كل ما تريد معرفته عن صفقة Watch It وماسبيرو.. تطوير أم استغلال؟
جدل جديد يُثيره تطبيق "واتش إت" بعد أزمة احتكار مسلسلات رمضان
تقرير: إسراء رمضان
بعد الجدل الذي أثارته منصة “واتش إت”، باحتكارها لمعظم مسلسلات الموسم الرمضاني الحالي، أثارت المنصة التي تمتلكها “الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية” برئاسة تامر مرسي، الجدل مجددا بعد الإعلان عن شرائها الحقوق الرقمية لمحتوى وتراث التليفزيون المصري “ماسبيرو”.
تساؤلات عدة أثيرت بشأن هذه الصفقة التي عقدتها الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة حسين زين، مع “المتحدة للخدمات الإعلامية”، برئاسة تامر مرسي، لإتاحة تراث التليفزيون المصري، عبر تطبيق “watch it”.
فكرة هذه الصفقة تتلخص في: كل ما أنتجه التليفزيون المصري أو سينتجه يتم سرقته وعرضه على قنوات فضائية أو مواقع إلكترونية أو حسابات على اليوتيوب، مما يعود بمكسب كبير فقط على أصحاب هذه القنوات والمواقع والحسابات، لذلك تمت الصفقة لمنع السرقة، عن طريق عرض المحتوى الذي تم إنتاجه أو سيتم عبر تطبيق “واتش إت” وباشتراك.
وحول ما سبق قال نقييب الإعلاميين، حمدي الكنيسي لـ”زحمة” إن التطبيق سيمشل فقط ما أنتجه أو ما سينتجه التليفزيون المصري، وقيمة الاشتراك ستكون جيدة، بمقدار 50% من إيراد واتش إت، وسيتم الإعلان عن كل التفاصيل خلال الأيام المقبلة”.
جهات معارضة
أعلن عدد من كتاب الدراما في مصر رفضهم استحواذ “الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية”، المالكة لشركة “إعلام المصريين”، على محتوى وتراث اتحاد الإذاعة والتليفزيون “ماسبيرو”، وحقوقه الرقمية، تمهيداً لعرضه بصورة حصرية على منصة Watch iT .
يقول المؤلف عمر طاهر: “هو الخبر شكله حلو من بره.. استثمار مصري لتراث مصري، بس الجو العام اللي بتحصل فيه اتفاقيات شبه دي مش مريح، يعني التطوير هايل، بس ليه مش ماسبيرو زمان اللي بتطورها وتستثمر فيها؟”.
وتابع: “ليه مش هي اللي بيتعمل لها حملات وييجي لها إعلانات وتتستف المادة بتاعتها في فورمات وبرامج ووثائقيات وبروموهات وأفلام قصيرة وخريطة عرض أهم من هات من المخزن وحط في الفاترينة؟”.
وأضاف طاهر، عبر صفحته على ” فيسبوك”: “خطب عبدالناصر والسادات، وجلسات طه حسين والعقاد ونجيب محفوظ، وفوازير نيللي مع الماتشات النادرة، وقراءة محمد رفعت والنقشبندي، ومسرحيات نجيب سرور، وحفلات حليم وأم كلثوم، وشغل فرقة رضا، واللقاءات النادرة، وكل المخزون اللي بيشكل ثقافة ووجدان بلد.. أنت شفطته في كرش (بطن) الأبليكيشن، بحجة حماية التراث!”.
إنذار إلى مَن يهمّه الأمر
وقال المؤلف أيمن بهجت قمر، نجل الكاتب المسرحي الراحل بهجت قمر، عبر صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك”: “إنذار إلى من يهمه الأمر، أنا وكل أبناء المؤلفين القدامى والمبدعين لم نتنازل عن حقوق الديجيتال الخاصة بكل أعمال آبائنا.. وسيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية إزاء أي بيع أو اتجار فيها من خلال أي أبليكيشن أو موقع.. اللي كان متساب كان متساب بمزاجنا أو لعدم فهم.. هو مولد وصاحبه غايب؟ اللهم بلغت!”.
الملّاك الأصليون
من جهته، قال الكاتب أحمد خير: “أرشيف ماسبيرو كان بيتعرض على قنوات يوتيوب بتاعه ماسبيرو، وكانت بتعمل دخل، ومتاحة مجانا مقابل إعلانات على الحاجات اللي في إقبال على مشاهدتها.. الإعلانات بتيجي لما يكون فيه طلب على المشاهدة، ودلوقتي حقوق الإذاعة دي اتنقلت لمنصة خاصة، وهي كلها أعمال تم إنتاجها من أموال عامة، والمصريين أصحاب حق في مشاهدتها مجانا لأنها منتجة بفلوسهم”.
وأضاف خير، في تدوينة نشرها على صفحته الشخصية عبر موقع “فيسبوك”: “ينفع إنها تبقى متاحة خارج مصر بفلوس، رغم أن ده خسارة لما تبقى من نفوذ ثقافي بيتآكل يوما بعد يوم، لكن حرمان المصريين من المشاهدة بدون ما يدفعوا ده سرقة لحقوق الملاك الأصليين للأرشيف!”.
آراء مؤيدة لكن.. هل الفرجة ببلاش؟
في المقابل يرى الناقد محمد عبدالرحمن، رئيس تحرير موقع “في الفن”، لـ”زحمة” إن أي محاولة لوضع الأرشيف المصري أونلاين تحتاج إلى تشجيع، ولا يصح أن نشن هجوما من الآن وقبل وضوح كل التفاصيل عن الفكرة، لأن عدم التوضيح مسبب تشويش وحملات هجومية عنيفة.
وأوضح أن الفكرة مطلوبة، لكن الاختلاف قد يكون على المقابل وآليات المشاهدة، وما إلى ذلك، مؤكدا أن الفكرة قد تقبل التفاوض.
وأكد عبدالرحمن على أن استثمار شركة مصرية في تراث مصري أفضل مما حدث مع الأفلام التي تم بيعها لقناة سعودية “روتانا”، مشيرا إلى أهمية الحقوق والملكية الفكرية.
وتابع: “ما يحدث الآن يجعلنا نفكر: هل ينبغي أن تكون الخدمة التليفزيونية مجانية فعلا؟ هل يوجد في الدستور ما ينص على أن الفُرجة تكون ببلاش؟.
وأضاف: “محتاجين نفتح حوار مجتمعي، الأطراف المعنية مع الملاك والورثة والمؤلفين والمنتجين، لتحديد آليات المشاهدة والمقابل، يجب أن يكون هناك مقابل، ماذا لو قررت روتانا غدا غلق منصتها لتكون مشاهدة الأفلام المصرية باشتراك 100 جنيها مثلا؟
وقال: “الأهرامات زي التراث الثقافي، ندخل الأهرامات ببلاش لمجرد أن أجدادنا بنوها؟”.
واختتم: “هناك اشتراك لـ”نتفليكس”، طب ما تشترك في “واتش إت” وتتفرج على ليالي الحملية 500 ألف مرة، الأرشيف المصري يجب استثماره، والتفاوض يكون على الآليات والمقابل، وهل سيكون للمصري مثل غير المصري، وهل من سيشاهد عملين كمن سيشاهد 10؟ وهل الأعمال قديمة أم حديثة؟ ولو اتعمل بسعر عالي ماندفعش ونخليه يخسر؟”.
الصفقة!
كانت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية برئاسة تامر مرسي، وقعت بروتوكولا جديدا مع الهيئة الوطنية للإعلام برئاسة حسين زين، وذلك للحفاظ على المحتوى المصري، سواء ما تم إنتاجه سابقا أو حاليا من التليفزيون المصري ويمتلك حقوقه الرقمية.
وأصدرت الشركة بيانا أوضحت فيه أن الخطوة تعتمد على تحويل أرشيف وتراث التليفزيون المصري الرقمي والحصري للحفاظ عليه، وذلك من خلال منصة watch it الرقمية.
وجاء في البيان أن البروتوكول الذي تم توقيعه بين الجهتين يأتي مكملا لما تقوم به إدارة منصة Watch iT بالحصول على حقوق محتوى مميز يتمثل في مكتبة التليفزيون المصري حصريا في مختلف المجالات ويلائم مختلف الفئات، لا سيما أن التليفزيون المصري يمتلك الكثير من المحتوى المميز، والذي كان تمت استباحته في الماضي على العديد من المواقع عبر شبكة الإنترنت.
وبحسب البيان يبقى هذا الاتفاق جدار أمان يحمي التراث المصري من سارقي هذه الحقوق، الذين ربحوا ملايين وراء ماسبيرو، وهذه الخطوة هامة لاستعادة أهمية التليفزيون المصري لتحقيق مكاسب من جديد، بالرغم من الثمن البسيط للخدمة، ولكن أي دخل سيسهم في تطوير تلك المؤسسة العريقة وعودتها للمنافسة مع القنوات والمواقع الخاصة، بالرغم من الخطوة المتأخرة لكن أفضل من أن لا تأتي، لتعود مكاسبها على الشعب المصري.