إعلامسياسة

الأثر “العابر” لصورة الطفل إيلان

 

 

الأثر “العابر” لصورة الطفل إيلان

جارديان – رويي جرينسلاد – ترجمة مصعب صلاح الدين

 

تعاطفت الصحف في غرب أوربا بشكل ملحوظ مع اللاجئين والمهاجرين بعد نشر صور الجثة الهامدة للطفل الكردي الغريق آلان (ويعرف باسم آيان)   على الساحل التركي.

ولكن بعد أسبوع  من نشر صورة الطفل ذي الثلاث أعوام، أغلب الصحف عادت إلى وضعها التحريري الأصلي.

وبحسب بحث من قبل شبكة “مرصد الصحافة الأوربية”، بمجرد مرور شهر على الحادث قل اهتمام جميع الصحف  بالمهاجرين عن بداية الأمر.

هذه النتيجة ظهرت في تحليل مفصل للتغطية الصحفية في 8 بلدان عن هروب اللاجئين السوريين، بعنوان “كيف غطت الصحف الأوربية أزمة اللاجئين” (يستند على تقرير من دراسة كارولين لييز).

وأظهرت – الدراسة -اتجاهات قومية  حول طريقة الكتابة عن هذه القصة، التحيز السياسي لبعض الصحف الذي تجاوز الأبعاد القومية، وحقيقة أن أغلب الصحف في أوربا الشرقية ودول البلطيق رفضت نشر الصورة أو كتبت عن القصة بإيجاز.

الباحثون اهتموا بمتابعة ثلاث صحف في كل دولة، واحدة تمثل أقصى اليسار، وأخرى اليمين، وثالثة تمثل الصحف الشعبية، وكيفية تغطيتهم لثلاث أحداث متعلقة باللاجئين في سبتمبر.

هذه الأحداث كانت كالتالي: صور الطفل آلان كردي في 2 سبتمبر، اليوم الذي أعلنت فيه ألمانيا مراقبة الحدود في 13 سبتمبر، وقمة الاتحاد الأوربي التي تسعى للتوصل لاتفاق مشترك بين الدول الأوربية تجاه الأزمة في 23 سبتمبر.

وبعدها تم تقييم التغطية إما إيجابية (رحيمة، متعاطفة، إنسانية) أو سلبية (تصف المهاجرين من ناحية اقتصادية او “غير شرعيين”، ربما مخترقون من الإرهابين، العنف، “وصفهم بالغوغائية” و “كونهم استنزاف للمجتمع”) أو موضوعية (تقرير واقعي محايد).

كرست الصحف في بريطانيا – الجارديان، التليجراف، الدايلي ميل –وألمانيا وإيطاليا والبرتغال مساحة مناسبة لتغطية الأزمة بتفاصيل أكثر عن أي مكان آخر.

في ألمانيا وإيطاليا والبرتغال نُشرت قصص إنسانية إيجابية عن المهاجرين وزادت لثلاث أضعاف بعد نشر الصور (الطفل آلان). وفي المملكة المتحدة زادت عدد القصص الإنسانية في الثلاث صحف، ولكن أقل (من الصحف في ألمانيا وإيطاليا والبرتغال) “على الرغم من رصد تغيير كبير في جوهر الموضوع في هذا التوقيت”.

ومع ذلك، في الأربع دول، قلت القصص الإيجابية الإنسانية في 12 سبتمبر إلى ما يقرب المستوى التي كانت عليه قبل صورة كردي.

هذا يؤكد، بحسب التقرير، أن الزيادة في التغطية المتعاطفة بعد الصور لا تعني تحولًا على المدى الطويل في رأي الإعلام، ولكن على ما يبدو، كما شكك بعض المحللون، أنه كان رد فعل عاطفي لفترة قصيرة بسبب موت الطفل.

وبالنسبة لصحف أوربا الشرقية ودول البلطيق، وفرت مساحة قليلة جدًا للأزمة. ثلاث صحف فقط من 12 جريدة شملتهم الدراسة نشرت صور كردي وبعضهم انتقد ألمانيا والاتحاد الأوربي لكونهم “عاطفيون جدًا” حول الأزمة.

ولم تنشر أي صحفية شملتها الدراسة من لاتفيا الصورة أو حتى ذكرت القصة، بصرف النظر عن تعليق سلبي واحد عن استخدام الأطفال كوسيلة للداعية. ونشرت جريدة أوكرانية واحدة الصور.

في الصحف البريطانية، عدد المقالات الإيجابية المحلية (التي تطالب الحكومة بالتدخل أكثر في أزمة اللاجئين وعبروا عن أسفهم من عدم القيام بما يكفي) زادت من انعدام وجود هذه المقالات قبل يومين من صور كردي إلى 7 مقالات في يومين عقب الصور. ولكن الوضع عاد لمقالين فقط إيجابيين بعد مرور أسبوع، ومن جديد اختفت هذه المقالات بعد مرور أسبوعين.

القصص حول المهاجرين كقضية محلية في ألمانيا – الدولة التي وافقت على قبول أكبر عدد منهم-كانت إيجابية بشكل كبير جدًا بالفعل قبل صور كردي واستمرت كذا طوال شهر سبتمبر. ومع ذلك، بنهاية هذا الشهر، عدد المقالات الإيجابية بدأ بالانخفاض.

ولم تكن مفاجأة أن الدراسة وجدت أن الصحف المحافظة في أوربا كانت سلبية بشكل ملحوظ في تغطيتها لتأثير المهاجرين على بلدانهم. وكانوا أيضًا أكثر انتقادًا لرد الاتحاد الأوربي على الأزمة.

وفي إيطاليا، الصحيفة اليمينية “جورنالا” كانت سلبية تحديدًا تجاه المهاجرين من بعد محلي. والصحف اليمينية في المملكة المتحدة، التليجراف وميل، بجانب صحيفة فرانكفورت الألمانية “ ألجماينه تسايتونج “، والتشيكية “ ملادا فرونتا دنيس ” والبولندية “ رزيكزبوسبوليتا (الجمهورية)” كانت أيضًا أكثر سلبية في تغطيتها للنتائج المحلية المترتبة على أزمة الهجرة وطريقة تعامل حكوماتهم معها.

ومرة أخرى لم تكن مفاجأة أن الصحف اليسارية مثل الجارديان في المملكة المتحدة، وصحيفة “دي تاجاتسايتونج (الصحيفة اليومية)” في ألمانيا وصحيفة “لا ربابليكا (الجمهورية)” في إيطاليا حملت تعاطفًا أكثر وتأييدًا للاجئين في تغطيتهم بصفة عامة.

وعلى صعيد آخر، اندهش المحللون من التغطية الأولية للصحف الشعبية في ألمانيا مثل بليد والتي غالبًا ما تتساوى مع صحيفة صن البريطانية.

خلال شهر سبتمبر، وبعض النظر عن الكتابة التحريرية التقليدية التي تحاملت على المعارضين للمهاجرين، نشرت عدد كبير من القصص الإنسانية المتعاطفة.

تينا بيتلز شوابور، محررة الموقع الألماني لمرصد الصحافة الأوربي قالت إن هذا دفع الكثير من العاملين بالإعلام للشك في المدة التي ستحافظ فيها صحيفة بليد على حماسها بشأن المهاجرين.

“هذه الشكوك مبررة” وتابعت “مع بداية شهر أكتوبر، العناوين الرئيسية لصحيفة بليد تحولت لتعكس صورتها التقليدية” والذي “يمكن أن يكون أول تلميح من أن الصحف الشعبية ستغير منهجها مرة أخرى”.

الحدث الرئيسي الثاني-ألمانيا تعيد مراقبة حدودها-أظهر أيضًا رد فعل سلبي بشكل قوي من بعض الدول، ولكن يمكن تقسيم آرائهم اعتمادًا على اتجاهاتهم السياسية.

وبتحليل القصص المتعلقة بالاتحاد الأوربي في المملكة المتحدة، نجد ان الصحف حملت بعض المقالات السلبية حول موقف الاتحاد الأوربي مع الازمة عقب 13 سبتمبر، وقدرة أعضائها على حلها.

يومي 11/12 سبتمبر، عناوين الصحف البريطانية الثلاث كانت عبارة عن قصتين سلبيتين واثنين إيجابيين حول رد الاتحاد الأوربي تجاه الأزمة. ولكن يومي 14/15 سبتمبر، لم يكن هناك أي قصة إيجابية؛ 12 قصة سلبية واثنين فقط اتسموا بالموضوعية.

وفقًا للدراسة، التغطية في الصحافة البريطانية استمرت سلبية بشكل كبير جدًا تجاه تعامل الاتحاد الأوربي مع الأزمة بعد هذا التاريخ حتى نهاية الشهر.

ومن الملاحظ، كما يقول الباحثون، أن صحيفة الجارديان تغيرت من كونها إيجابية بصفة عامة لتصبح سلبية بصفة عامة في تغطيتها للاتحاد الأوربي عقب 13 سبتمبر. كتبت عن “حالة الفوضى” التي يعيشها الاتحاد الأوربي، واعترف أحد الكتاب في الجارديان أن الأزمة “تُلعب بين يدي المشككين في أوربا” (ملحوظة: كان هذا مقال للكاتب هوجو ديكسون، وهو كاتب حر يكتب أحيانًا في الجارديان وليس دائمًا).

في مكان آخر، كان هناك تطور ملحوظ في القصص السلبية بشأن الاتحاد الأوربي في بولندا والتشيك بعد 13 سبتمبر والحديث عن مراقبة الحدود.

الصحف التشيكية عكست تأثير قرار ألمانيا لإعادة ضبط الحدود مع النمسا، واستمرت سلبية تجاه انجيلا ميركل وسياسات الاتحاد الأوربي منذ 13 سبتمبر حتى نهاية الشهر.

تغطية الصحف الألمانية استمرت إيجابية تجاه المهاجرين حتى بعد مراقبة الحدود ولكن الصحف أصبحت أكثر سلبية تجاه الاتحاد الأوربي بعد هذا التاريخ.

كل المنافذ الألمانية نشرت مقالات عن كيفية تعامل بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى مع الأزمة، وترددها في التعاون واستيعاب المزيد من المهاجرين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى