سياسة

واشنطن بوست: لهذا ستكون “باريس” بداية النهاية لداعش (حوار)

واشنطن بوست: لهذا ستكون “باريس” بداية النهاية لداعش (حوار) مع مؤلف كتاب انهيار الدولة الإٍسلامية

واشنطن بوست – آنا سوانسون – ترجمة: محمد الصباغ

قد تمثل الهجمات المنظمة التي ضربت باريس الجمعة عصراً جديداً من النشاط الموسع للدولة الإسلامية. لو صدق زعم التنظيم بمسؤوليته عن الهجمات، سيكون أول مرة يقوم فيها بهجمات رئيسية خارج الشرق الأوسط.

وأيضاً قد يصبح الهجوم بداية النهاية للدولة الإسلامية، كما يقول الخبير في أفكار الدولة الإسلامية والجهاد، وليام مكانتس.

وفقاً لمكانتس، الزميل بمركز سياسات الشرق الأوسط ومؤلف كتاب ”انهيار الدولة الإسلامية – ISIS Apocalypse“، أنه بالرغم من أن الهجمات حفزت الدعم لفكرة غزو واسع للمنطقة التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية، خصوصاً في سوريا. لكن لو لم يكن هذا الهجوم قريباً، قال مكانتس إنه واثق من أنه على المدى الطويل سينهار حكم تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.

هذا الحوار تم تحريره من أجل التوضيح

هل تمثل هجمات باريس تحولا في استراتيجية الدولة الإسلامية؟ هل هذا النوع من الهجمات يتماشى مع أفعالهم السابقة؟

– لا، يمثّل تحولاً في طريقة استهدافهم. ركز التنظيم قبل ذلك على بناء دولة في سوريا والعراق، وشجعوا التنظيمات الأخرى على فعل نفس الشئ في أماكن أخرى بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لقد سعوا إلى تشجيع الهجمات ضد أعدائهم الدوليين الأقوياء، لكنهم لم يوجهوا الكثير من موارد عملياتهم إلى هذا الحد. ركزوا على البناء، بدلاً من القيام بعمليات في الخارج. لذلك الهجوم على الطائرة الروسية وهجوم باريس، لو تم تنفيذهما بتعليمات من قيادة الدولة الإسلامية المركزية، سوف يمثل تحولاً كبيراً.

هل هناك شكوك في أن الدولة الإسلامية هي المسؤولة عن الهجمات؟

– السؤال الأساسي هنا بالنسبة لي ليس ما إذا كان موالين للتنظيم بطريقة ما قد فعلوا ذلك، لكن إلى إي مدى وجّه التنظيم المركزي في سوريا والعراق إلى ذلك. لأن الأمر مختلف، فالمؤيدين الذين ينفذون هجمات باسمك بالخارج مختلفين عن هؤلاء الذين تقوم بتدريبهم وتمويلهم وتوجيههم. يشير التقدم التقني للهجمات إلى أنها تمت بإشراف تنظيم الدولة المركزي، لكننا لن نتيقن من ذلك أعتقد قبل بعض الوقت.

في رأيك، هل فشلت الاستخبارات الأوروبية في هذه الحالة؟

–  الأوروبيون جيدون في رصد الأنشطة التخريبية في بلادهم، لكن حجم المشكلة هائل. فليس عليهم فقط تعقب المتشددين المحليين، بل عليهم أيضاً أن يكونوا يقظين تجاه أي شخص قد يتسلل عبر حدودهم. وقد يوسع بالفعل ذلك من مجال عمل الاجهزة الأمنية لمدى  ربما لا يستطيعون فيه رؤية كل تهديد. تخميني هو أن شئ كهذا حدث هنا، يتابعون الكثير من الأفراد وليس لديهم موارد كافية لتعقب الجميع.

هل ترى أن ذلك إشارة ضد تدفق اللاجئين إلى أوروبا؟ هل الحدود المفتوحة تمثل قلقاً أمنياً؟

– بالفعل تمثل قلقاً أمنياً. كيف لا تكون كذلك، عندما يقوم بعض الناس بالعبور خلال الحدود؟ لكنه أيضاً أمراً إنسانياً. أغلب هؤلاء الناس هاجروا بسبب نوع الأشخاص الذين نفذوا الهجمات في باريس. الأمر به توازن دقيق ويجب أن تتصرف وفقه تلك الحكومات، ضامنين الأمان لمواطنيهم مع أيضاً تأمين حق اللجوء لمواطنين تلك الدول الأخرى.

ما علاقة الهجوم في باريس بما يحدث في سوريا والعراق؟

– خلال العام الماضي وصل القتال مع تنظيم الدولة الإسلامية إلى مرحلة الجمود. فقد التنظيم في سوريا والعراق فقط حوالي 25% من الأراضي التي يسيطر عليها. بالرغم من قصفه بشكل متكرر بواسطة الطائرات ومع وجود المليشيات التي تقاتله على الأرض. وبالطبع أيضاً هناك التزام روسيا التام لدعم نظام الأسد. أصبح على الدولة الإسلامية اتخاذ قرار. هل تستمر في محاولة الحفاظ على توازنها على الأرض، وتوسعة حدودها، أم الأفضل أن تستثمر بعض مواردها المالية والبشرية في ردع أعدائها الدوليين ومنع هجومهم، وعمليات توغلهم في الدولة الإسلامية. يرون أن تلك الهجمات التي تنفذ بالخارج جزء من ترسيخ سيطرتهم على مناطقهم في سوريا والعراق.

لكن يبدو أن الهجوم حفّز الناس في الغرب ربما على القيام بهجمات أكثر شدة ضد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق، والذي قد يمثل تهديداً لمناطقهم؟ هل لا تعتقد الدولة الإسلامية أن الهجوم سيثير رد فعل؟

– هذا سؤال هام، وسؤال لن نكون قادرين على الإجابة عليه لفترة طويلة، أو إلى الأبد. لم نعرف الهدف من وراء هجمات 11 سبتمبر بالرغم من مرور عديد السنوات، على سبيل المثال. هذه النقاشات الداخلية التي تشكل تحولاً كبيراً في الاستراتيجية، ليس لدينا رؤية كافية لها. وبالتالي، لا نعرف ما الذي تحاول الدولة الإسلامية دفع أعدائها إلى فعلها بتلك الاستفزازات. الطريقة المثالية هي أن تنتظر حتى تحصل على تلك المعلومات، لكن ربما تنتظر لسنوات. وتلك الدول لن تتراجع في الوقت الذي يتم مهاجمتها فيه حتى تكتشف ما الذي تريده الدولة الإسلامية بالتحديد.

هل لا تشير وسائلهم الدعائية أو بياناتهم إلى أي ما قد يكون هدفهم الحقيقي؟

– لا، لأنهم قالوا كلا الشيئين. قالوا أشياء مثل، أسقطوهم، نحن في حرب مع العالم. ومن جانب آخر، تحدثوا عن تلك الضربات كردع للعدوان المتواصل. لذلك لا يتضح من دعايتهم ما الذي يهدفون إليه من تلك الهجمات. فتنظيم كهذا، يقوم بتنفيذ هجمات من أجل إيصال رسالة. ولو جاءت غامضة، فالمشكلة هي أن أعدائك قد يقومون برد فعل بطرق لا تريد منهم القيام بها. يجب أن يجعل التنظيم الأمر واضحاً، يضع بيانات حول الهجمات، يجب أن تكون واضحة، لكنها لم تكن كذلك. في تقديري أنهم يرزن تلك الهجمات كردع، لكنهم أخطأوا في تقديراتهم، وسيؤدي ذلك إلى تحفيز المجتمع الدولي من أجل زيادة جهوده لتدمير التنظيم في سوريا والعراق.

ما التأثير الذي قد تتركه هجمات باريس على السياسة الخارجية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبية؟

– أعتقد أن ذلك سيزيد من الدعم لفكرة غزو واسع للأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية، وخصوصاً في سوريا. لكن ليس من الضرورة أن يكون ذلك هو الحل الأفضل، لأن هذا النوع يأتي مع مشاكله. لكن أعتقد ان القادة السياسيين سوف يكون باستطاعتهم القيام بتصرفات كانت محظورة بسبب السياسات الداخلية. ففي أوروبا والولايات المتحدة، لا يوجد دعم كبير لفكرة إرسال قوات على نطاق كبير إلى الشرق الأوسط. يدور في مخيلة الجميع حرب أفغانستان، على الأقل في تلك الدولة، لم يكن هناك الكثير من الدعم الشعبي لتدخل عسكري كبير. وهجمات مثل التي حدثت في باريس قد تزيد من هذا الدعم.

ما هو بالتحديد نوع المشاكل التي قد يسببها غزو المناطق التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية؟

– بالطبع تؤدي إلى وفاة مواطنينا، مع ذهاب جنودنا للقتال هناك. ويزيد ذلك من الضغوط السياسية لإعادة تلك القوات إلى الوطن، لذلك لا يكون لديهم الوقت الكافي للقيام بمهمتهم. لكن أيضاً، الغزو بأعداد كبيرة من القوات، سيقضي على سيطرة الدولة الإسلامية، لكنك تترك الحكومات الأخرى بالجوار في مواجهة المشاكل التي نتجت عن الدولة الإسلامية بالمقام الاول. المشكلة الرئيسية هي الحرمان من الحقوق والغضب من المجموعات العربية السنية التي تعيش في شرق سوريا وغرب العراق. وحتى تصل الحكومات المركزية في سوريا وبغداد إلى تسويات معهم، ستظل المنطقة أرض خصبة لنمو تنظيمات كالدولة الإسلامية.

قلت في السابق إنك واثق من أن الدولة الإسلامية في العراق وسوريا إلى زوال. لم كل تلك الثقة؟

– أنا واثق لأن كل مثال واجهناه من قبل لقيام دويلة جهادية، ينتهي الأمر بزوالها لأنها تعادي دائماً دولة اجنبية قوية. التنظيمات الإرهابية الدولية سواء كانت صادقة في خطاباتها أم لا، تهدد الدول الأجنبية الكبرى. وبالتالي تقرر الدول القوية أنهم سيكونون بوضع أفضل مع عدم وجود تلك الدويلات، ويتخلصون منها. على سبيل المثال، كما حدث مع حركة  طالبان والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، والقاعدة في المغرب العربي شمال مالي، وجماعة الشباب في الصومال.  كا تلك التنظيمات أداروا بطريقة سيئة وكانوا وحشيين، لكن لم يكن ذلك سبب فشلهم. فشلوا لأنهم عادوا دولاً أجنبية قوية قررت إخلاء الساحة منهم. والآن تنظيم الدولة الإسلامية يستفز دولتين قويتين جداً بالهجوم على المدنيين الروسيين والفرنسيين، وقد يكون ذلك الأمر بداية نهايتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى