لماذا نُعجب بأشخاص لا يريدوننا؟
لماذا نعجب بأشخاص لا يريدوننا؟
Psychologytoday- بيريت بروجارد
ترجمة دعاء جمال
يألف أغلبنا هذا السيناريو: شخص لطيف، طيب ومثير للاهتمام، ذكي ومتاح. والأجمل، أنه مهتمّ بالدخول في علاقة معكِ. والمشكلة الوحيدة هي أنكِ لستِ معجبة به، وأن هناك شخصا آخر لا يفارق تفكيرك.
ومثل الشخص المُعجب بكِ، لدى هذا الشخص الآخر الكثير من المميزات الجيدة، لكنه إما غير متاح في العموم، أو غير متاح لعلاقة معكِ أنتِ، لأنه غير معجب بكِ. ورغم الرفض المتواصل، لا يمكنك التوقف عن التفكير فيه، كلما رفضك وكلما أشار إلى عدم رغبته في أن يكون معكِ، ازداد اهتمامك به.
لماذا نطوّر تلك العادة السيئة بالرغبة في من لا يريدوننا؟ لماذا لا نرغب دائمًا في ما يمكننا الحصول عليه، ففي مناطق أخرى من الحياة، يبدو أنه بإمكاننا أن نعدل تفضيلاتنا لتتناسب مع الموقف. ربما راودتك من قبل فكرة النجومية، لكن عند اكتشافك عدم قدرتك على التمثيل، تخليت عن “الحلم”. إذن، لماذا لا يمكننا التخلي عن الأشخاص الذين يرفضوننا باستمرار؟
وفقًا إلى هيلين فيشر وزملائها، السبب وراء تعلقنا عندما يتم رفضنا هو أن هذا النوع من الرفض يحفز أجزاء في عقلنا مرتبطة بالتحفيز، الكسب، الإدمان والتوق. باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، راقب فريقها 15 مخا لرجال ونساء في سن الجامعة ممن تم رفضهم مؤخرًا من شركاء لهم لكنهم يدعون بأنهم ما زالوا “مُغرمين” بشدة. خلال المسح، نظر المشاركون إلى صورة الشخص الذي رفضهم، ثم أكملوا حل تمرين رياضيات، كان التمرين محاولة لتشتيت المشاركين عن الأفكار الرومانسية. في النهاية، عُرض عليهم صور شخص مألوف ليسوا مهتمين به عاطفيا. ووجد الفريق أن أمخاخ المشاركين كانت أكثر نشاطًا في المناطق المرتبطة بالدافع، الجائزة، الرغبة، الإدمان، الألم الجسدي والحزن، عند نظرهم إلى صور الشخص الذي رفضهم أكثر مما حدث عند نظرهم إلى صورة شخص محايد.
أظهرت الدراسة التي نشرت عام 2010 في مجلة Neurophysology أن الأشخاص في هذا الموقف يعانون فعليا من إدمان المخدرات، و”المخدر” هنا هو الشخص الذي يرفضنا، ولا يبادلنا الحب. إلا أن النتيجة لا تمنحنا رؤية لسبب رد فعلنا بهذا الشكل على الرفض الرومانسي، ولا يجيب عن سؤال كيفية تطويرنا لتلك النزعة المزعجة للرغبة في الأشخاص الذين لا يمكننا الحصول عليهم.
قد تعتقد أن الأمر متعلق بتحطم القلب والحزن، إلا أن تلك لا يمكنها أن تكون الإجابة الكاملة أيضًا، لأنه في بعض الحالات لم نخسر أي شيء يمكننا الحزن على فقدانه. ومع ذلك، يمكن أن نغرم بجنون بشخص لا يريدنا، ولم يرغب فينا أبدًا ويكون الموقف أحيانًا مؤلمًا بقدر تخلي أحدهم عنا.
منظور آخر لهذا العذاب قد يكون نتيجة القيمة المتصورة للشخص الآخر، إذا لم يرغب فينا الشخص الآخر أو كان غير متاح للدخول في علاقة، ترتفع قيمته المتصوّرة. يصبح “غاليا” للغاية بحيث لا يمكننا “تحمل” كلفته. من منظور تطوري، من المهم أن تتزاوج مع أكثر شريك قيّم ممكن، لهذا من المنطقي أن نصبح أكثر اهتمامًا من الناحية الرومانسية عندما تزداد القيمة المتصورة للشخص.
إجابة أخرى قد تتعلق بشخصياتنا الإدمانية نسبيا، أظهر بحث فيشر أن الحزن والألم بعد رفض عاطفي هما نوعان من الإدمان. ويبقى السؤال مع ذلك، ما هو الشيء الذي ندمنه في هذا السيناريو؟
في حالة علاقة انتهت، قد نكون مدمنين للوقت الذي قضيناه مع الشخص الآخر، رسائلهم لنا، صحبتهم. لكن إذا كان مخنا يعمل بالمثل عندما لا يكون الحب متبادلا، ولم تكن هناك علاقة أبدًا، ما هو مصدر المشاعر الإدمانية؟ افتراضيا، نحن مدمنون لأفكارنا عن ما كان بالإمكان أن يحدث لكنه لن يكون أبدًا. بمجرد أن نتعلق بتلك الأفكار يتم رفضنا من الشخص الآخر، تاركًا إيانا نتعامل مع الهوس الذي يعد إدمانيًا نوعًا ما، أو إدمانًا لأفكار من نوع محدد. ناقشت من قبل الطرق المعيارية للتعامل مع اضطراب الوسواس القهري وإمكانياتها للمساعدة أيضًا على التخلص من هوس رومانسي.
طريقة تعلقك يمكنها أيضًا التأثير على مدى التعلق بالأشخاص الذين لا يريدونك. الأشخاص ذوو نوعية التعلق المعتمد (المعروف بالأسلوب الاعتمادي أو التعلق القلق) ترعرعوا ليبحثوا عن الأشخاص الذين سيتسببون لهم في الألم. في سيناريو كلاسيكي، نشأوا في منزل رُفضوا فيه عاطفيا. وحيث إننا دائمًا أكثر قابلية للتصرف بطرق مألوفة لنا، إذا كان لدينا تاريخ من الرفض، فنحن أكثر قابلية للبحث عن مواقف حيث يجب أن نتوقع المزيد من الرفض. يفسر مخنا هذا السيناريو كطبيعي، رغم معرفتنا أنه غير طبيعي أن نبحث عن سيناريو يؤدي إلى الألم والحزن.
أخيرًا، هناك تفسير “النهاية المختلفة”: إذا كان لدينا تاريخ من الرفض، من قبل أحد الوالدين على سبيل المثال، أحيانًا دون وعي نبحث عن سيناريوهات مماثلة، على أمل أن تكون لدى القصة نهاية مختلفة في المرة التالية. إلا أن هذا لا يحدث، وهنا نتذكر تعريف آينشتاين للجنون، تكرار نفس الفعل وتوقع نتيجة مختلفة.