حوّل عدد من غجر أوروبا الذين يعرفون باسم “الرومن” ويقطنون عادةً في رومانيا، مصنعاً فرنسياً مهجوراً إلى مدينة صغيرة أو قرية سكنية عاشوا فيها لمدة عام ونصف العام، حتى صدر الاثنين الماضي قرار بطردهم من ذلك المصنع .
سيسيل بورجنيف ـ ليبراسيون ولوباريزيان
ترجمة: منة حسام الدين
إنه أشبه بالقرية الصغيرة، مائتان وخمسون فرداً من الغجر الأوروبيين “الرومن” ، حولوا مصنعاً مهجوراً بمنطقة “Villebon-sur-Yvette” في فرنسا، إلى مكان يمكن السكن والحياة بداخله .
بعد مرور عام ونصف العام على الحياة داخل أرجاء المصنع المهجور منذ عشرين عاماً، صدر قرار من المحكمة يوم الاثنين الماضي بطردهؤلاء الغجر من المصنع، فلم يجدوا في المقابل طريقة للتعبير عن مطالبهم إلا بعقد مؤتمر الأربعاء الماضي، ليعلنوا من خلاله رغبتهم في أن يتم توفير أماكن يستأجرونها من أجل السكن في منطقتي ” Villebon” أو ” Palaiseau” حتى يتمكن أطفالهم من استكمال تعليمهم حيث أنهم مسجلون في مدارس على مقربة من مكان المصنع.
صحيفة “ليبراسيون” تجولت داخل أرجاء المصنع لاستكشاف طريقة الحياة به وأجرت لقاءات مع قاطنيه، فنشرت لقطات مصورة للغرف الخشبية المتجاورة والتي يعيش فيها هؤلاء الغجر، فضلاً عن الجدران التي تم تزينها بالرسومات الملونة، والممرات الضيقة وأيضاُ لقطات لساحات المصنع الواسعة والتي أصبحت بهواً للعب ولتجمع الأطفال.
في حوار “ليبراسيون” مع “غجر مصنع فيللوبون”، وبعد إظهار إحدى السيدات وهي تقوم بتنظيف أرضية المصنع الذي يطلق عليه حالياُ اسم “كامب الغجر” قال جون كلود غودار، أحد أعضاء مجموعة التضامن مع غجر مصنع “فيللوبون” ” Savalferr :” الحياة في المصنع بدأت تحديداً قبل 18 شهراً ، كل متطبات تجمع الغجر هي الحصول على مكان الإيجار بشكل قانوني” .
ويضيف: “الكثير من العائلات في المصنع تريد فعلياً الانخراط في المجتمع الفرنسي ، وهناك العديد من المنظمات التي تساعدهم في الحصول على الخدمات التعليمية والطبية بهدف أن يحدث هذا الانخراط”.
من جانبه، أكد “نيكولا” ، طالب الحقوق، وأحد سكان المصنع، أن المقيمين في المصنع يرديون الدفع مقابل الحصول على مكان للإقامة فيه، وشدد على رفضه للأقاويل التي تروج لفكرة أن الغجر يقيمون في أي مكان يريدونه دون النظر إلى المعاملات القانونية :” نحن نريد أن يسمحوا لنا باستئجار ذلك المكان أو غيره، لنثبت للجميع بأن لدينا القدرة على الدفع واحترام القانون والتأقلم مع طبيعة المجتمع الفرنسي”.
وقال “نيكولا” :” نجحنا في التعليم وفي إدخال الأطفال إلى المدارس والشباب إلى الجامعات العليا، لذلك إذا قاموا بطردنا سنخسر جميع المكاسب التي حصلنا عليها “.
اصطحب “نيكولا” كاميرا صحيفة ليبراسيون إلى داخل غرف الغجر المقيمين في المصنع، وقال إن هناك عائلات صغيرة وأخرى كبيرة تتكون من الأجداد والأحفاد : كل غرفة اقامة في المصنع يعيش فيها مابين 5 و7 أشخاص من ضمنهم الأطفال”.
“العائلات يعيشون في مستوى متدني من النظافة والخدمات الصحية، كما أنهم يحصلون بصعوبة على المياه”، توضح “شانتال”، عضوة في مجموعة ” Savalferr” التضامنية مع الغجر المقيمين في ذلك المصنع، وتؤكد:” لابد من مقترح رسمي يتم تنفيذه لأنهم يطلبون قطعة أرض وليس مجرد مبنى أو عدة شقق سكنية”.
قاطني مصنع “فيللوبون” يعملون بشكل أساسي في جمع الخردة، والملابس القديمة والأدوات، وذلك حسما أشار نيكولا الذي قال:” إنهم يجمعون كل ما يقع عليه نظرهم”.
“مهما كانت الحياة في فرنسا صعبة، لكن الوضع أسوأ في رومانيا”، يؤكد “نيكولا” ويوافقه الرأي فلوران الذي يقول:” فرنسا تمثل لنا الأم، التي كبرنا فيها وتطعمنا دائماً، لكن رومانيا هي كوالدنا الذي ساهم في تعليمنا وذلك على الرغم من جميع الملاحقات الأمنية التي دفعتنا إلى الرحيل”.
” لن نرحل من فرنسا، وإن تم طردنا سنبحث عن مكان آخر في “فيللوبون” أو “باليزو”، يضيف فلوان.
“خائفة أن يتم طردي من هنا”، تقول فلورينتا التي غادرت رومانيا عام 2007، ولم تكن تمتلك حينها أي فرصة عمل أو أي وسيلة تجعلها تحصل على الطعام: “من يقول إن الوضع جيد في رومانيا فهو خاطيء، في رومانيا لا يتركونا نحصل على فرصة عمل لأنهم يقولون إننا غجر، لذلك غادرت وجئت إلى فرنسا ووجدت الحياة جميلة”.
لمشاهدة جولة صحيفة “ليبراسيون” داخل “كامب الغجر” بمصنع “فيللوبون”