ترجماتسياسة

هآرتس: لا إسرائيل ولا صندوق النقد يستطيعان مساعدة “مصر المعطوبة”

ديفيد روزنبرغ: مصر محظوظة بصديقيها ولكن

ترجمة- ندى الخولي

في مقال له بعنوان، “صديقان كإسرائيل وصندوق النقد الدولي لن يُصلحا مصر المعطوبة”، قال ديفيد روزنبرغ، في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن مصر محظوظة بصديقين يساعدانها في الأوقات الصعبة.

وأشار المقال إلى ما أفادت به “تقارير عن مساعدة إسرائيل في سيناء:، ومساعدة صندوق النقد الدولي في الاقتصاد المصري، لكن الحقيقة – يقول الكاتب-  هي أن مصر لا تبدو مختلفة إلا قليلًا عن عهد مبارك، الذي “نعلم كيف انتهى”.

وإلى نص المقال..

كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز هذا الأسبوع، فإن إسرائيل تساعد في حرب مصر ضد داعش، بشن ضربات جوية. كما أنه من المعروف، إن  صندوق النقد الدولي منح مصر 12 مليار دولار كمساعدات، عام 2016.

هناك حد لما يمكن أن يقدمه الأصدقاء لدولة ما زال بها خلل اقتصادي وسياسي. فلا شيء من التغيّرات الدائرية  على مدار السنوات السبع الماضية – ثورة، حكم إسلامي وجيز، عودة لحكم الرجل القوي بقيادة عبد الفتاح السيسي، ناهيك عن مليارات الدولارات من المساعدات من دول الخليج – قد استطاع تغيير مصر  بصورة أساسية، أو عالج مشكلاتها المستترة.

وكما أشار أنشيل بفيفر في صحيفة هآرتس هذا الأسبوع، مستشهدًا بتقرير النيويورك تايمز، فإن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية والطائرات بدون طيار، لا يمكنها أن تُسقط بمفردها التنظيم في سيناء. الأمر نفسه ينطبق على مساعدة صندوق البنك الدولي، فلن تتمكن من حل مشاكل الفساد والبيروقراطية وسوء الإدارة والقمع التي تبقي البلاد تحت وطأة الأوهام.

من جهة؛ فإن الاتفاق الذي وقعته القاهرة مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر 2016 قد أدى الغرض للاقتصاد. فبعد أن انخفضت احتياطات مصر من العملات الأجنبية لمستويات خطيرة لدرجة أن مصانع قد أُغلقت بسبب نقص المدخلات المستوردة، عادت الاحتياطات تتعافى واصلة إلى 37 مليار دولار. وازداد الاستثمار الأجنبي.

حصّلت مصر الاحتياج المُلح البالغ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، لكن الثمن الذي كان عليها دفعه هو تخفيض قيمة عملتها، وتحرير قوانين تداول العملات الأجنبية، وتخفيض الدعم على الوقود المحلي، ورفع ضريبة القيمة المضافة.

هذه الشروط التي وردت في حقيبة صندوق النقد الدولي هي طريقة منطقية تمامًا من وجهة النظر المالية المحاسبية، من أجل إصلاح الاقتصاد المحطم، لكنها لا تعالج قلب المشكلات في مصر.

هبوط الجنيه

أدت عملية تخفيض قيمة العملة المصرية  إلى ارتفاع التضخم لأكثر من 30% خلال أغلب العام الماضي. إنه يتجه نحو الانخفاض الآن، لكن النفقات المنزلية مازالت ترتفع بأرقام مضاعفة في المستقبل القريب، والارتفاع في ضريبة القيمة المضافة الذي أوصى به صندوق النقد الدولي أحال العديد من الأسر المصرية للفقر.

وكان معدل البطالة قد هبط في مصر منذ عام 2014، لكن بحلول الربع الثالث من 2017 كان ما يزال 11.9% وهو المعدل الذي عادة ما يرتبط بالركود الاقتصادي. وارتفعت البطالة بين الشباب –ظاهرة خطيرة نسبيًا للدكتاتوريين أمثال السيسي الذين يودون الحفاظ على مواقعهم- لثلاثة أضعاف.

ومع أن  هذه  الأرقام قد لا تتضمن العديد من المصريين الذين يعملون في الاقتصاد غير الرسمي، لكن وظائفهم بطبيعتها منخفضة الأجر وليس لديهم  متسع لإحراز تقدم أو تحسين الأجر في المستقبل.

ولا تزال مصر  مكانا صعبا للغاية للقيام “بالبيزنس”، مليئة بالخطوط الحمراء، فنموّ دور الجيش في الأعمال التجارية، قيّد المنافسة الحقيقة في الاقتصاد أكثر وأكثر تحت حكم السيسي. كما أن المدارس والجامعات فقيرة الجودة. والعنف مستمر في تدمير سيناء والقمع السياسي يتنامى. والحكومة ما زالت تدمن مشاريع الاستعراض الكبرى، كالعاصمة الإدارية الجديدة، وتوسيع قناة السويس، وتقديم وعود بإعمار سيناء بـ5 مليار دولار، وهو ما يخدم العناوين الصحافية أكثر من تقديم حلول حقيقية.

هؤلاء المستثمرون الأجانب الذين يوجهون أموالهم لمصر، لا يستثمرون في الأعمال التجارية، باستثناء قطاع الطاقة المُربح. بل أنهم يسلكون الطريق الآمن بالاستثمار في خزائن العملات قصير الأجل حيث يمكنهم استعادة أموالهم بسهولة.

وعلى غرار حزمة صندوق النقد الدولي لعام 2016، هؤلاء المستثمرين الأجانب يعرضون بعض المساعدات المالية السريعة لكن ليس كنوع من الاستثمار الذي سيولد نمو اقتصادي ويخلق فرص عمل مُلحة بشدة.

إن مصر لم تعد فقط لعصر مبارك من جهة حكم الرجل القوي، بل إن اقتصادها كذلك عاد إلى النهج المباركي.

الأرقام تبدو جيدة إذا كنت في حيز 1%  الأغنى أو لو كنت خبيرا اقتصاديا لدى صندوق النقد الدولي . أما إن كنت خريجا جامعيا حديثا تبحث عن وظيفة، أو صاحب نشاط تجاري صغير أو ربة المنزل تحاول إطعام أسرتها، فإن صندوق النقد الدولي لم يجدي لهم نفعًا.

ومن الواضع أن السيسي يعرف أنه يحكم طبقة جليد رقيقة. فقد تصاعدت الرقابة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وأُغلقت المنظمات غير الحكومية، وألقي القبض على نشطاء، وتحت ضغوط؛ أُزيح جميع منافسي السيسي في الانتخابات الرئاسية في مارس، باستثناء واحد فقط.

استراتيجية السيسي السياسية، هي الأقرب لصندوق النقد الدولي وإسرائيل: إصلاحات قصيرة الأجل التي تؤجل حل المشكلة الحقيقية.

الاقتصاد الذي يفشل في دعم معظم احتياجات الناس لن يؤدي بالضرورة إلى ثورة كما حدث في مصر عام 2011. لكن القمع المتزايد من قبل السيسي سيزيد من فرص التمرد من خلال عدم إتاحة أي متنفس للساخطين للتعبير عن مظالمهم في أي مكان، باستثناء اللجوء للعنف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى