اقتصاد

في ظل السقوط السريع لليرة التركية.. هذه الخيارات الأكثر ترجيحًا أمام أردوغان

أزمة العملة التركية

المصدر-  The Financial Times

BY: Jonathan Wheatley

ترجمة- إسراء رمضان

أعرب المستثمرون في تركيا مؤخرًا عن مخاوفهم بعد أن فقدت الليرة التركية أكثر من 30% من قيمتها مقابل الدولار هذا العام 2018، وإزاء استمرار سقوط العملة والانحدار المدوي لقيمة الليرة، فإن أحد أبرز الأسئلة المطروحة بشأن تلك الأزمة كالتالي:

ما الذي يمكن أن تفعله الحكومة لإيقاف تدهور العملة؟

حاولت صحيفة The Financial Times البريطانية، وضع السيناريوهات المطروحة أمام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لوقف هذا النزيف في تقرير نشرته، حددت من خلاله 5 إجراءات من شأنها تحسين قيمة الليرة في ما لو أقدمت الحكومة التركية على تطبيقها:

1- رفع أسعار الفائدة

أشارت الصحيفة إلى أن أكثر ما يثير قلق المستثمرين، هو رفض البنك المركزي رفع أسعار الفائدة، حتى مع وصول التضخم إلى مستوى أكبر من 15%. ولفتت إلى وجود شكوك لدى المستثمرين منذ سنوات في استقلالية البنك المركزي؛ إذ انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أسعار الفائدة المرتفعة، وممارسة الضغط المبهم في ما يخص مسألة سعر الفائدة. وتعمَّقت تلك المخاوف في مايو الماضي حين تعهَّد أردوغان، الذي كان يزور لندن وكان من المتوقع أن يُطمئن الأسواق، بالسيطرة بصورة أكبر على السياسة النقدية، وأعلن أنَّ أسعار الفائدة المرتفعة سبَّبت التضخم بدل أن تعالجه، وعزَّز فوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في يونيو الماضي من نفوذه في السلطة.

والشهر الماضي، أبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير. وقال ويليام جاكسون، وهو اقتصادي خبير بالأسواق الناشئة بشركة Capital Economics للاستشارات الاقتصادية في لندن، إنَّ رفع سعر الفائدة ربما يكون مطروحا، لكنَّه لن يكون حلاً دائماً، مضيفا أن السقوط الأخير لليرة اتّبع نفس المسار الذي قاد إلى الارتفاعات الطارئة في الماضي، والسؤال المطروح هو ما إن كان أردوغان سيسمح برفع أسعار الفائدة أم لا. وتساءل أيضا حول ما إن كان مثل هذا الرفع لأسعار الفائدة سيكون فعَّالاً، وأشار إلى أنَّنا كان لدينا ارتفاع في مايو الماضي، وبعد أشهر قليلة نجد أنفسنا في نفس الوضع.

2- اللجوء لصندوق النقد الدولي

أما الإجراء الثاني.. على تركيا السعي للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي، مثلما فعلت الأرجنتين في يونيو الماضي. لكن هذا سيتطلَّب من تركيا الموافقة على أو طرح، وهو خيار أفضل، برنامج اقتصادي لسياسات مالية ونقدية مُشدَّدة، وليست هناك إشارة تُذكَر على أنَّ هذا سيتحقق، وفقا للصحيفة البريطانية.

فبعد فوزه في الانتخابات، عيَّن أردوغان صهره بيرات البيرك كأعلى مسؤول مالي في الحكومة، ليحل محل محمد شيمشك الذي يحظى باحترامٍ واسع. ومن المتوقع أن يعلن البيرك، الذي يتولى وزارة المالية، خطة اقتصادية جديدة، ولكن الخوف أن لا تفعل الخطة الكثير لمعالجة التضخم أو العجز الكبير الذي تعانيه تركيا.

وقالت جين فولي، وهي استراتيجية في شركة الخدمات المالية والمصرفية الهولندية Rabobank، إنه ليس من المستحيل أن تستجيب تركيا، فطالما افتخر أردوغان بحقيقة أنَّ تركيا لم تتبع أي برنامج لصندوق النقد الدولي منذ بداية حكمه من 15 عاما، وهو تطور ينظر إليه باعتباره استعادة لسيادة البلاد.

3- التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة

أحد الأسباب التي أدت لتدهور قيمة الليرة، التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن احتجاز أنقرة للقس الأمريكي أندرو برانسون، والذي تتهمه تركيا بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة عبر تعاونه مع منظمة فتح الله كولن. وعليه، فرضت أمريكا عقوبات على وزيري العدل والداخلية التركيين، وردّت أنقرة بالمثل. وزار وفدٌ تركي واشنطن هذا الأسبوع في ما نُظِر إليه باعتباره محاولة لإيجاد حلٍ يحفظ ماء الوجه، لكن لم تحقق الزيارة أي انفراجة.

4- ضوابط رأس المال

بإمكان تركيا محاولة وقف تراجع الليرة عن طريق منع تدفقات رأس المال من البلاد إلى الخارج، لكن من المستبعد أن يكون ذلك خياراً قابلاً للتطبيق.

ونقلت صحيفة “الفايننشال تايمز” عن جاكسون من شركة Capital Economics، قوله إنَّ الضوابط على رأس المال تعمل كأفضل ما يكون حين يكون لدى الدولة رقابة مُحكَمة على القطاع المالي، ويكون الهدف وقف إرسال الأموال للخارج، كما في الصين. ولكنه أوضح أن معظم التدفقات التركية هي من جانب أجانب مُقرِضين أو مستثمرين في البلاد، ولن تمنع ضوابط رأس المال إلا أي إقراض جديد فقط.

5- أخيرا.. الانتظار حتى مرور الأزمة

تقول الصحيفة البريطانية إن المحللين رأوا أن هذا هو الخيار الأكثر ترجيحاً حاليا.

ويقول جاكسون إنَّه بالرغم من التضخم المرتفع وعجز الحساب الجاري المستمر، لا يزال عجز الموازنة التركية، الذي يعادل 2% من الناتج المحلي الإجمالي، قابلاً للإدارة.

وأضاف: “حتى لو بقيت السياسة المالية متدهورة، فلن تثير القلق بشأن قدرة تركيا على سداد ديونها، المشكلة هي أن تلك السياسة الفضفاضة ستزيد الطلب وتسبب مزيدا من التضخم في المستقبل”. مشيرًا إلى أنَّ تركيا في الوقت الراهن، تأمل في نمو أبطأ من شأنه تخفيف الضغط على المالية العامة، وبالفعل، تتوقع وزارة المالية نمو الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل بين 3 و4%، وذلك بعد متوسط نمو بلغ 7%.

ويسلِّط محللون الضوء على عبء الشركات التركية من الديون المقومة بالعملة الأجنبية، التي يصبح سداد خدماتها أصعب تدريجيا في ظل تراجع الليرة، إذ قال البنك المركزي التركي في آخر تقاريره الدورية إن إجمالي ديون الشركات التركية غير المالية من النقد الأجنبي بلغ 337 مليار دولار في مايو الماضي. وحذَّرت فولي من أنَّ عدم الإقدام على اتخاذ فعل لن يؤدي إلا لمزيدٍ من بيع الليرة والأصول التركية الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى