مجتمع

لماذا ينكسر بعضنا أكثر؟

لماذا يتأذى البعض من الانفصال العاطفي أكثر من غيره؟

lendim

 

TIME. Lauren Howe, Stanford University / The Conversation
ترجمة فاطمة لطفي

 

شكت صديقة لي ذات مرة، أنه لو كان بيدها الخيار، لفضلت أن ترى حبيبها السابق بائسا وليس سعيدا.

قليلة هي الأشياء التي تكون مؤلمة كنهاية علاقة عاطفية استمرت لفترة طويلة، فيما عدا ذلك، العديد من الناس يمتلكون القدرة على تخطي الأمر والتجاوز بأذى أقل نسبيًا.

 

أخرون كصديقتي تلك، ليسوا محظوظين بما فيه الكفاية،  حتى بعد سنوات طويلة يظلون رهائن ألم التجربة. وأي شئ يتعلق بشريكهم السابق، سواء كان تذكيرا عابرا في محادثة، أو صورة على الفيسبوك، قادر على  جلب مشاعر الحزن، والغضب والإستياء.

ما السبب إذن في أن بعض الأشخاص تطاردهم أشباح علاقاتهم العاطفية في الماضي، ويكافحون من أجل التخلص من ألم الرفض؟

توصلت أنا و زميلتي، كارول دويك، ضمن دراسة جديدة، أن الرفض يدفع بعض الأشخاص إلى إعادة تعريف رؤيتهم لأنفسهم وتوقعاتهم نحوالعلاقات العاطفية في المستقبل.

في إحدى الدراسات، طلبنا من الناس الكتابة عن أي دروس تعلموها جراء نبذ عاطفي عاشوه في الماضي. وبتحليل الردود، أدركنا أن عددًا من المشاركين يعتقد أن النبذ العاطفي يكشفت النقاب عن حقائق سلبية تجاه أنفسهم ، والتي من شأنها أن تدمر علاقاتهم المستقبلية.

قال البعض أنه أدرك أنه كان ” متشبث”، وظن البعض الآخر أنه كان” حساس للغاية”, أو “غير جيد في التواصل”.

وكشفت دراسة أخرى عن النتائج المترتبة على الإعتقاد أن الرفض يعود لوجود خلل جوهري بداخلهم. ومن خلال الربط بين الرفض العاطفي لهوية المرء الحقيقية, يجد البعض صعوبة في المضي قدمًا في حياته. قال البعض أنه يبني ” حواجز”، ويصبح أكثر قلقًا تجاه علاقاته الجديدة. والبعض الآخر يخشى إظهار الرفض لشريك جديد، خوفًا من احتمالية أن يغير من آرائه، وأفكاره التي تشكله.

” وهذا ربما ما يفسر لماذا يخفى بعض الناس الرفض الذي تعرضوا له في الماضي. ويتعاملون معه كما لو أنه وصمة عار.

ويدفعنا هذا للتساؤل ” ما الذي يجعل شخصا أكثر عرضة للربط بين الرفض العاطفي ومعايير تتعلق بحقيقة ” من هو بالفعل”؟. في نهاية الأمر، نجد بعض الإجابات تضمنت أن الرفض كان جزءا من حياتهم، جزء هام ساهم في النضج وساعد في أن يكونوا أشخاص أفضل.

يتضح أن رؤيتك ل “شخصيتك” تلعب دورًا بارزًا في تشكيل ردة فعلك تجاه الرفض العاطفي.

أفادت دراسات سابقة أن للناس وجهات نظر متباينة حول شخصياتهم، سواء كانت عن الذكاء أو الخجل. بعض الأشخاص من ذوي التفكيرالثابت يعتقدوا أن صفاتهم الشخصية لا تتغير، بينما هؤلاء من يمتلكون عقلية ناضجة، يعتقدوا أن شخصياتهم قابلة للتحسين خلال مراحل حياتهم.

تشكل هذه الإعتقادات الأساسية كيف يستجيب الناس للفشل. على سبيل المثال، عندما يعتقد المرء أن ذكائه ثابت، سيشعر بالسوء تجاه نفسه ، وسيقل إحتمال تجاوزه للإخفاق.

كنا نظن أن الإعتقادات حول الشخصية قد تؤثر على رؤية البعض للرفض بمثابة دليل على وجود عيب بهم أو دليل أنه غير مرغوب فيهم.

في إحدى الدراسات، قمنا بتقسيم الأشخاص إلى مجموعتين، أولئك الذين يعتقدون أن الشخصية غير قابلة للتغيير، ومن يعتقدون أنها طيعة مع الوقت. طلبنا منهم أولًا، أن يتخيلوا شريكهم في علاقة عاطفية طويلة المدى خذلهم وتركهم في حالة حزن. ثم طلبنا منهم أن يتخيلوا لقاءهم بشخص في حفلة ما، وانجذابهم نحوه، ثم استراقهم للسمع لهذا الشخص يخبر صديق له أنه ليس مهتما مطلقًا بإقامة علاقة عاطفيه معه/معها.

ربما كنا نتوقع أن فقط الرفض الأليم الناتج عن علاقة عاطفية جادة،  قادر على الدفع بالبعض للتساؤل حول نفسه . بدلًا من هذا، نجد نموذجا بارزا لأشخاص ذوي تفكير ثابت نحو شخصياتهم، أن مجرد رفض من شخص غريب قد يقودهم للتساؤل حول إذا كان هذا الرفض سببه شئ في شخصيتهم، هؤلاء يعتقدون أن هناك شئ خاطئ بشأنهم يجعل من الآخرين يرفضوهم دون حتى محاولة التعرف عليهم .

ماذا يمكننا القيام به كي نمنع الناس من ربط الرفض العاطفي وأنفسهم على نحو سلبي؟ يكشف دليل واحد أن تغيير رؤية المرء لنفسه قد يغير من ردة فعله إذا تعرض للرفض.

في دراسة أخيرة، أصدرنا مقالات تكشف عن  أن الشخصية ليست شيئا حتميا و يمكن أن تتغير طوال مراحل الإنسان العمرية. عندما طلبنا من أشخاص ذوي تفكير ثابت أن يقرأوا هذة المقالات، أصبحوا أقل عرضة لتفسير الرفض بأنه إشارة لنقص فادح ودائم في أنفسهم.

ويمكننا من خلال تشجيع الإعتقاد أن الشخصية قابلة للتغيير والتحسين عبر الوقت، أن نساعد الأشخاص على التخلص من أشباح الماضي والمضي قدمًا في علاقات مُرضية  في المستقبل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى