سياسة

أسوشيتد برس: عام على المذبحة المصرية الكبرى.. التي رفض طرفاها تجنبها

ملصق يحمل صورة للرئيس المعزول محمد مرسي ملقاة على الأرض فيما يقف جنود أمام بوابة مسجد رابعة العدوية عقب فض الاعتصام
ملصق يحمل صورة للرئيس المعزول محمد مرسي ملقاة على الأرض فيما يقف جنود أمام بوابة مسجد رابعة العدوية عقب فض الاعتصام

بعد عام على فض اعتصامي رابعة والنهضة، تحقيق وكالة اسوشيتدبرس يكشف  لماذا فضت قوات الأمن الاعتصامين بأكبر قوة نيران؟ وكيف أصر الإخوان على “كل شيء أو لا شيء”؟

 

حمزة هنداوي وماجي مايكل وسارة الديب ولي كيث – أسوشيتد برس

ترجمة – محمود مصطفى

حوالي السادسة والنصف صباحاً توغلت عربات الشرطة المدرعة داخل الحواجز الموجودة على أطراف الاعتصام المناهض للحكومة حيث تجمع آلاف الإسلاميين لأسابيع في ميدان بالقاهرة.

في البدء كان الغاز المسيل للدموع ، وسرعان ما بدأت الشرطة في استخدام المدافع الرشاشة.

يتذكر الطالب محمود الإدريسي أنه كل خمس دقائق كانت القوات تغربل الحواجز بالرصاص، صديق بجواره وقف ليلقي بألعاب نارية وفي الحال سقط بطلقات في الرقبة والكتف.

هذا المشهد في 14 أغسطس 2013 كان بداية لأكبر مذبحة في تاريخ مصر المعاصر، حيث سحقت قوات الأمن اعتصام الإسلاميين المؤيدين لمحمد مرسي الرئيس المنتخب الذي عزله الجيش قبل شهر.

على الأقل 642 شخصاً قتلوا خلال 12 ساعة من الفوضى في ميدان رابعة العدوية وقالت مجمعوات حقوقية إن العدد ربما هو أكثر من ذلك بمئات عدة.

صورة لاعتصام رابعة العدوية

يظهر تحقيق لأسوشيتد برس أن القادة أعطوا القوات تفويضاً مطلقاً باستخدام القوة المميتة وتزعم السلطات أن الشرطة استخدمت الذخيرة الحية فقط للرد على من أطلقوا عليهم النيران كما قالت إن ثمانية ضباط قتلوا على يد مسلحين خلال الهجوم.

لكن الأوامر العامة الموجهة لقوات الامن، والتي تم الكشف عنها لأسوشيتد برس، أكدت على سحق المقاومة وقيل للشرطة أن تتوقع أن تكون عرضة لإطلاق النار ضدها وأن تتحرك بقوة للتخلص من أي تهديد. كما قيل لهم أن أحداً لن يحاسب على أي قتل بحسب ما قال لواءان في وزارة الداخلية لأسوشيتد برس ، وتحدث اللواءان عن خطة الفض بشرط عدم الكشف عن هويتهما.

وكشف التحقيق أيضاً أن كل من الحكومة المدعومة من الجيش وجماعة الاخوان المسلمين، القوة الرئيسية في الاعتصام رفضا بقوة أي تنازلات كان يأمل الوسطاء الدوليون في أن تجنب الجميع الكارثة. أسوشيتد برس حاورت أكثر من 20 من المتظاهرين الناجين وضباط الأمن والدبلوماسيين.

بعد عام، الإنقسام أصبح أقوى، بعد الدماء، بين الجبهتين الأقوى في مصر، جيش يسعى لاستعادة نظامه القديم وجماعة الاخوان المسلمين التي تحاول أن تنجو بعد أن أزيحت من السلطة. هذه العداوة على الأرجح ستضع مصر أمام نزاع مستمر سيكون الخاسر فيه هو الديمقراطية.

بعد أن أزاحت الثورة في 2011 المستبد حسني مبارك، فازت جماعة الاخوان المسلمين في سلسلة من أول انتخابات ديمقراطية في مصر وهو ما جاء بمرسي إلى الرئاسة، ولكن المعارضة نمت بسرعة. بعد عام من تنصيب مرسي شارك الملايين في مظاهرات ضدهم ما دفع عبد الفتاح السيسي قائد الجيش وقتها إلى عزل واحتجاز مرسي في الثالث من يوليو 2013.

الجماعة لم تخرج من السلطة في سكون، على مدار الشهر التالي كبر حجم الاعتصام بالقرب من مسجد رابعة العدوية واعتصم مؤيدو مرسي في مئات الخيام وأقاموا منصة أخبر من خلالها الشيوخ المعروفون والشخصيات البارزة الحشود أنهم سيصمدون حتى يعود مرسي،  ووصموا السيسي والقيادة العسكرية بأنهم خونة يحاربون الإسلام. كما أقيم اعتصام آخر أصغر من رابعة في الجانب الآخر من العاصمة في ميدان النهضة.

تصاعد التوتر، المسئولون الأمنيون وصفوا اعتصام رابعة بأنه تهديد يجب التعامل معه ، قائلين إن هناك إرهابيون مسلحون بين المتظاهرين ، وكانت المجموعات الحقوقية أكدت وجود عدد قليل يحمل أسلحة أوتوماتيكية ولكنه لا يمثل اعتصاماً مسلحاً كما كان يصفه المسئولون. في مرتين أطلقت الشرطة النار على متظاهرين خرجوا بمسيرة من الاعتصام وأكثر من مائة قتلوا.

المتظاهرون بالمقابل زعموا أنهم يقفون مع الديمقراطية وتعهدوا بعدم الاعتراف بحكومة جاء بها ما أسموه الإنقلاب. احتجاجهم فشل في أن يجذب دعماً جماهيرياً ، الجماعة وحلفاؤها واصلوا تعليق أمالهم على ” الكل أو لا شيء” في اعتصام رابعة.

هذه المواقف الجامدة قضت بالفشل على محاولات التوسط التي قادها أربع مبعوثين هم روبرت بيرنز من وزارة الخارجية الأمريكية وبرنادينو ليون مبعوث الاتحاد الأوروبي ودبلوماسيون من قطر، حليفة الجماعة، والإمارات العربية المتحدة، حليفة الجيش المصري.

في الرابع من أغسطس التقى هؤلاء الدبلوماسيون بأقوى رجال الجماعة ونائب المرشد، خيرت الشاطر، الذي ألقي القبض عليه بعد وقت قليل من عزل مرسي. باعتباره صانع القرار الأول في الجماعة، ما قاله الشاطر وقتها كان مهماً.

الشاطر كان راغباً في إجراء حوار ولكن بين “”نظراء”، ما معناه إطلاق سراح السجناء. برنادينو ليون قال إن الشاطر اقترح أن يحرر القيادي البارز بالجماعة سعد الكتاتني أولاً. وأقر الشاطر بأنه ومرسي لن يطلق سراحهم في الحال، وفقاً لليون الذي أعطى لأسوشيتد برس شهادته الأولى عن محاولات الوساطة.

بدا ما قاله الشاطر علامة جيدة حيث كان الدبلوماسيون اقترحوا على الحكومة بالفعل اطلاق سراح الكتاتني والسياسي أبو العلا ماضي حليف الجماعة ليكونوا مفاوضين، لكن في رابعة تشبث قادة الجماعة وحلفائها بموقفهم بوجوب تحرير مرسي.

جمال عبد الستار، الشخصية البارزة في التحالف الذي قادته الجماعة ضد الإنقلاب، قال لأسوشيتد برس “أي حوار يجب أن يكون مع الرئيس الشرعي المنتخب” رداً على أسئلة أرسلت إلى مكتب الجماعة الإعلامي في لندن.

ليون قال إن كل جانب طالب الآخر بالعمل على تهدئة التوترات ولكن أياً منهم لم يفعل ذلك. السلطات أرادت إنهاء الخطاب الموجه في رابعة باعتباره محرضاً على العنف والمتظاهرون أشاروا إلى أن الإعلام يصورهم كإرهابيين.

قادة التظاهر كانوا مقتنعين بأن التنازلات غير مجدية وأن الجيش مصمم على سحق الحركة الإسلامية. عبد الستار قال “لا أعتقد أن هناك ما كان ليحولهم عما كلنوا عليه لأنهم عزموا على خنق أي معارضة” والمتظاهرون أنفسهم لم يريدوا التراجع مضيفاً أن مع كون الإعتداء على الإعتصام أصبح محتماً، طلب المنظمون في الاعتصام من النساء المغادرة لكنهن رفضن.

في الوقت ذاته كان الشيخ السلفي المتحفظ المتشدد محمد حسان يتوسط سراً بين الطرفين. في خطبة في الثالث من أغسطس أعلن حسان أن الجيش وعد بعدم فض الإعتصام إذا خفف المتظاهرون من لغة خطابهم وإذا لم يخرجوا بمسرات من الإعتصام.

قادة اعتصام رابعة غضبوا من كشف المحادثات وأنكروها وتعهد أحدهم، صلاح سلطان، بعدم الاعتراف بحكومة ما بعد مرسي إطلاقاً ووصف السيسي بـ”الخائن والقاتل والكاذب.”

المبعوثون الدوليون قدموا عرضهم: تطلق الحكومة سراح بعض قادة الاخوان في حين تُخَفَض أعداد اللمتظاهرين في الإعتصامين ويتم تهدئة الخطاب ويحقق خبراء دوليون في ادعاءات وجود أسلحة بين المتظاهرين وفي العنف بين الطرفين.

كل من الطرفين كان رده: “الطرف الآخر هو من عليه أن يبدأ.”

الأمور كانت تزداد سوءاً. عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين وليندسي جراهام وصلا إلى القاهرة للقاء الطرفين. اجتماعهم الذي استمر 45 دقيقة مع السيسي في السادس من أغسطس سرعان ما أصبح متوتراً. الأمريكيين ضغطا عليه لإطلاق سراح المحتجزين فيما صمم السيسي على أن قادة الاخوان السجناء ارتكبوا جرائم.

السيسي “غضب بشدة” وقال “يجب استعادة النظام” بحسب ما قال ماكين لأسوشيتد برس مضيفاً أن الاجتماع انتهى بشكل مفاجئ.

بعد هذا اللقاء قال ماكين في مؤتمر صحفي أنه يعتبر عزل مرسي إنقلاباً وهو ما زاد من غضب الحكومة، وفي اليوم التالي أعلنت الحكومة أن الوساطة فشلت.

عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي جون ماكين (يسار) وليندسي جراهام (يمين)

قبل أيامٍ قليلة من فض الاعتصام، وجه مسئول رفيع المستوى في وزارة الداخلية خطاباً نارياً لقوات الأمن المركزي متعهداً بالإنتقام لمقتل ضباط شرطة على أيدي مسلحين إسلاميين قائلاً “دم أبنائنا في الشرطة لن يضيع هدراً” بحسب ما قال لواءا الشرطة اللذان تحدثا لأسوشيتد برس.

وقال اللواءان إن خطة الفض الأساسية كانت أن تقوم القوات عند أحد طرفي الاعتصام المحاصر بإخراج المتظاهرين من الاعتصام عبر “ممرات آمنة” في الطرف الآخر وكان الأوامر للشرطة هي “التعامل حسب الموقف باستخدام درجات التصعيد.”

ولكن قيل لهم أيضاً أن يتوقعوا وجود أسلحة بحوزة المتظاهرين وأن عليهم أن بسرعة للتخلص منهم.

أحد اللوائين قال “الأوامر كانت واضحة بعدم إعطاء فرصة لاستهداف الشرطة وقلنا لهم إن الدفاع عن النفس أمر مشروع وأنهم لن يكونوا عرضة للملاحقة القضائية فيما بعد.”

تم اتخاذ الخطوات للتأكد من ذلك، أحد اللوائين قال إن الذخيرة جلبت إلى القوات من مخازن متعددة لتعتيم المصدر كما تمت تمويه سجلات الذخيرة لكي لا يتم استخدامها كدليل إذا تمت مقاضاة أي رجل شرطة بسبب القتل كما حدث بعد المظاهرات ضد مبارك.

ويسمح القانون المصري للشرطة باستخدام الأسلحة لفض التجمهر الذي “يمثل خطراً على الأمن العام” في حين تقول مجموعات حقوقية أن الأمر نسبي وتميل المحاكم إلى إعطاء متنفس واسع للشرطة. يقول المحامي الحقوقي المصري البارز بهي الدين حسن “كل شيء اليوم متوقف على من يملك الحق والسلطة لتفسير القانون وفرض هذا التفسير.”

جدير بالذكر أن وزير الداخلية أعلن بعد فض الاعتصام أن الأسلحة التي تم العثور عليها في الميدان كانت تسعة أسلحة أوتوماتيكية ومسدس وخمسة (فرد خرطوش) وذخيرة.

خلال خمسة عشر دقيقة من الفض تراكمت الجثث في مستشفى ميداني أقامه المعتصمون في مدخل مسجد رابعة العدوية: جثث الحرس الذين كانوا يقفون خلف المتاريس في الطرف الشرقي للاعتصام مصابون بجروح غائرة من طلقات ثقيلة العيار بحسب ما قالت فاطة يحي بياض وهي جراحة كانت في المستشفى.

سرعان ما امتلأت المستشفى بالجثث والغاز المسيل للدموع، يقول عبد الرحمن البيطار، حارس متطوع، “اضطررنا للدوس على المصابين والجرحى للخروج.”

في الجانب الغربي من الاعتصام، أطلقت الشرطة طلقات تحذيرية في الهواء في الدقائق العشرين الأولى وبعدها أصبحوا في مرمى نيران تطلق من المباني المجاورة بحسب اللوائين. الملازم محمد جودة الذي كان يستخدم مكبر صوت ويتحرك لمطالبة السكان بالبقاء داخل المنازل كان أول رجل شرطة أطلق عليه النار وقتل.

سؤال مهم متعلق بفض اعتصام رابعة هو: من بدأ بإطلاق النار؟ مقارنة الشهادات لا تمكننا على الإجابة على السؤال بشكل محدد حيث أن ذاكرة الشهود عن التوقيت على الأرجح ليست متماثلة.

اللواءان قالا إن جودة قتل وأصيبت قوات الأمن بالهلع وأطلقت النيران بشكل كثيف. الأسوأ أن جودة قتل في الممر الآمن الذي تم التخطيط له.

ومع ذلك ترجح شهادات بياض والبيطار والإدريسي أن أول القتلى بين المتظاهرين بطلقات الخرطوش كان سقط بالفعل في الطرف الآخر من المكان الذي قتل فيه جودة.

الساعات التالية كانت فوضى عارمة مع تقدم الشرطة ببطء خلال الشوارع المزدحمة بالعوائق، خيام وسيارات وأجولة رمل وحواجز من الطوب إضافة إلى المتظاهرين أنفسهم الذين يلقون بالحجارة وزجاجت المولوتوف، مدعومون بالمدرعات والجرافات.

الرصاصات تطايرت، الرجال والنساء بحثوا عن مخبأ، الخيام اشتعلت وفي وقت ما اندلع حريق في محطة بنزين قريبة.

انتشرت الازمة سريعاً في كل أرجاء البلاد، وهاجم الإسلاميون الغاضبون من الاعتداء على اعتصام رابعة أقسام الشرطة والكنائس في مدن مختلفة وقتلوا رجال شرطة.

في المستشفى الميداني في مدخل مسجد رابعة صفت الجثث في غرف والمتطوعون كانوا يقدمون الإسعافات الأولية الأساسية بشكل محموم وفي وسط الفوض مات الكثيرون من دون علاج، أحد المصابين قال لبياض “أعرف أني سأموت، فقط أعطيني شيئاً يخفف الألم.”

وابل الغاز المسيل للدموع أجبر من يعملون في المستشفى والمصابون على الهرب إلى مستشفى  قريبة على بعد عشرات الأمتار من المسجد. ووصفت بياض كيف اندفعوا منحنين وسط إطلاق نار مكثفحتى وصلوا إلى المستشفى.

على الأرجح فإن أقوى معارك اليوم وقعت عند برج سكني تحت الإنشاء خلف المسجد. شباب ألقوا بحجارة وألعاب نارية من داخل المبنى وقالت الشرطة إن مسلحين أطلقوا عليهم النار من داخل المبنى.

بعد الظهيرة شنت الشرطة هجوماً كاسحاً على المبنى باستخدام وابل هائل من الذخيرة شارك فيه قناصة أطلقوا النيران من طائرات هليكوبتر، وفق ما قال اللواءان.

سيل الرصاصات حطم واجهة المبنى المصنوعة من الطوب وغطى المتظاهرين الراقدين على أرض الشارع بحثاً عن حماية بغبار أحمر، يقول محمد جمال وهو متظاهر بعمر 21 عاماً كان في الطابق الخامس من المبنى.

في آخر الشارع شاهد جمال رجلاً يلقي بحجارة سقط جراء طلقة “معتصم آخر حاول أن يزحف باتجاهه” يتذكر جمال “وفي اللحظة التي لمس فيها جسده أصيب بدوره.”

في النهاية، يقول جمال، اقتحمت قوات الشرطة الخاصة الطابق الأرضي وهو ما جعل المعتصمون في الأدوار الأعلى يفرون وبعضهم سقط في مرمى النيران.

ضباط الأمن الملثمون اقتحموا بعد ذلك المستشفى الميداني حوالي الخامسة مساءاً وقالوا لطاقم المستشفى “الكل إلى الخارج!” وانتشر في المكان كله لإخلاءه وأوقفوا الأطباء أثناء إجراء عمليات للجرحى بحسب ما قال عبد الرحمن الشريف، أحد الأطباء، وحمل الأطباء والممرضون من استطاعوا حمله من المصابين ولكنهم أجبروا على التخلي عن كثيرين.

فاطمة بياض قالت إنها احتجت أمام أحد الضباط لأنها لا تستطيع أن تترك أحد الجرحى، فرد عليها “الأمر بسيط، سأطلق عليك النار وسترقدين بجانبه.”

أخيراً، فُتح الممر الآمن وفي الوقت الذي تردد فيه أذان صلاة العشاء في القاهرة كان الفض انتهى.

الحصيلة النهائية كانت 624 قتيلاً وفق مجلس حقوق الإنسان الحكومي. وقال عبد الستار إن التحالف وثق 2500 قتيل وهو رقم يعلو بكثير الحصيلة التي جمعتها معاً مجموعات حقوقية مستقلة والتي تقترب من 1000 قتيل. أكثر من 100 قتلوا في فض  اعتصام النهضة وفي جميع أرجاء البلاد قتل 42 رجل شرطة من بينهم ثمانية في رابعة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى