بالصور: كيف تغيرت مكة في القرن 21
بالصور: مصور إيطالي يظهر كيف تغيرت مكة في القرن 21
ترجمة- فاطمة لطفي
في الماضي، قبل السفر السريع عبر البحر أو الجو، كان يستغرق الوصول إلى مكة شهورًا. والتي هي البقعة الروحية الأولى للدين الإسلامي، والتي تقع بعيدًا عن عواصم الإسلام الكبيرة إسطنبول ودلهي وأصفهان. كان المسلمون يحضرون من أراضٍ بعيدة على أقدامهم، أو في عربات تقودها الخيول. كانت قبائل البدو تسرق بشكل روتيني هؤلاء الحجاج، الذين كانوا المصدر الأساسي للدخل لهذه المدينة الصحراوية القديمة. والآن، جعلت سهولة السفر الجوي وصعود الطبقة الوسطى من المسلمين رحلة الحج أقل مشقة وأكثر شيوعًا. العام الماضي، ذهب إلى الحج ثلاثة ملايين حاج، وهو موسم تجري مراسمه في الشهر الأخير من التقويم القمري الإسلامي”الهجري”، والذي هو فرض على كل مسلم قادر، كما يأتي خمسة ملايين آخرين لأداء العمرة، وهو حج أصغر يمكن أن يقوم به المرء أكثر من مرة في العام الواحد. وأيضًا يمر ملايين السعوديين بمكة لزيارتها روتينيا كسائحين.
زار المصور الإيطالي لوكا لوكتيلي مكة هذا العام خلال وقت العمرة، موثقًا كيف تغيّرت المدينة جوهريًا لتستوعب التدفق المتزايد للحجاج. حتى النصف الأول من القرن العشرين، كانت مكة مدينة صغيرة ذات منازل رحبة من الحجارة مشهورة بالمشربيات، أو النوافذ والشرف المتشابكة. تطوّق مكة خمسة تلال معروفة تحيط بالمسجد الحرام والكعبة، والذي يقع في وسط المدينة. اليوم، كل ما يمكن أن يميّزه الزائر من الصورة القديمة لمكة هو القباب العثمانية للمسجد الحرام والمآذن والكعبة المشرفة. التلال العريقة، والمنازل الصخرية القديمة والكثير من المساحات المرتبطة بحياة النبي محمد اندثرت وطمست بظهور مراكز التسوق التجارية والفنادق والتجمعات السكنية.
هذا التحوّل بدأ منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، عندما حدثت الثروة الناتجة عن طفرة البترول التي دفعت ملوك السعودية إلى أن يضعوا خطة طموحة لاستبدال المعمار العثماني السابق وتوسعة المسجد الحرام وساحاته بطراز معماري عربي، بمشروع يتكلف 26.6 مليارات دولار. قادت مجموعة بن لادن السعودية الجهود لزيادة مساحة استيعاب المسجد الحرام، عبر إضافة أجنحة جديدة، وساحات صلاة، وسلالم كهربائية ومئات المباني من دورات المياه. قبل وفاة الملك عبدالله في 2015، أمر ببناء وتركيب أكبر مظلات في العالم في الساحات الخارجية للمسجد الحرام، لتحمي المصلين من أشعة الشمس عند الصلاة أو قراءة القرآن أو لينعموا ببساطة بوجودهم في البقعة المقدسة. أعلن خليفته، الملك سليمان خططًا لإنشاء طريق دائري، ومترو أنفاق، وقطارات تربط المدن ببعضها لاستيعاب الملايين من المصلين.
إحدى الصور التي التقطها لوكتيلي تبدو كأنها أُخذت من الجو، لكنها التقطت من أعلى نقطة في برج ساعة مكة “فندق فيرمونت بمكة المكرمة” الذي يضم فندقًا ومركز تسوق وهو أعلى في ارتفاعه عن المسجد الحرام بـ46 مرة ومكلل بساعة توازي خمسة أضعاف حجم ساعة بينج بونج. وطوال تاريخ الإسلام لم يُنشئ حاكم مبنى قريبا كهذا من الكعبة، وبالتأكيد لم ينشئ أحدٌ شيئًا بضعف حجم الكعبة ويزيد في الارتفاع على المسجد الحرام كهذا المبنى. فندق فيرمونت الذي يضم ساعة مكة، يتم تسويقه للحجاج على أنه تطلّ على البقعة الأكثر قدسية للإسلام “المسجد الحرام” أو يمكنك رؤية الكعبة من خلالها، ويتراوح سعر الغرفة العادية من 1500 دولار إلى 2700 دولار في الليلة الواحدة خلال موسم الحج.
لاكتيلي، المصور الإيطالي الذي نشأ كاثولوكيّا، تمكن من دخول مكة عبر زواجه من امرأة إندونيسية مسلمة، والذي تضمن مراسم احتفالية منحته شعورا بالتعاطف تجاه دين زوجته. في صوره الجذابة والمدهشة، يمكنك أن ترى تجارب الحجاج من كل مكان فضلا عن المزج بين الروح التجارية الشديدة والإيمان الشائع في الأماكن المقدسة في كل الأديان. يمكنك رؤية مجموعة من الرجال في ملابس الإحرام، وهي قطعتان من القماش يرتديهما الحاج أو المعتمر ليؤكد على حالة النقاء والمساواة بين الناس أجمعين.
قال لاكتيلي: “أردت أن أظهر رؤيتي الغربية.. كوني سائحًا محرمًا في مكة لا يشكل فارقا كبيرا، لأننا نقوم بأشياء مشابهة إذا ذهبنا إلى المعبد الكبير سواء قصدنا القديس بطرس أو مكة”.
عندما وصل لاكتيلي إلى مكة، كان قلقًا بشأن وضعه الغريب، لكنه قال: “مكة مساحة آمنة بالفعل، حتى إن الخوف ذهب عني في غضون أيام”.