إعلامثقافة و فن

‎بلومبرج: هل يتصدى فيس بوك وتويتر لـ”وحيد القرن الشرير”؟

‎إلى أي مدى يستطيع فيس بوك وتويتر وجوجل التحكم في ما يجري في منصاتها؟

بلومبرج – joshua brustein

ترجمة- سامح سمير
في نهاية شهر أكتوبر، قام مشرعون باستدعاء ممثلين عن عدد من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم إلى واشنطن لكي يشرحوا لهم كيف تعرض ملايين الأمريكيين لمحتوى إعلامي مضلل قامت ‎بترويجه مصادر روسية في أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2016. ‎
وبعد مضي عدة أيام، عادت مشكلة التضليل الإعلامي عبر الإنترنت لتطل برأسها مجددًا في أعقاب حادث إطلاق النار الجماعي في تكساس، وصاحب ذلك بروز نظريات المؤامرة بشأن الحادث وانتشارها بسرعة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي. لقد طفح الكيل بالمشرعين من هذين النوعين من المشاكل.
‎1. ما المشكلة؟
‎ثمة مجموعة من الناس، على علاقة بالحكومة الروسية، بما في ذلك “الكتيبة الإلكترونية” الموجودة ببطرسبرج والمعروفة باسم “وكالة بحوث الإنترنت”، قاموا باستخدام فيس بوك، وجوجل، وتويتر لنشر مواد إعلامية بهدف إثارة الشقاق الاجتماعي في أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016. ‎
في بعض الأحيان، كان هذا يتم من خلال شراء مساحات إعلانية بهدف توصيل رسالة معينة لجمهور محدد؛ وفي أحيانِ أخرى، كان يتم من خلال نشر محتوى إعلامي غير مدفوع وتركه ينتشر من تلقاء نفسه ‎وقد شاهد ما يقرب من 150 مليون مستخدم منشورات بثتها إحدى الشركات تستهدف بالأساس الترويج لدعايات الكرملين، كما شاهد 11 مليون مستخدم مواد دعائية قامت هذه الشركة بتمويلها.
وعرضت شركة تويتر بيع 15% من حصتها في حملة دعاية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، للمؤسسة الإخبارية الروسية “روسيا اليوم” والتي قامت في ما بعد بتسجيل نفسها كوكالة أجنبية. وفي جوجل، قام بعض المهندسين بصك مصطلح “وحيد القرن الشرير” للإشارة إلى تلك المنشورات المشبوهة، المليئة بالأكاذيب التي تتناول موضوعات مبهمة.
‎2. هل تستطيع الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي أن تكون أكثر يقظة في هذا الشأن؟
‎التحدي هنا يتعلق بالكم. فهناك ‎ما يزيد على 2 مليار مستخدم يترددون شهريًا على كل من فيس بوك وجوجل، بينما يحظى موقع تويتر ب 330 مليون مستخدم شهريًا. وتقول هذه الشركات إن حجم الأنشطة التي تجري داخل أنظمتها أكبر بكثير من أن تستطيع مراقبتها بالكامل. وجهودها المتزايدة لعرقلة مثل تلك المواد أو منعها باستخدام الخوارزميات مُنيت جميعها بالفشل حتى الآن.
أطلق مبرمجو جوجل لقب “وحيد القرن الشرير” على المنشورات المضللة

‎3. ما العمل إذن؟

‎لقد تعهدت مواقع التواصل الاجتماعي العملاقة بالتعامل الجدي مع هذه المشكلة لكن هذا التصريح قوبل بالتشكك من بعض المشرعين في ضوء تصريحات ممثلي هذه الشركات بشأن افتقارهم حاليًا، وربما للأبد، إلى الوسائل اللازمة لمنع تلك الممارسات. فقد قالت شركة فيس بوك إنها ستضاعف عدد العاملين لديها في مجال التأمين إلى 20 ألف موظف إضافة إلى الاستثمار في أنظمة جديدة للذكاء الصناعي لمساعدة الموظفين الجدد في مراقبة المواد المثيرة للشبهات. كما قالت شركة جوجل إنها أصبحت أكثر حرصًا في اختيار ما تعرضه من قوائم “عناوين الأخبار” والمنشورات التي تنقلها عن تويتر. ‎وقد تعهد جميع العاملين في هذا المجال بمواصلة الجهد لبناء تكنولوجيا تستطيع التعرف أوتوماتيكيًا على أنماط السلوك المثيرة للشكوك. كما تعهدوا أيضًا بالضغط على المعلنين من أجل مزيد من الشفافية.
‎4. هل ستؤتي تلك الخطوات ثمارها؟ ‎
من الصعب الجزم بذلك، حيث إن تلك الخطط لا تزال في مراحلها الأولى، فضلًا عن أنها لن تتطرق سوى لجانب واحد فقط من المشكلة. وكما أقرت شركة فيس بوك قبل جلسات الاستماع مباشرة، فإن أعداد من شاهدوا المنشورات “العضوية” غير المدفوعة أكبر بكثير من عدد من شاهدوا الإعلانات المدفوعة التي بثتها الكتيبة الإلكترونية الروسية. والحال، إن مواقع التواصل الاجتماعي تطمس الحد الفاصل بين المواد الإعلانية وكل ما عداها بطريقة لا تعرفها الوسائل الإعلامية الأقدم. فالاطلاع على المواد التي قامت المصادر الروسية بترويجها، تم في أغلبه من خلال قيام مستخدمين عاديين بمشاركة منشورات عبر حساباتهم الخاصة.
نتيجة بحث الصور عن وادي السيليكون
‎5. هل ستنخرط الحكومة الأمريكية في هذه المسألة؟
‎لقد بدأت في ذلك. فلجنة الانتخابات الفيدرالية تدرس الآن قرارًا يلزم كل من يستخدم الإنترنت في نشر مواد دعائية ذات طابع سياسي بالكشف عن هوية مموليها. وهناك أيضًا مشروع قانون مقدم في مجلس الشيوخ الأمريكي بهذا الشأن. بيد أن تلك الخطوات، حتى في حال تنفيذها، لن تتطرق إلى أي شكل من أشكال التواصل السياسي لا يندرج تحت مفهوم الإعلان، بالمعنى التقني للكلمة.
‎6. ما مدى ما تستطيع الحكومة أن تفعله؟
‎إن أي محاولة لتنظيم عمل تلك الشركات كما لو كانت مؤسسات إعلامية سوف تصطدم بواحدة من أكثر المواد التشريعية العزيزة على قلب شركات التكنولوجيا -قانون 1996 الذي يعفي تلك المواقع من المساءلة عن أفعال مستخدميها. وقد قامت المحاكم بتفسير تلك الحصانة تفسيرًا فضفاضًا للغاية. وأي محاولة لإحداث تغييرات كبيرة بهذا الشأن قد تتسبب في إثارة معارك هائلة.
‎7. إلى أين يتجه وادي السليكون في هذا الشأن؟
‎لم تأخذ أي واحدة من المنصات التكنولوجية الكبرى هذا الأمر بجدية كبيرة حتى أكرهتها الأوضاع السياسية على ذلك. ففي أعقاب الانتخابات، أعرب مارك زوكربرج، المدير التنفيذي لفيس بوك، عن رفضه فكرة أن الأخبار الزائقة كان لها أي تأثير سلبي، كما سخرت شركة تويتر من فكرة أن برمجيات “البوتس” (برمجيات يتم ضبطها لتعيد نشر محتوى معين أوتوماتيكيًا) لعبت دورًا سياسيًا. بيد أن هذه التصريحات لم تساعد في تحسين مصداقية تلك الشركات لدى المشرعين أو الجمهور العام. وفي الوقت الراهن، فإن ما تطمح إليه شركات التكنولوجيا هو تجنب صدور تشريع يقرر لها ما عليها أن تفعله. ‎ولا يرغب مدراء تلك الشركات كذلك في أن يُنظر لهم باعتبارهم أوصياء على ما يدور في العالم من نقاشات. وهكذا، مرة أخرى، قامت مؤخرًا مجموعة عمل تضم ممثلين عن فيسبوك، وجوجل، وتويتر بالاعتراض على مشروع قانون بخصوص الاتجار في الرقيق الأبيض من شأنه أن ينال من الحصانة القانونية التي تتمتع بها المواقع الإلكترونية. وقد تم تفسير ذلك، على نطاق واسع، باعتباره مؤشرًا على التغير السريع في المناخ السياسي المحيط بمجال التكنولوجيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى