شارك الجيش في فض الإضرابات العمالية بعد سقوط مبارك، واليوم يترقب العمال الرئيس القادم، الذي يتوقع أن يكون قائد الجيش المستقيل عبد الفتاح السيسي. مواجهة منتظرة يرصدها تحقيق لوكالة الأنباء الفرنسية
جاي ديشموك – الفرنسية
ترجمة: منة حسام الدين
على الرئيس القادم أن يتعامل مع العمال المحبطين الذي هددوا بموجة جديدة من الاضرابات في حالة عدم استجابة الحكومة التي تعاني فعلياً من ازمة مالية لمطالبهم.
عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع السابق، والذي اطاح بالرئيس الإسلامي، محمد مرسي، في يوليو الماضي، وأشاد به انصاره كزعيم قادر على استعادة الاستقرار ، من المتوقع وبنسبة كبيرة Hن يفوز بالانتخابات الرئاسية المقرر انعقادها الشهر المقبل.
لكن من المرجح أيضاً أن يواجه السيسي مطالب حادة من قادة العمال الذي كانوا نظموا اضرابات ضخمة عام 2008، تم تصنيفها على أنها كانت مقدمة لانتفاضة يناير 2011 اللتي أنهت حكم الديكتاتور حسني مبارك الذي استمر لدة ثلاثة عقود.
في ظل التراجع الذي يشهده قطاعي السياحة والاستثمار خلال السنوات الثلاثة الماضية، فإنه من غير الواضح إذا كانت الحكومة قادرة على تلبية مطالبهم.
الناشط العمالي، كمال الفيومي،قال إنه لا زال يكافح من أجل تلبية تلك المطالب ، وذلك على الرغم من عمله في احد مصانع النسيج لمدة 30 عاماً واصراره مع غيره من الناشطين العماليين على تحقيق مطالب انتفاضة 2011 الخاصة بـ”العيش والخرية والعدالة الاجتماعية” والتي لم تتحقق حتى الآن.
“جميع الحكومات على مدار الاعوام الثلاثة الماضية ومن بينها حكومة مرسي أعلنت فقط عن وعود ولم تنفذها”، يضيف الفيومي لوكالة الانباء الفرنسية، التي التقته في أحد مطاعم مدينة المحلة الكبرى التي تشهر بصناعة الغزل والنسيج وتبعد عن القاهرة مسافة 115 كيلومتراً شمالاً.
بعد سقوط حكم مبارك، استمرت اضرابات العمال في جميع انحاء البلاد، لكنها توقفت في فبراير تحت هدنة مؤقتة مع السلطات العسكرية التي تحكم البلاد.
تلك الاضرابات كانت تشهدها قطاعات أساسية في البلاد، بما في ذلك الغزل والنسيج، و الصلب، والاسمنت، والنقل العام، والموانئ والخدمات البريدية، وهو ما زاد من تفاقم المشاكل الاقتصادية في البلاد.
وكان العمال يطالببون في احتجاجاتهم بزيادة المرتبات بالتزامن مع وضع حد أدنى للاجور، فضلاً عن المطالبة بتحسين ظروف العمل، ووقف خصخصة الوحدات المملوكة للدولة ووضع حد للفساد.
ويقول “الفيومي” الذي يبلغ 53 عاماً، انه بعد عمله لمدة ثلاثة عقود في أحد اكبر ممتلكات الدولة وهو مصنع المحلة الكبرى للغزل والنسيج بدلتا النيل، يحصل على راتب يقدر بـ200 دولا شهرياً.
“كيف يمكنني ان اوفر حياة كريمة لعائلتي؟”، يتساءل “الفيومي”، ويضيف:” إذا استمرت هذه الاوضاع سوف نقوم بالاضراب مرة أخرى، بغض النظر عن اسم الرئيس القادم سواء كان السيسي أو حمدين صباحي”.
السيسي الذي قاد موجة شعبية وقومية بعد إنهاء الانقسام الذي شهده المجتمع المصري اثناء حكم مرسي والذي استمر رئيسا لمدة عام واحد فقط، من المتوقع ان يفوز في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في السادس والعشرين والسابع والعشرين من مايو المقبل، وأنه سيتفوق على الزعيم اليساري، حمدين صباحي، وهو منافسه الوحيد الذي كان احتل المركز الثالث في انتخابات عام 2012 والتي فاز بها مرسي.
في المحلة، تم وضع صور السيسي على واجهات المتاجر، لكن بأعداد أقل من القاهرة، حيث تنتشر الملصقات واللافتات الكبيرة في كل مربع تقريباً.
ويقول المحللون إنه على مدار أكثر من خمسة عقود، تتفاوض السلطات المصرية مع الاتحاد العام لنقابات عمال مصرالتابع للدولة، باعتباره الممثل الوحيد للعمال، في ظل وجود الكثير من الانتقادات التي تتهم النقابة بالتواطؤ مع السلطات.
قي سياق متصل، ومنذ العام 2011 ازداد عدد النقابات المستقلة، لكن من جانبها ترفض السلطات الاعتراف بها، وغالبا ما تستخدم الدولة الجيش للمساعدة في فض تلك الاضرابات.
في فبراير ، ذكرت وسائل الإعلام المصرية أن الجيش قد أرسل سائقيه لاستبدال عمال النقل العام المضربين عن العمل، وبناء على تلك الخطوة علقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في في تقرير لها، وقالت:” تاتي تلك الخطوة كدليل على مانشهده، حكومة جديدة تضم شخصيات ذات صلة بنظام مبارك، وتعيدنا إلى فترة مظلمة من التاريخ المصري”.
ومع ذلك، الاستسلام لمطالب العمال، من شأنه أن يعزز فعلياً من العجز الحكومي الضخم ،في الوقت الذي وصل فيه قطاعا السياحة والاستثمار إلى أدنى مستوياتهما، ويتم دعم الاقتصاد بمساعدات من الحلفاء الخليجيين.
من جانبه، يقول شاهر جورج، الباحث العمالي المتعاون مع المبادرة المصري للحقوق الشخصية، إن العجز في موازنة هذا العام وحتى يونيو 2014 يقدر بحوالي 20%.
ويضيف:” َإذا قامت الحكومة بوضع خطة للحد الأدنى للأجور أو لرفع رواتب بعض الفئات كما طالب العمال، فإن العجز سيرتفع بكل بساطة.”
كما يقول مسؤولون إن الحكومة تريد خفض العجز بتقليل الدعم على الوقود والغذاء إلى 10 %، وإقامة مشروعات كثيفة العمالة لمعالجة البطالة التي ارتفعت إلى نحو 14 في المئة العام الماضي بعدما كانت تبلغ نسبة البطالة 9قبل ثورة 2011.
ومن ناحيتها، رفضت وزيرة القوى العاملة، ناهد عشري طلب اجراء حوار معها، في حين أكد مجلس الوزراء موافقتها على مشروع القانون الذي يقترح إنشاء محاكم ذات مسار سريع من أجل حل النزاعات العمالية.
أما النشطاء العماليون فلم يستجيبوا لذلك المشروع، محذرين من المواجهات المنتظرة، يقول الناشط حمدي حسين :” العمال في مدينة مثل المحلة يدعمون السيسي، لكن إذا فشل في تحقيق العدالة الاجتماعية، سووف يعودون إلى الشوارع لمعارضته”.