سياسة

الجارديان: لماذا حلب مهمة؟

معركة بين بوابة سوريا الجنوبية ومنافستها الشمالية

الجارديان- ديان دارك

 ترجمة: محمد الصباغ

ما الشئ المميز في مدينة حلب السورية؟ الإجابة هي  موقعها الجغرافي، وهو نفس السبب الذي جعلها محل تنازع شديد في الحرب الوحشية الدائرة في سوريا. من يسيطر على حلب يسيطر على شمال البلاد. كما الحال في العاصمة دمشق، فمن يسيطر عليها يسيطر على الجنوب.

أسست حلب القديمة في منتصف الطريق بين الميناء الواقع في شمال البحر المتوسط واسمه أنطيوك كما جاء بالكتاب المقدس (أو أنطاكية في تركيا حاليًا) وبين شاطئ نهر الفرات، وأغلب سكانها كانوا من التجار. كانت مهارتهم في التجارة أسطورية، وضربت بهم الأمثال كالذي يقال فيه “ما يباع في القاهرة في شهر يباع في حلب في يوم.”

نتاج ذلك هو مدينة عالمية، متعددة الثقافات، والعرقيات والديانات، يقطنها مزيج من العرب والأكراد والأتراك والفرس واليهود والشراكسة والأرمن والأوروبيون. الكثير منهم كانوا لاجئين، من طوائف إسلامية ومسيحية مختلفة، وهجروا بلادهم الأصلية بسبب التمييز. استوعبتهم حلب جميعًا، وأضافتهم إلى نسيجها الغني والمتنوع.

مع نهاية القرن الثاني عشر، كان نصف سكان حلب من المسيحيين. كان السلاجقة هم المسيطرون على المدينة في  ذلك التوقيت، وهم مجموعة تركية دخلوا إلى المدينة من إيران، ثم أصبحوا مسلمين سنّة. جسدت عمارتهم هذا المزيج، لكن الشئ الوحيد الذي يمثلهم، هي مئذنة المسجد الكبير بحلب، وسقطت خلال تبادل إطلاق النار في عام 2013.

اقرأ أيضًا: ماذا جري في حلب؟

مثلت تركيبة فريدة من نوعها تتألف من الفارسية، والعربية والتركية، حيث تتشابك أعمدة المسجد الكلاسيكية مع النقوش الإسلامية والأفاريز.حينما وصلت الحرب إلى حلب عام 2012، مثل المسلمون السنّة 70% من سكان المدينة في حين مثل المسيحيين والإقليات الأخرى نسبة 30%. ربما هذه الديموغرافيا على وشك أن تتغير، كما تفعل الحرب في كل سوريا.

ربما يمكن قراءة أغلب تاريخ حلب من خلال العمارة. فبقايا الحملات الصليبية مثل كنيسة القديسة هيلينا، تحولت إلى مدرسة للدين الإسلامي، ولا تزال راسخة بجوار أسواق المماليك ذات القباب الحجرية. وهذه المتاهة من المحلات التي تشبه أجسام الثعابين قدمت نفسها كمخابئ لمعارضين الذين بدأت القوات الحكومية في قصفهم بداية من سبتمبر 2012، مما تسب في حرائق هائلة أجبرت حوالي 40 ألف تاجرًا إعلان الإفلاس بين ليلة وضحاها.

هذه إحدى المفارقات الكثيرة التي تشهدها حلب خلال الحرب الجارية منذ 2012، وفيها كانت العاصمة والمدينة التاريخية دمشق، معقلا عسكريًا قويًا والتي من خلالها أمطرت مدفعية حكومة الأسد تراث حلب الثقافي ودمرت أسواقها وأثارها التاريخية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى