سياسة

“السيادة” تخضع للقضاء و”الاحتلال” يعني التسكين: حيثيات حكم “تيران وصنافير” في 10 نقاط

حيثيات حكم “تيران وصنافير” في 10 نقاط

pic
المستشار أحمد الشاذلي

زحمة- إعداد محمد الصباغ

وضعت دائرة فض الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة، حيثيات حكمها الصادر اليوم برفض الطعن المقدم من هيئة قضايا الدولة ممثلة عن رئاسة الجمهورية والحكومة، وتأييد الحكم الصادر ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتي تقضي بالتنازل عن جزيرتي “تيران وصنافير” للمملكة.

وردت المحكمة في الحيثيات على قول ممثل الحكومة أن الاتفاقية عمل من أعمال السيادة، وعلى قوله بأن مصر احتلت الجزيرتين، وشرحت الفارق بين الاحتلال العسكري والتواجد والسيادة، مبرزة أن الجزيرتين لم يسيطر عليهما عبر تاريخهما إلا مصر.

كما أضافت المحكمة أنه “بالرجوع إلى أعمال لجنة الخبراء العشرة والخاصة بإعداد الدستور، فإنه قد أشار أحد أعضائها ص 73 إلى أن أي شيء يتعلق بحقوق السيادة لن يكون محل معاهدات.”

واستعرضت هيئة المحكمة الحيثيات في 59 صفحة نلخص أهمها هنا:

1 – المحكمة مختصة

الاتفاقية تتضمن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، والجزيرتين “ضمن الإقليم المصري خاضعتان للسيادة المصرية الكاملة وهو أمر مخالف ومصادم لنص المادة (151) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 18 يناير 2014 والذي حظر إبرام أي اتفاق يتضمن التنازل عن أي جزء من الإقليم المصري.”

وأضافت “خلصت المحكمة إلى أن توقيع الحكومة على الاتفاقية بما ينطوي عليه من التنازل عن الجزيرتين (تيران وصنافير) هو عمل إداري يخضع لولاية محاكم مجلس الدولة طبقاً لأحكام المادة (190) من الدستور باعتباره من المنازعات الإدارية، وقضت برفض الدفع المبدى من المدعي عليهم بصفتهم بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعويين.”

2- السيادة لا تنفي الخضوع للرقابة القضائية

“الاستناد إلى هذا المعنى الإيجابي للسيادة لا يكفي وحده تبريرا لعدم الخضوع للرقابة القضائية -بحسبان الخضوع لرقابة القضاء لا يتنافى في ذاته مع فكرة سيادة الدولة بالمعنى الإيجابي والفصل في المنازعات وإرساء قواعد العدالة والمحافظة على حقوق الدولة وحريات الأفراد- أحد مظاهر السيادة العامة، والقول بغير ذلك يحيي فكرة اندثرت في العالم والفهم القانوني كانت تقوم على أساس أن السيادة حق أصيل للحاكم وهو مالكها (نظريات الحق الإلهي)، ومع ظهور مبدأ سيادة الأمة بعد نجاح الثورة الفرنسية الدساتير الفرنسية البالغة 16 دستورا منذ الثورة الفرنسية ومنذ دستور 1793 الذي لم يطبق بتاتا وعلى حد تعبير الفرنسيين mort née أي ولد ميتا ودستور 1875 الذي أُلغي بعد غزو الألمان فرنسا ودخولهم باريس عام 1940، استقر في الوجدان القانوني أن صاحب السيادة هو مجموع المواطنين، ولم تعد هيئة من هيئات الدولة مالكة للسيادة وإنما تباشرها كوكيلة عن الشعب.

3- المعاهدات تتطلب أولا موافقة مجلس الأمة

“حددت المادة (46) من دستور عام 1930 سلطات المَلك والبرلمان بشأن المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو نقص في حدود سيادتها، وإذا كان دستور 1956 الصادر في ظل الحكم الجمهوري قد أخذ بأبعاد قومية بشأن وصف مصر بأنها دولة عربية مستقلة ذات سيادة، وأنها جمهورية ديمقراطية والشعب المصري جزء من الأمة العربية فإنه تمسك بأن لا تنفذ معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة أو التي تتعلق بحقوق السيادة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة.”

4- ممنوع التنازل عن الأرض

“يمتنع على كل سلطات الدولة التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة وتلحق ذات الصفة بأي إجراء سابق لم يراع الحدود الدستورية السارية حال إصداره، وبهذه المثابة يكون توقيع رئيس الوزراء على الاتفاق المبدئي -حسب التعبير الجهة الإدارية الطاعنة- بتعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية متلحفا برداء غير مشروع في اتفاقية تبدو كأعجاز نخل خاوية فليس لها في الحق من باقية.”

5- لا يجوز للقضاء العادي وقف تنفيذ حكم لمجلس الدولة

“لا يجوز لأي محكمة تابعة للقضاء العادي أن تأمر بوقف تنفيذ أي حكم صادر من محاكم مجلس الدولة، إذ في ذلك خرق صارخ لأحكام الدستور والقانون، وافتئات على الاختصاص الموسَد لمجلس الدولة بحسبانه قاضي القانون العام في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، وما فتئ قائما عليها باسطا ولايته على مختلف أشكالها وتعدد صورها.

وأكدت أن حكم محكمة الأمور المستعجلة بإيقاف تنفيذ حكم بطلان الاتفاقية قد تجاوزت فيه المحكمة “حدود ولايتها”.

6- سيادة مصر مبتدئة وتاريخية تجاه تيران وصنافير

“السيادة هي التي تنشأ في مختلف الزمان مبتدئة ولم تشتق يوما من سيادة دولة أخرى سواء بمفهومها السياسي أو القانوني، ومصر -وعلى سوف ما يأتي بيانه- تمتعت عبر تاريخها وعلى اختلاف أنظمتها بأهلية قانونية دولية كاملة تجاه جزيرتي تيران وصنافير أي بالسيادة القانونية الكاملة عليهما كشخص من أشخاص القانون الدولي، ولم يعترها يوما ما مانعا يمنع من مباشرتها، وسيادتها في هذا الشأن وصفاً في الدولة يعبر عما لها من أهلية لم تتجزأ، فلا توجد دولتان تقتسمان أهلية واحدة وباتت السيادة الإقليمية المصرية هي العنصر الرئيسي في تصرفات الدولة المصرية عليهما، والتي ظهرت بها وفقا لقواعد القانون الدولي، وأن التطور الذي لحق به لم يغير من واقع أن السيادة الإقليمية التي ما زالت هي النواة التي يدور حولها توزيع الحقوق بين الدول وهذه الحقوق القانونية للدول حسبما يعرفها القانون الدولي ترتبط ارتباطا جوهريا بمظاهر السيادة على الإقليم في مقوماته الثلاثة اليابسة والبحر والجو، وهو الأمر الذي لم ينفرط عقده لمصر على تلك الجزيرتين على الدوام والثبات، وفي عموم القول إنه قد ترسخ في الوجدان الدولي أن التنازل عن جزء من إقليم الدولة يجب أن تتوافر فيه الشروط الشكلية والقانونية المطلوبة لصحته من منظور القانون الدولي والقانون الداخلى.”

7- طعن الحكومة خلا من أي وثيقة تشير إلى سيادة دولة أخرى على الجزيرتين

خلت أوراق الطعن من ثمة وثيقة أو معاهدة تشير إلى أن دولة أخرى غير جمهورية مصر العربية، قد مارست سيادتها المشروعة على جزيرتي تيران وصنافير في أي وقت من الأوقات بحسبانهما ضمن الإقليم المصري المحظور التنازل عن أي جزء منه، كما لم يثبت على الإطلاق ممارسة المملكة العربية السعودية لأدنى مظهر من مظاهر السيادة على الجزيرتين سواء قبل إعلان المملكة عام 1932 أو بعدها، وخلت من ثمة نص في معاهدة أو اتفاق مكتوب بين مصر والسعودية يفيد في أي حقبة من حقب الزمان أن الأخيرة تنازلت أو سمحت لمصر بالوجود العسكري عليهما.

8- مارسنا الحقوق البحرية بلا منازع على تيران وصنافير

ورد باتفاقية 1982 لقانون البحار من تحديد سلطات الدولة على بحرها الإقليمي والتي تشمل حق اتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع المرور غير البريء، وحق الإيقاف المؤقت للمرور البريء من مساحات معينه من البحر الإقليمي وحقوق أخرى مارستها “مصر عبر تاريخها بلا منازع على كل من جزيرتي تيران وصنافير وما حولهما من مياهها الإقليمية -وعلى نحو ما سلف بيانه بشأن السفن الأجنبية- دفاعا عن مصالحها الاقتصادية والأمنية.”

9-  إجراء الحكومة الإداري خطأ تاريخي غير مسبوق يمكس كيان الوطن

الإجراء الإداري الذي سمته الحكومة المصرية في تقرير طعنها اتفاقاً مبدئياً بترسيم الحدود وما نتج عنه من تنازل عن الجزيرتين -أياً كانت المبررات الدافعة إليه- حال كونهما ضمن الإقليم المصري مخالفاً للدستور والقانون لوروده على حظر دستوري مخاطبا به السلطات الثلاث، والشعب ذاته، ولانطوائه على خطأ تاريخي جسيم -غير مسبوق- يمس كيان تراب الوطن المملوك للشعب المصري في أجياله السابقة وجيله الحالي والأجيال القادمة وليس ملكاً لسلطة من سلطات الدولة.

10- لفظ احتلال في حالة عدم وجود الحرب لا يعني سوى تسكين

طرحت المحكمة ما ورد بدفاع الجهة الإدارية من أن مصر احتلت الجزيرتين بحسبان ذكر كلمة “احتلال” في المكاتبات العسكرية إذ إن ذلك له مدلول في المصطلحات العسكرية Terms Military فالاحتلال العسكري Military occupation غير المشروع هو المحظور دوليا وهو الاحتلال الناجم عن حالة الحرب غير المشروعة كأحد أشكال الاستعمار الذي تحظره القواعد الدولية الحديثة، أي الاحتلال كنتيجة للحرب Occupation as an aftermath of war ومثالها احتلال القوات الإسرائيلية لأرض فلسطين العربية إذ تبقى سيادة فلسطين الشرعية على إقليمها قائمة لكنها لا تمارسها لسبب مانع هو غل سلطتها عن الإقليم المحتل، أما إذا لم تكن هناك حالة حرب بين دولتين فإن لفظ الاحتلال لا يعدو أن يكون مصطلحا عسكريا تعرفة جيوش شعوب العالم أجمع في ما بينها لدى تسكين جنودها أحد المعسكرات التابعة لإقليمها وهو المعروف باحتلال موقع المدافع occupation of gun position وهذا المعنى الأخير هو المقصود في الحالة الماثلة.”

واختتمت المحكمة الحيثيات بقولها إنه ولهذه الأسباب “حكمت المحكمة بإجماع الآراء: برفض الطعن، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.” 

للاطلاع على الحيثيات كاملة (اضغط هنا)

2017-636201701191603617-160 2017-636201701472131223-213 2017-636201701474162541-416 2017-636201701474475018-447 2017-636201701479230896-923 2017-636201701480324771-32 2017-636201701483650665-365 2017-636201701485213176-521 2017-636201701491519035-151 2017-636201701492769049-276 2017-636201701496715537-671

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى