سياسة

نيويورك تايمز عن الانتخابات البرلمانية: الطوابير اختفت.. والشباب لا يبالي

نيويورك تايمز: دعوة السيسي للتصويت كان لها أثر محدود

نيويورك تايمز – كريم فهيم – ديفيد كيرك باتريك – ميرنا توماس – ترجمة: محمد الصباغ

بدأ التصويت يوم الأحد في أول انتخابات برلمانية في مصر خلال الأربع سنوات الماضية، لاستبدال السلطة التشريعية التي تم حلّها عام 2012 ولإضفاء الشرعية على حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لكن منى أحمد، 20 سنة، تقول إنها كانت تبتعد عن صناديق الاقتراع.

تشرح منى بملل: ”الجميع يكذبون على بعضهم البعض“، لتعكس مشاعر اللامبالاة والاستخفاف اللذين ساعدا في ترسيخ الاستبداد هنا منذ عقود. كان هذا الشعور سائدا بين كثير من الشباب الذين ألتقيتهم بالتزامن مع عملية التصويت في محافظة الجيزة.

تقول يارا عصام،21 سنة، إنها تشعر ”بالاختناق“ بسبب السياسة. صوتت مرة واحدة للسيسي، وقالت إنها ندمت على ذلك. وتضيف: ”لم يفعل شيئاً“، واستشهدت بالمصاعب التي تواجهها أعمال عائلتها، وتقول: ”لا شىء يسير في الاتجاه الصحيح“.

أما سعد عيد، 20 سنة، فقد عرف بالكاد أن هناك انتخابات ستجرى، لكنه لم يستطع تذكر متى ستجرى بالتحديد. على أي حال، قال: ”لا توجد أي قوة سوى الجيش“.

يقام السباق الانتخابي لإنتخاب 568 مشرّعاً على مرحلتين، ومن المتوقع أن يسفر عن سلطة تشريعية موالية للسيسي، الجنرال السابق الذي قاد الاستحواذ العسكري على الحكومة في صيف 2013. بدت الطوابير أمام لجان الانتخابات قصيرة جداً أو غير موجودة، مما أجبر الحكومة على اعتبار يوم الأثنين نصف يوم عمل لموظفي الحكومة في محاولة لرفع نسبة المشاركة.

يبدو من الصعب التغلب على نفور الشباب، وكذلك تآكل نسبة المشاركة السياسية الذي تعاظمت بعد انتفاضة 2011 ضد الرئيس حسني مبارك. أثنت الحكومة على التصويت كخطوة حيوية في استكمال التحول إلى الديمقراطية الذي بدأ بالاستيلاء على السلطة. القوى الفعلية للبرلمان غير واضحة حتى الآن: فهو برلمان لديه سلطة بارزة؛ تشمل حجب الثقة عن الرئيس، لكن السيسي وحلفائه أعلنوا عن أنهم قد يسعون إلى تعديل الدستور من أجل تقليل سلطة البرلمان، وزيادة سلطات الرئيس.

أزاح السيسي باستيلائه على السلطة محمد مرسي أول رئيس منتخب بحرية في مصر، وقمع جماعة مرسي، الإخوان المسلمين، التي كانت أكبر قوة سياسية والمعارضة الرئيسية أثناء حكم مبارك.

كان الجناح السياسي لجماعة الإخوان جمع أكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بعد الثورة والإطاحة بمبارك. لكن لا تخوض الجماعة المحظورة الآن ولا أي قوة سياسية منظمة تعارض أجندة السيسي المنافسة في الانتخابات الحالية.

كما يتواجد بين المرشحين مئات من الأعضاء السابقين بالحزب الوطني الحاكم خلال فترة حكم مبارك، والذين من المتوقع أن يستفيدوا من شبكات المصالح المحلية التي لم تصب بأذى خلال سنوات الاضطراب السياسي.

أما الحزب الإسلامي الوحيد المنظم الذي ينافس في الانتخابات فهو حزب النور، الحزب السلفي الذي كان يوماً ما حليفاً للإخوان المسلمين لكنه دعم الإطاحة العسكرية بمرسي.

التصويت يوم الأحد سيكون المرة الثامنة منذ 2011 التي يذهب فيها المصريون إلى لجان الانتخابات. وتبدو اللامبالاة الموجودة لدى الشعب متماشية مع تلك الحكومة، التي لم تقم بأي حملات للتواصل مع العامة، مثل توضيح طريقة التصويت، والتي قامت بها من قبل في الانتخابات السابقة.

وفي خطابه قبل 11 ساعة من التصويت، شجّع السيسي، يوم السبت، الشعب على التصويت وكان له تأثير قليل لحث المصريين، وذلك مقارنة بالانتخابات السابقة التي شهدت زخماً كبيراً، لكن النتائج تم إلغائها بعد ذلك.

يقول إبراهيم حسن، 37 سنة: ”لقد صوتّنا كثيراً“، وأضاف: ”تحول كل ذلك إلى لا شىء. لم نفعل شيئا. لا جديد. نقوم بالتصويت وأعرف أن هذا البرلمان سيتم حلّه“.

أما أحمد علي ،28 سنة، أحد المرشحين الذي يحاول جذب الأصوات في المرج يقول: ”هناك شعور بالإنهاك السياسي“.

تعتبر الحكومة نفسها مسؤولة بشكل جزئي عن هذا الإعياء، وأشارت إلى أن مشاكل مصر تتخطى السياسة المحلية، وتنبع أساساً من تهديدات أجنبية متنوعة، تشمل المسلحين الجهاديين. وتنشط المجموعات المسلحة بشكل رئيسي في شبه جزيرة سيناء، ونفذت هجمات على قوات الأمن الحكومية لأكثر من عامين. وتذرعت السلطات بمثل هذا التهديدات من أجل تبرير التضييق الواسع ضد الإسلاميين، وأيضاً ضد معارضي الحكومة الآخرين.

ويضيف المرشح، أحمد علي، أن التحدي الذي يواجهه البرلمان الجديد قد يكون من ”الإرهاب الدولي في الدول المجاورة“ متخذاً نفس خط الحكومة. وفي نفس الوقت، تمثل الضاحية التي ترشح من خلالها حالة من الإهمال الحكومي والإدارة السيئة، وتفتقد إلى الخدمات الصحية الحيوية وإلى العدد الكاف من المدارس العامة للتماشي مع التعداد السكاني الهائل.

ظهرت تلك الضاحية منذ عقود قليلة، وبنيت بتخطيط قليل على أرض زراعية. ثم قامت حكومة السيسي برصف الطرق وبناء كوبري، لكن مازالت المناطق الأفقر في الضاحية تبدو على حافة الانهيار، مع قنوات الصرف الصحي المنتشرة التي تعلوها القمامة.

وكما ذكر علي في حملته مؤخراً، فقد وضع خطة طموحة تعكس مخاوفه الرئيسية ومخاوف حزبه الليبرالي، المصريين الأحرار، وتركز على توفير الرعاية الصحية والتعليم وعلى جذب الاستثمار إلى مصر من خلال قوانين أقل صرامة.

كان هناك تشكك، بين هؤلاء الذين ياقبلهم المرشح أحمد علي، في قدرة البرلمان الجديد أو الحكومة في تقديم المساعدة. ويقول مسلم حامد، الذي يعمل بأحد المنظمات المدنية، وهو يستمع لكلمات المرشح، إن منظمته تحاول منذ ما يقرب من 20 عاماً أن تجتذب دعماً حكومياً. وأضاف: ”لم نحصل على أي مليم من الدولة“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى