سياسة

فيلم إسرائيلي: هكذا أعدمنا الأسرى العرب في 1967│زحمة

بالفيديو:  إسرائيليون يحكون كيف أعدموا الأسرى المصريين والعرب في حرب  1967  

نيويورك تايمز-جودي رادورين – ترجمة: محمد الصباغ

”لم يقولوا لنا لا تتركوا أحداً على قيد الحياة، هم فقط قالوا لا تظهروا أي رحمة“، هكذا قال جندي إسرائيلي شاب عائداً لتوه من جبهة الحرب صراحة عن الأوامر التى كان يتلقاها من قادته، و أكمل ”قائد اللواء قال لنا اقتلوا منهم على قدر ما استطعتم”.

وعلى أسطح أحد المنازل في مواجهة العرب تظهر محادثات أخرى، فيسأل أحدهم نفسه ”هم مدنيون،هل أقتلهم أم لا؟“، ويكمل ”لم أفكر حتى في ذلك. فقط اقتل، اقتل كل من تراه“، ثم ظهر صوت يشخصن الأمر أكثر ”كلنا.. أفينوم و زفيكا و يتسحاقي لسنا بقتلة، لكن في الحرب يصبح الجميع قتلة”.

لم تكن تلك الشهادة المسجلة والموجعة من المعركة الدامية الأخيرة في قطاع غزة بل من حرب 1967، عندما بدأت إسرائيل حرب البقاء ضد كل من مصر و الأردن و سوريا و انتهى الأمر باحتلال الضفة الغربية و قطاع غزة و شبه جزيرة سيناء بالإضافة لأجزاء من هضبة الجولان السورية.

و في حين تبدأ المحكمة الجنائية الدولية تحقيقها في جرائم حرب حدثت خلال الصراع الأخير، أظهر فيلم وثائقي جديد سلوكا وحشيا لم ير النور من قبل، وقام به جيل سابق.

 عرض الفيلم ”أصوات تحت الرقابة“ في مهرجان ”صن دانس“ يوم السبت و هو أحدث فيلم لمخرجين يساريين إسرائيليين، فازوا بعدة جوائز بالخارج و يقدمون نظرة قاسية عن مجتمعهم.

و باستخدام مقابلات عدلها الجيش عدة مرات قبل نشرها، يقدم الفيلم روايات لإسرائيليين أعدموا سجناء دون محاكمة و هجروا العرب من قراهم في سلوك شبهه أحد المقاتلين بما فعله النازيون مع اليهود الأوروبيين.

مخرجة الفيلم، مور لوشي

و تقول المخرجة ”مور لوشي“ إنها حاولت تجديد الرواية السائدة في إسرائيل عن الانتصار في حرب 1967 في ضوء ما حدث منذ ذلك الوقت، وقالت إن الفيلم ”شديد الصلة بما يحدث الآن”.

 ومع سعي إسرائيل للدفاع عن صورتها دولياً، سيكون عرض الفيلم دون الأخذ في الاعتبار الخطر الذى واجته إسرائيل حينها، فرصة لزيادة الانتقادات الموجهة لها.

و يقول يوسي هاليفي، مؤلف كتاب عن المحاربين القدامى في حرب 67: ”الناس في الخارج ممن لا يتذكرون الظروف التى خضنا فيها حرب الستة أيام سيوجهون اتهاماً آخر لإسرائيل، لو وجدت انتهاكات فردية  من جنودنا، فلا يجب أن تكون هي فقط ما نحكيه عن تلك الحرب.  كثير منا هنا حقيقة تعب من قصص اللوم التى توجه لإسرائيل أولا”.

و يقول الكولونيل بيتر ليرنر من جيش الدفاع الإسرائيلي رداً على سؤاله عن الفيلم: ”يعبر عن ديمقراطية إسرائيل النابضة بالحياة. حيث كل شئ يمكن طرحه و مناقشته”. ولكنه ليس وثيق الصلة بالجدل الحالي حول سلوكنا العسكري.

كانت حرب 1967 بين دول ذات سيادة ويكمل ليرنر حديثه: تواجه إسرائيل اليوم كيانات عدوانية “لشبه دول أو ليست دول من الأساس”  باستخدام أسلحة ”يتم نشرها في المناطق السكنية”.

وأضاف: ”أي محاولة للمقارنة بين الحربين هي ضعيفة وغير معبرة عن مخاوف الحرب التى تزداد، وتطورت ساحات الحرب وأصبح الآن الإرهاب له الأسبقية على الحروب التقليدية”.

لا تتجاوز ميزانية الفيلم مليون دولار وتم تمويله بشكل رئيسي من إذاعات إسرائيلية وأوروبية بالإضافة لشركة “إمباكت بارتنر” لإنتاج الأفلام الوثائقية وهى شركة أمريكية.

يعد عرض اللقاءات من عام 1967 مصحوبا بلقطات أرشيفية من (ABC) نيوز تهديد حقيقي وشيك لإسرائيل، و يمكن أن تتغير وجهة النظر عن الإنتصار الذي صوره المؤرخين لمدة طويلة وكأنه أعجوبة.

وخلف شهادات قتل السجناء والمدنيين، من الممكن أن يكون أكثر عناصر الفيلم دهشة هو أنه عقب أسبوعين أو ثلاثة من نهاية الحرب، شكك بعض الجنود من حركة الكيبوتز الإشتراكية في الحكمة من الحرب.

و يقول أحدهم، وهو مستاء من احتلال الأراضي الفلسطينية: ”اعتقد أنه في جولة أخرى من الحرب ستكون كراهية العرب لنا أكثر عمقاً و حدة”.  ويقول آخر بقلق: ”لم تحل تلك الحرب مشاكل الدولة بل عقدتها بطريقة جعلت من الصعب جداً حلها”.

وتقول المخرجة ”لوشي“: ”الفيلم هو قصة رجال ذهبوا إلى الحرب و شعروا بأنهم يدافعون عن حياتهم، و كانوا على حق بالطبع، ولكنهم خرجوا هكذا وعادوا كغزاة”. وأضافت: ”لو نشرت تلك التسجيلات فى عام 1967، كان من الممكن أن يكون واقعنا مختلفاً”.

بعض تلك التسجيلات تم نشرها في حينها في مجموعة ”حديث مع المحاربين“ لأفرام شابيرا وباعت 120 ألف نسخة في إسرائيل. والنسخة الإنجليزية منها باسم ”اليوم السابع“. ويقول هالفي أن نشرها ”كان اللحظة التى بدأ فيها جزء من المجتمع الإسرائيلي يفيق من نشوة الانتصار”.

و عندما كانت المخرجة البالغة 32 سنة، تعمل على بحث تاريخي، عرفت الفرق بين ما وجدته و ما كانت تدرسه في المدرسة. وتقربت من ”شابيرا“ للسماح لها بنشر التسجيلات التى رفض اعطائها للكثير من الصحفيين والمؤرخين.

و يقول شابيرا: ”لو استمعت إلى التسجيلات، فهناك سيمفونية من الأصوات، هناك صرخات و بكاء حقيقي”. ويضيف في لقاء: ”لقد عبروا عما سنلاقيه إن لم نعمل جدياً من أجل السلام، عملياً من خلال إعادة الأراضي المحتلة. التسجيلات تعبر عن إحساس داخلي فالأمر لا يتعلق بالسياسة”.

و قال إن بعض الجنود الحاليين أخبروه أن تلك التسجيلات ”تعبير عميق و شخصي عن مشاكلهم الأخلاقية والإنسانية”.

و استمعت لوشي إلى 200 ساعة من الشرائط لمدة تقترب من 8 شهور، ومعظمها كان قد منع نشره في الكتاب. وكانت متعمقة في مشروعها قبل أن تكتشف أن فيلمها سوف يخضع للرقابة.

منعت إسرائيل صناع الفيلم من شرح كمية التعديلات التى تم إجبارهم عليها، ولم يوافق الرقيب العسكري مناقشة تلك النقاط أيضاً. وتقول المخرجة: ”لا يمكن أن نفرض رقابة، لننمي من أنفسنا ومن مجتمعنا. أعتقد أنه من المهم أن ننظر للحقائق”.

و بطل الفيلم هو التسجيل الأصلي الذي حصل عليه ”شابيرا“ عام 1967، وهو لقاءات مع بعض الجنود يجلسون بجوار بعضهم البعض. وفقط في الدقائق الأخيرة يتحدث أحدهم. و يقول أنه أصبح ” أقل صهيونية، أقل وطنية و أقل إيماناً“ ويقول آخر: ”لقد أصبحت يمينياً أكثر من ذي قبل”.

ويقول ”بنهاس ليفياتان“ المدرس البالغ 73 سنة، إنه عندما جاءت إليه المخرجة لوشي و قامت بتشغيل الشريط بالتسجيل لم يميز الصوت، ويضيف: ”لكن عندما سمعت ما قلت تأكدت من أن المتحدث هو أنا“. ولقد استمر في رواية نفس الحديث للتلاميذ لسنوات.

و في الفيلم يتحدث ليفياتان عن كيف انكسر عاطفياً عندما رأى إذلالهم للجنود المصريين بعد القتال، ويقول: ”عندما جئنا بزجاجات مملوءة بالبول“، وأوحينا إليهم أننا سنعطيهم مياه ”لكننا ألقينا ما في الزجاجات على أقدامنا وأجبرناهم أن يقبلوها”. ويعتبر ليفياتان أحد الجنود الإسرائيليين الذين تغيرت وجهة نظرهم مع الزمن.

ويضيف في لقاء معه: ”لقد أقنعوني بأن السلام قادم وربما اعتقدت بعد حرب الأيام الستة أن ذلك سيحدث فعلاً، لقد كنت في قمة السذاجة. حاربت في خمسة حروب أخري كضابط قيادة. الحقيقة أنه خلال السنوات، فقدت أي أمل في الوصول لحل في تلك المنطقة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى