نشرت صحيفة “تيليغراف” البريطانية فيديو قالت إنه يستعرض الأوضاع المزرية واللا إنسانية التي يعاني منها آلاف المسجونين في سجون الحكومة المصرية
تيليغراف – كولين فريمان – ترجمة ـ منة حسام الدين:
في الشريط المصور “من ثقب الباب” الذي صوره أحد المسجونين، تم الكشف عن الظروف المروعة التي يعاني منها آلاف الذين سجنتهم الحكومة العسكرية الجديدة في مصر.
اللقطات التي تم تصويرها في واحد من أكثر السجون المصرية تأميناً تظهر المسجونين محشورين في زنزانة صغيرة، يعلقون أغراضهم الشخصية بمسامير على الجدران لإفساح أرضية الغرفة للجلوس .
قذرة، ومحصنة كي تستخدم للحبس الانفرادي، هي الغرفة التي تم استخدامها لحبس ثلاثة سجناء في وقت واحد، وعليهم تناول الطعام والنوم وسط تفشي الحشرات ومياه الصرف الصحي.
تتضمن اللقطات شهادات قدمها أشخاص تم اعتقالهم خلال الحملة الأخيرة للحكومة التي يقودها الجيش الذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد مرسي في الصيف الماضي عن تفاصيل التعذيب التي تعرضوا لها.
منذ ذلك الحين، حظرت الحكومة حركة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي وصنفتها بالمنظمة الإرهابية، كما شنت حملة اعتقالات واسعة ضد مؤيديه.
سجنت السلطات الصحفيين، ومن بينهم العديد ممن يعملون لصالح قناة “الجزيرة” التي يعتبرونها متعاطفة بشكل مبالغ فيه مع جماعة الإخوان المسلمين، والتي تم حظر قناتها المصرية.
بيتر غربستي، أحد صحفيي الجزيرة الذين تم اعتقالهم، قادت أسرته حملة للدفاع عن حرية صحفي الجزيرة جميعاً، وذلك في الوقت الذي تصر فيه إدارة القناة على أن مراسليها كانوا بكل بساطة يؤدون وظيفتهم، وأنه حتى العام الماضي كان الإخوان المسلمون حزباً سياسياً شرعياً.
يبين “من ثقب الباب” كيف أن السجناء يعيشون في زنزانة ضيقة للغاية لا تتعدى مساحتها 2متر للطول و1,5 متر للعرض، ويقول المعلق على الشريط المصور بالإنجليزية :” كان من المفترض أن تكون زنزانة حبس انفرادي، أنا لا أفهم كيف يستطيع ثلاثة أفراد النوم هنا.”
يشير المعلق إلى الأكياس، وزجاجات المياه، و الأغطية “البطاطين” ،والأغراض الشخصية الأخرى، وكيف تم تعليقها وتثبيتها بالمسامير على الجدران للحفاظ أقصى قدر من مساحة الزنزانة.
في إحدى زوايا الزنزانة، منطقة صغيرة تستخدم كمطبخ مؤقت حيث يتمكن النزلاء من إعداد الطعام، تلك المنطقة شديدة القرب من مكان المرحاض الذي يلزم مستخدمه الجلوس في وضع القرفصاء. لا يوجد في الزنزانة سوى مكان لا تتعدى مساحته بضعة سنتيمترات حتى يتسلل الضوء إلى المكان.
أحد السجناء، وافقت “تيليغراف” على حجب اسمه حفاظاً على أمنه الشخصي، يقول إنه تعرض للتعذيب لمدة أربعة أيام في محاولة لاجباره على الاعتراف بالتهم الملفقة له بالإرهاب.
“على مدار أربعة أيام، كانوا يضربوني، يصعقوني بالكهرباء، عذبوني بطرق لا أستطيع وصفها”، يقول ذلك السجين في الشريط المصور ويضيف :”أمروني بحفظ اعترافاتي، وقالوا لي ستقف أمام أحد الأشخاص وتردد ما نقوله لك كلمة كلمة”، وبسبب كل ذلك التعذيب والتهديد ، قلت لهم :” سأقول كل ما تريدون”.
الآن، روايات السجناء في حوزة منظمة العفو الدولية “أمنيستي” لتقيّمها، وهي التي قالت إن تلك الروايات شبيهة بحالات أخرى تم توثيقها لمؤيدين لجماعة الإخوان المسلمين كانوا تعرضوا لسوء معاملة.
إنها المرة الاولى التي يتم فيها نشر لقطات لسجناء من داخل الزنازين، ويقومون فيها بتوجيه الاتهامات، ويبدو أن الذين شاركوا قرروا أن فرصة تسليط الضوء على محنتهم تفوق في الأهمية مخاطر عمليات الانتقام التي قد يتعرضون لها في حالة تحديد هويتهم.
وقال محمد المسيري، الباحث المصري في منظمة “العفو الدولية” :” نحن مازلنا نحاول التحقق من صحة تلك الروايات، لكنها ستكون على مايبدو مشابهة لروايات أخرى عن سوء المعاملة التي تم فعلياً توثيقها في السجون التي أدعى مؤيدو الإخوان المسلمين والنشطاء الليبراليين أنهم تعرضوا للتعذيب والصعق بالكهرباء فيها، لذا نحن ندعو السلطات المصرية إلى التحقيق في تلك الإدعاءات”.
لقطات المسجونين تعتبر جزءا من ملف تقوم باعداده شركة للمحاماة في لندن، من أجل المطالبة بالحرية لمرسي ولحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وتلك المعلومات يتم تمريرها إلى كل من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وإلى سكوتلاند يارد، أملاً في إصدار مذكرات توقيف دولية ضد مسؤولين يُعتقد أنهم متورطين أو متواطئين في التعذيب.
طيب على، أحد المساهمين في شركة ” Irvine Thanvi Natas” للمحاماة في لندن، قال:” كما هو واضح من لقطات الشريط المصور، الأوضاع في السجن متدنية بشكل لا يمكن وصفه ولا قبوله، لكنها تعبر بوضوح عن الظروف التي يقوم النظام بحبس السجناء السياسيين فيها”.
“نحن لدينا الآن أدلة قاطعة وواضحة عن عمليات تعذيب تمت ممارستها من أجل الحصول على اعترافات بشأن التورط في أفعال إجرامية”.
اعترف بعض المسؤولين المصريين في جلسات خاصة أن أوضاع السجون في مصر مخزية، وعلى الرغم من ذلك كان من آثار الانقلاب العسكري في الصيف الماضي إحكام قبضة يد وزارة الداخلية التي تدير السجون.
في أغسطس، لقى 37 سجينا مصرعه في سيارة ترحيلات مكتظة بعد أن تركتهم الشرطة لمدة 6 ساعات في شمس الصيف، وعندما حاولوا الخروج من سيارة الترحيلات بحثاً عن الهواء أطلقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع.
سهير يونس، المتحدثة الرسمية باسم السفارة المصرية في لندن، رفضت التعليق دون الحصول على المزيد من التفاصيل فيما يخص الحالات المعنية، فهي مقتنعة بأن هناك مساحات كافية لجميع المحتجزين في السجون لكنها قالت :” نحن لا نعذب سجنائنا”.
كما أضافت :” بعض الحكومات تنفق الكثير من الأموال في محاولة منها لتشويه صورة مصر”.
.
اقرأ أيضا:
كيف مات 37 رجلا في سيارة الترحيلات؟ الترجمة الكاملة لتحقيق الجارديان