجعل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في حالة عصبية أكثر من تعليقات ترامب بأن أمريكا عليها أن تهتم بأمريكا أولا.

إسرائيل، مثل بقية العالم، استفادت بشدة من الهيمنة “المعتدلة” للولايات المتحدة عالميا. وإمكانية أن يغير وصول ترامب للرئاسة ذلك هو أكثر ما يقلق القيادة الإسرائيلية.

ربما قرر نتنياهو أن يوقع الاتفاق الحالي بدلا من المراهنة على مستقبل إسرائيلي قد يكون أفضل مع ترامب أو كلينتون. بتوقيع الاتفاق، يساعد نتنياهو بالفعل كلينتون، حيث إن الاتفاقية يزيل الشكوك حول التزام الحزب الديمقراطي نحو إسرائيل.

أما بالنسبة للرئيس أوباما، فهذا إنجاز سياسي شخصي عظيم. وبالنسبة لنتنياهو، فلن يستطيع معرفة ما إذا كان قد اتخذ القرار الصائب أما لا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى