سياسة

المرشح ساندرز يكسر”التابو“ الأمريكي حول إسرائيل

المرشح الديمقراطي: على المدى الطويل سيتوجب علينا التعامل مع الفلسطينيين باحترام وكرامة

VOX –  Zack Beauchamp – ترجمة: محمد الصباغ

قال بيرني ساندرز شيئاً لم يُسمع من قبل في مناظرة على قناة سي إن إن، وقف الرجل إلى جانب إنسانية القضية الفلسطينية فقال: ”كشخص مؤيد لإسرائيل بنسبة 100% ، على المدى الطويل، سيتحتم علينا معاملة الشعب الفلسطيني باحترام وكرامة.“

ربما يبدو الأمر عادياً لكثيرين، يؤكد ساندرز على أن الولايات المتحدة في حاجة إلى تفهم معتقدات الإسرائيليين والفلسطينيين من أجل الوصول لحل نهائي لهذا الصراع.

لكن في سياق الانتخابات التمهيدية، الأمر تاريخي. لسنوات، مال المرشحون الأساسيون نحو دعم إسرائيل، وألقوا بمسؤولية الصراع على الفلسطينيين وتعهدوا بدعم قوي للسياسة الإسرائيلية. فعل الديمقراطيون والجمهوريون ذلك بعدة طرق، لكن بشكل عام سيطر على الجميع النظر للأمر من جانب أحادي، وهو الجانب الإسرائيلي.

لكن اليوم، أنجح مرشح يهودي في الانتخابات الرئاسية يخالف هذا النهج. أثار جدلًا كبيرًا له جذور عميقة في اليسار الإسرائيلي، داخل السياسة الأمريكية الرئيسية.

هذا الجدل الذي أثاره ساندرز في مناظرة مع كلينتون هو بالضبط الحديث الذي كان الديمقراطيون (وربما الأمريكيون) في حاجة حقيقية إليه فيما يخص النظر لإسرائيل منذ سنوات.

ومع أنه من الواضح في تصريحات ساندرز، إنه ليس معارضًا بقوة للموقف الإسرائيلي. أعلن ساندرز بوضوح دعمه لإسرائيل، كما أنه قضى شبابه في الدولة اليهودية.

كما يعتبر ساندرز من مناصري ما تسمى بالصهيونية الليبرالية، والتي تسمح بدعم وجود دولة إسرائيل وفي الوقت ذاته قد تعارض بشدة طريقة معاملة الفلسطينيين.

وقال ساندرز خلال المناظرة: ”بالطبع إسرائيل تمتلك حق الدفاع عن نفسها، لكن على المدى الطويل لن يكون هناك سلام في تلك المنطقة حتى تدرك الولايات المتحدة أن المشاكل الخطيرة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني.“

جاءت إجابة كلينتون، التي برزت عندما كانت وزيرة للخارجية، أنها أيضاً تقف بجوار الفلسطينيين- لكن في المحادثات الخاصة: ”أنا الشخص الذي عقد آخر 3 اجتماعات بين رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس وزراء إسرائيل. كنا فقط أربعة أشخاص في الحجرة، رئيس الوزراء نتنياهو، والرئيس عباس، وجورج ميتشل وأنا. ثلاثة اجتماعات مطولة. وركزت بالتأكيد على ما هو عادل وحق للفلسطينيين.“

كان ذلك لسنوات أسلوب عمل الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل. انتقاد الأخطاء الإسرائيلية لكن التأكد من أن ذلك يحدث فقط في الغرف المغلقة.

يجد الكثير من الصهيونيين الليبراليين، مثل ساندرز، أن ذلك غير مرض. تناقشوا حول أن إسرائيل تتجه إلى طريق تدمير ذاتها عبر توسيع رقعة المستوطنات في الضفة الغربية مما يقلل من إمكانية الوصول لحل الدولتين. لم تعد النقاشات خلف أبواب الغرف المغلقة أمر جيد. وأصبح واجبًا على أمريكا أن تُحذِّر إسرائيل من مسارها الحالي.

هذا هو أقسى معنى قصده ساندرز: ”إذا جاء الوقت و حققنا العدل والسلام، سيتوجب علينا القول حينها إن نتنياهو لم يكن محقاً طوال الوقت.“

يقول ساندرز إن الولايات المتحدة تحتاج إلى إدراك سوء المعاملة الإسرائيلية للفلسطينيين. لأن الحقيقة هي أن الفلسطينيين يعانون بشكل كبير جداً خاصة من سياسات اليمين الإسرائيلي، والتي يناصرها سياسيين كنتنياهو.

لو استطاع ساندرز العبور، سيكون ذلك بمثابة مراجعة صادمة وجذرية للنهج الديمقراطي التقليدي في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لكن ساندرز يريد أن يوسع هذا الانتقاد، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تلعب دوراً أكبر في مناصرة حقوق الفلسطينيين.

ليس الأمر نقاشاً حول ما إذا كان على الولايات المتحدة الاستمرار في التعامل مع إسرائيل كحليف وصديق أم لا. السؤال هنا حول مدى انتقاد أمريكا لحليفتها بشأن سوء معاملة الفلسطينيين –الأمر الذي دائمًا ما قسّم الليبراليين الأمريكيين واليهود لكنه بدأ يتسرب إلى الخطابات الديمقراطية.

يبدو ساندرز بعيد جداً عن أن يكون المناصر المثالي للصهيونية الليبرالية. فقبل ساعات من مناظرته مع كلينتون، فصل منسقه اليهودي، سيمون زيمرمان، بسبب انتقاده اللاذع لنتنياهو. (يذكر أن زيمرمان صديق شخصي له.)

كتب بين سميث، محرر باز فيد، عبر حسابه بتويتر حول المناظرة: ”يفتح بيرني مساحة كبيرة لأجيال من السياسيين الديمقراطيين، وربما لكلينتون، وإسرائيل.“

لو لم يتحدث ساندرز أمام جمع كبير حول اليسار الأمريكي، فلن تعني مواقفه شيئاً. لكن تبعا لاستطلاعات الرأي، يبدو أن الأمر يأتي بثماره.

ففي استطلاع رأي عن إسرائيل وفلسطين قام به مركز جالوب في فبراير. وجد أن أغلب الديمقراطيين بل تقريباً كل الكتل الديموغرافية الأمريكية متعاطفة مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين.

لكن أيضاً وافق أغلبية الديمقراطيين على إيجاد دولة فلسطينية. جاء في تقرير ليديا سعد من مركز جالوب: ”85% من الديمقراطيين يدعمون وجود دولة فلسطين، مقارنة بـ 26% من الجمهوريين.“

إذاً فبينما يتعاطف بدرجة ما الديمقراطيون مع إسرائيل، يعتقدون أيضاً أن الفلسطينيين يستحقون دولة خاصة بهم -عكس الجمهوريون، والذين يبدون تعاطفاً أكبر مع إسرائيل ويتشككون في قيام دولة فلسطينية. بالتالي ساندرز -الصهيوني الليبرالي- لا يفقد موقعه بالنسبة للسياسيين الديمقراطيين.

ربما مع الوقت، يتخذ الجمهوريون وجهة نظر أكثر تشدداً بشأن تأييد إسرائيل، وذلك بسبب النفوذ البروتستانتية والمحافظة داخل الحزب. في حين أن الدوائر الانتخابية الديمقراطية بشكل كبير من الشرائح الأصغر سناً، وأصحاب البشرة السمراء واللاتينيين- فيدعمون إسرائيل بمعدل أقل من التكتلات الديموغرافية الأمريكية الأخرى.

سيجد السياسيون الجمهوريون دوافعاً سياسية متزايدة للهجوم على الديمقراطيين لدعمهم غير الكافي لإسرائيل. وسيقومون بذلك بشكل جيد وسط قواعدهم وبين الشرائح التي لم تستقر بعد على التصويت لأي حزب. وكلما تحزّب الأمر كلما صار من السهل للسياسييين الديمقراطيين انتقاد إسرائيل.

يبدو أن وجهة نظر ساندرز حول إسرائيل صارت أكثر انتشاراً، لا العكس. كان أدائه خلال مناظرة كلينتون على سي إن إن بداية عملية طويلة من زيادة انتشار وجهة النظر المنتقدة لإسرائيل في أوساط الحزب الديمقراطي.

والآن، على الديمقراطيين التقليديين مثل كلينتون أن يتعلموا كيفية التعامل مع ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى