سياسة

نيويورك بوست: نخسر مصر لصالح الروس

نيويورك بوست: كلاشينكوف بوتين ليس السلاح الوحيد الذي منحه للسيسي

نيويورك بوست- بيني آفني – ترجمة: محمد الصباغ

 عمقت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة هذا الأسبوع من وجود مصر داخل منطقة النفوذ الروسي. وبينما تحاول إدارة أوباما الدوران كطواحين الهواء بلا جدوى، يبدو الرئيس الروسي في طريقه لإنهاء عقود من انتصار الدبلوماسية الأمريكية و تغيير ميزان القوى في المنطقة لصالحه.

وصل بوتين إلى القاهرة مساء الإثنين في زيارة رسمية لمدة يومين. وقوبل بترحاب حار من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وأعطى بوتين للسيسي هدية شخصية عبارة عن بندقية كلاشينكوف طراز AK-47. ثم زارا دار الأوبرا المصرية في جولة ثقافية.

و لم يقتصر الأمر على ذلك فقط، حيث تشارك روسيا في العديد من الأعمال التجارية في الدولة الأكثر كثافة سكانية في العالم العربي. وقال بوتين إن حجم التجارة بين البلدين ارتفع إلى 4.5 مليار دولار في العام الماضي. وتريد روسيا أيضا أن تكون كل التعاملات التجارية بالعملة الروسية “الروبل” وليس الدولار الأمريكي.

لم يكن الكلاشينكوف هو السلاح الوحيد الذي أعطاه بوتين للسيسي، ففي العام الماضي تم توقيع صفقة أسلحة تقدر بقيمة 3 مليارات دولار بين الطرفين تضمنت طائرات هليوكوبتر هجومية روسية وطائرات مقاتلة من طراز ميج 29 .

و في يوم الثلاثاء وقعت الدولتان اتفاقاً يقضي بأن تنشئ روسيا أول محطة نووية في مصر. يستعد كل الشرق الأوسط للمستقبل، و تترك المفاوضات التى تقودها أمريكا إيران على وشك أن تصبح قوة نووية.

انتظر، كيف أصبح السيسي أقرب أصدقاء الكرملين؟ تدرج السيسي في الجيش المصري المدعوم بشكل كبير من أمريكا. والجنرال السابق نفسه كان مبعوثا يدرس في كلية الحرب التابعة للجيش الأمريكي في بداية التسعينات.

الإجابة بسيطة: لم تعد أمريكا تريد صداقة رجل يقول منتقدوه إنه أبعد مصر عن طريقها نحو الديمقراطية.

و لتوضيح تلك النقطة، جمد الرئيس أوباما لفترة المساعدات السنوية لمصر وقيمتها 1.5 مليار دولار. وجمد أيضا تسليم المعدات العسكرية كمقاتلات الهليوكوبتر الأمريكية، التى يحتاجها السيسي بشدة لمحاربة تنظيم الدولة والإرهابيين الإسلاميين في سيناء.

ويعتبر السيسي عملياً القائد الشرق أوسطي الوحيد الذي صمد ضد الجهاديين الإسلاميين، و يبدو أن واشنطن لا تهتم بذلك.

حقيقة فإن السيسي ليس توماس جيفرسون(الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية ومساهم رئيس في كتابة الدستور الأمريكي). فقد واجه الكثير من المعارضة والانتقادات منذ الاستيلاء على السلطة في عام 2013 في حركة تم وصفها بشكل واسع بالإنقلاب العسكري.

لكن تذكر أن السيسي انتزع السلطة من حكومة يتحكم بها الإخوان المسلمون تم انتخابها بعد ثورة التحرير. والأسوأ، كانت حكومة خرقاء وأفشلت مصر، و نودى باسم السيسي في مختلف أنحاء مصر لإنهاء هذا الحكم.

و بشكل حاسم فإن الإخوان المسملين من وجهة نظر أمريكا ”يشتركون في نفس الأفكار“ مع القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وغيرهم، كما قال السيسي في حواره مع مجلة “ديرشبيجل” هذا الأسبوع، عندما أشار للإخوان المسلمين قائلا: “هم أصل كل ذلك، كل المتطرفون الآخرون انبثقوا منهم”.

ووفقا لأحد مصطلحات أوباما، فإن السيسي يقاتل (وأحياناً بشراسة) ضد قلب ”قلب تنظيم القاعدة“، الذي يعد قائده الظواهري أحد المنتمين السابقين لجماعة الإخوان المسلمين.

في خطاب السيسي في ديسمبر بجامعة لأزهر، طالب بثورة شاملة في العالم الإسلامي. وأضاف أنه من غير المعقول أن القرآن ”الذي نقدسه جميعاً يتسبب في أن يكون العالم الإسلامي مصدراً للقلق، والخطر، والقتل و التدمير للعالم كله”.

لم يجرؤ أي قائد عربي آخر أن يقوم بهذا التحدي لأتباعه المسلمين. فيما يقول القادة الغربيون وعلى رأسهم أوباما أن هذه الموجة المنتشرة من العنف لا علاقة لها بالإسلام. لذا نحن بحاجة لرجل مثل السيسي على هذا الجانب من العالم ليعرف الأشياء باسمها الصحيح. ونحن نعرض عنه الآن.

قل ما تريده عن بوتين. هو يقتنص الفرصة عندما يراها.

ولاستكمال المعركة ضد المتطرفين، يحتاج السيسي إلى المعدات العسكرية، والأموال والدعم الدبلوماسي. وأقنعت واشنطن العالم العربي بأسره أننا ندعم الإخوان المسلمين أو طهران أكثر من السيسي. وهنا ظهر بوتين وكلاشينكوف في يده.

لم يكن الأمر كذلك منذ 14 عاماً، فأمريكا كانت القوة الذكية التى رأت الفرصة في مصر.

مع بعض التحركات الماكرة والتصريحات الذكية مثل ما فعل هنرى كسينجر عندما خطط لجلب مصر إلى صفنا في السبعينيات بعد عقود من النفوذ السوفيتي. لقد كانت أحد أهم أحداث الحرب الباردة، التى انتهت بتوقيع الرئيس جيمي كارتر معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 1979 والمستمرة حتى الآن.

لكن أعضاء فريق السياسة الخارجية لأوباما لا يهتمون بخسارة حليف وتحوله إلى خصم، ويتصرفون كما لو كنا في القرن التاسع عشر. هم مشغولون بمطاردة الخيال وتحويل عدو حقيقي كإيران إلى حليف. حظاً سعيداً.

و في الجانب الآخر، فإن بوتين الذى قال عن إنهيار الاتحاد السوفيتي إنه “احتضار للجغرافيا السياسية”، يقول للمصريين إن روسيا كانت دائما صديقة لهم.

هل نحن في طريقنا للعودة للمربع رقم واحد؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى