مجتمع

حملة “خصوبة” إيطالية.. تعيد ذكريات الفاشية

حملة “خصوبة” إيطالية.. تعيد ذكريات الفاشية

CrL9rvVXgAAgNjc

واشنطن بوست- ريك نواك

ترجمة: محمد الصباغ

مثل دول كثيرة في الاتحاد الأوروبي، تواجه إيطاليا تغيرا ديموجرافيا كبيرا حيث تراجعت أعداد المواليد. لذلك بدأت وزارة الصحة حملة إعلانية لتذكير الناس أن يوم 22 سبتمبر هو “يوم الخصوبة”.

وجاء بأحد البوسترات الدعائية للحملة “الجمال لا عمر له.. لكن الخصوبة لها.” وظهر به سيدة تحمل ساعة رملية. وفي آخر موجه للآباء المستقبلين وفيه رجل يدخن سيجارة احترق نصفها مع تعليق “لا تجعل الحيوانات المنوية تتطاير مع الدخان.”

لم يشعر المعلقون على وسائل التواصل الاجتماعي بالراحة. بل شعر بعض الإيطاليين بالارتباك بسبب إعلان آخر يزعم أن الخصوبة من “الصالح العام”، مقارنة ذكرتهم ببعض الدعاية الفاشية من فترة العشرينيات طالبت النساء بإنجاب أطفال أكثر من أجل دعم الأمة.

سحبت الوزارة الحملة بنهاية الأسبوع، لكن الغضب استمر.

وكتب أحد مستخدمي تويتر “أشعر بالخجل لعيشي هنا.” وعلقت أخرى “الحملة عدائية جدا وجنسية وخطيرة. أشعر بالعار والخجل.”

وكدولة رعاية اجتماعية، يعتمد الاقتصاد الإيطالي ونظام المعاشات هناك على عدد محدد من الشباب الذي يلتحق بسوق العمل سنويا. في حين حاولت دول أخرى مثل ألمانيا أن تواجه تراجع أعداد المواليد بجذب المهاجرين. لكن نسبة البطالة بين الشباب الإيطالي تصل إلى 35%.

وعلى نفس القدر، لم يشعر رئيس الوزراء الإيطالي بالراحة أيضا بسبب ما قامت به وزارة الصحة.

وقال ماتيو رينزي، رئيس الوزراء، لبي بي سي “لو أردت خلق مجتمع يستثمر في مستقبله ولديه أطفال، عليك التأكد من وجود الشروط الأساسية لذلك،” مما يعني ضمنيا أن الحملة الإعلانية قد لا تعوض أوجه القصور المتهمة بها إيطاليا. ويرى منتقدون للحكومة أن السبب في ذلك هو انخفاض أجور المرأة وعدم وجود الرعاية الكافية للمواليد قليلي العدد.

مع معدل إنجاب يصل إلى 1.35 طفلا لكل امرأة، يتراجع المعدل الإيطالي عن المعدل الأوروبي الذي يصل إلى 1.6%.

لكن إيطاليا ليست الدولة الوحيدة التي تحركت من أجل تشجيع مواطنيها على إنجاب أطفال أكثر عبر حملات إعلانية غير تقليدية، وربما على وزارة الصحة الإيطالية أن ترفع أعينها شمالا لترى كيف تعاملت الدول الإسكندنافية في محاولة التغلب على تراجع المواليد.

وبالرغم من اعتبار بعض المتابعين في الخارج أن الحملات “غريبة”، ولكن على نطاق واسع يرى كثيرون أنها اللهجة الصحيحة لبعث رسائل جادة بطريقة مبدعة وخفيفة الظل.

على سبيل المثال، في الدنمارك، يدرس الأطفال في الفصول المدرسية أن عليهم إنجاب أبناء كثيرين.

تأتي الدولة الإسكندنافية على قمة الترتيب العالمي في مجالات عدة، لكن في ما يتعلق بمعدل الإنجاب فهي بعيدة جدا. ووفقا لمؤسسة “الجنس والمجتمع” التي تنتج الإرشادات الجنسية التعليمية بالبلاد، فعدم القدرة على تربية الأطفال هو الجزء الوحيد في الأزمة.

في حين أن التعليم الجنسي طالما يركز على استخدام موانع الحمل وكيفية منع الأمراض، ينسى المعلمون ذكر الأبعاد البيولوجية الحيوية. وقالت، ماريان لومهولت، مديرة المؤسسة “فجأة فكرنا في أنه ربما علينا أيضا أن نعلمهم كيف يحملون.”

من 12 إلى 20% من الدانماركيين لا يستطيعون إنجاب أطفال والسبب الأساسي هو أنهم كبار جدا في السن على اتخاذ هذا القرار. واتباعا لنصيحة “الجنس والمجتمع”، وبوزارة التعليم في الدنمارك الآن، المدرسون لا يتحدثون فقط عن مخاطر الجنس والحمل بل عن فوائدهما أيضا.

كما بدأت الشركات الخاصة بتنفيذ خططها الخاصة مثل شعار “افعلها من أجل الدنمارك” التي ابتكرته شركة سياحية. وفي إعلان ترويجي صدر في عام 2014، وأكدت الشركة أن 10% من الدنماركيين في الخارج اقتنعوا بذلك.

في التعليق الصوتي جاء “هل يمكن للجنس أن ينقذ مستقبل الدنمارك؟ 46% من الدنماركيين يمارسون الجنس بمعدل أكبر في الإجازات.” لذلك فالحصول على عطلة لن يريحك فقط، بل يمكن أن ينظر إلى الفعل على أنه نوع من الوطنية.

لو نجح الدنماركيون في الحمل خلال العطلة التي تنظمها الشركة، سيفوزون بحفاضات للأطفال مجانا لمدة 3 سنوات بالإضافة إلى رحلات بالخارج، مع طفلهم بالفعل.

وفي الجارة السويد، هناك محفزات مالية تقدمها الحكومة، فيحصل الأمهات أو الآباء على مرتب عام كامل تقريبا مقابل بقائهم في المنزل. ومن بين 480 يوما، سواء الأم أو الأب للطفل الجديد من حقهم قانونا تلقي 80% من رواتبهم السابقة.

كما لا يقلق السويديون كثيرا بشأن انتهاء إجازة الأبوة المربحة، فهناك اشتراكات مجانية في نوادٍ صحية، ليساعدهم ذلك على العودة مرة أخرى إلى الحياة الطبيعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى